محمد بخيت يعمل نحّالا، يخصص معظم وقته لرعاية أكثر من ألف خلية نحل في مديرية حرض بمحافظة حجة.
يواجه محمد بخيت والمئات من مالكي مزارع النحل في شمال غرب اليمن صعوبات عدة، بسبب الحرب الدائرة في البلاد.
يقول بخيت الذي ورث مهنة تربية النحل عن أبيه، إنه يعمل نحالا منذ عشر سنوات، غير أنه لم يعان طيلة السنوات الماضية مثل ما عانى هذا العام.
هلاك النحل
يبدأ محمد بسرد معاناته والمئات من النحالين في هذه المناطق قائلا: "بدأ النحل يهلك. مهنة تربية النحل في هذه المناطق تواجه صعوبات جمة: أبرزها عدم قدرة النحالة على نقل النحل إلى مناطق الرعي بالإضافة إلى خطورة التنقل في المناطق التي دارت فيها المعارك بسبب الألغام."
وفيما بلغ 14 مليون ريال يمني (نحو 56 ألف دولار) مردودُ ما جناه بخيت من العسل العام الماضي (صُدِّر معظمه إلى بلدان الخليج)، لم يجن شيئا يُذكر من موسم العسل هذا العام بسبب عدم السماح للنحالين بالانتقال بنحلهم إلى مواطن الرعي في حيران وميدي وحرض وبني حسن في عبس، جراء ما يفرضه مسلحو ميليشيات الحوثي من حصار أهلك كذلك أعدادا كبيرة من النحل.
ويحتاج النحل إلى التنقل والترحيل إلى مناطق بعينها، يُفسر بخيت قبل أن يُضيف أن الخيارات الآن أصبحت قليلة جدا: "في مناطق إقامتنا هنا تنعدم مراعي النحل فيما تلك المناطق المحاصرة تمثل موطن الامتياز لخصوبة النحل في اليمن . فإلى هناك كان يأتي النحالون قبل سنوات الحرب، من كل البلاد في موسم الخصوبة وتكاثر النحل. يخيّمون في هذه المناطق مدة محددة؛ لأن الرعي موسم واحد فقط من كل عام."
في ظل الحرب
النحال موسى محمد خوري، وهو من منطقة حيران (من مُديرية حجة أقصى شمال غربي اليمن)، يُمارس هذه المهنة منذ ثماني سنوات وهو يُوافق زميله بخيت الرأي مؤكدا أن هذه التجارة التي كانت تُدر عليهم دخلا مُعتبَرا قبل اندلاع الحرب، بدأت تبور في الآونة الأخيرة.
ويُفصل خوري في العراقيل التي سببت هذا التراجع في المردود فيقول إنهم باتوا غير قادرين على الوصول إلى شجرة السدر (التي تساعد النحل في إنتاج عسل السدر). ومردُّ ذلك أن وجودهم في حيران جعل من الصعب عليهم الانتقال بين خطوط التماس، إما بفعل الحواجز الأمنية أو جراء الألغام المزروعة التي "لا نستطيع رؤيتها، قبل وقوع الكارثة."
وللسبب نفسه عزف تجار العسل أيضآ عن الوصول إلى النحالين الذين يُحصَرون عمليا في مناطقهم. ويقول خوري في هذا الصدد: "لدي كميات من العسل لكنني لا أجد سوقا أبيع فيه عسلي. وإذا ما عزمت على التنقل في هذه المناطق لا أجد من يغامر ويحملني معه في سيارته خشية الألغام. فالألغام مستشرية في أرض حيران وفي المراعي التي يتغذى عليها النحل."
يوسف إبراهيم عتين الذي يُمارس مهنة النحالة منذ صغره، يُجمل مُعضلة النحالين في هذه المنطقة. فبالإضافة إلى ما يصدر عن الحواجز والخطوط الأمنية من ضوء يُحدث خللا في الدورة الطبيعية للنحل ويخرجه من مكامنه، باتت هذه الحواجز والخطوط حجر عثرة أمام النحالين قبل موسم "العرج" وبعده.
فقبل الموسم، لا يستطيع النحالون التنقل بنحلهم إلى حيث تزدهر السدرة بسبب الألغام. وبعده لا يستطيعون حمل بضاعتهم إلى الأسواق جراء الحواجز الأمنية وما يتبعها من إتاوات ومُضايقات.