موسى في الرواية الحكومية!
الساعة 12:25 ص

يستطيع المال أن ينقلك من دولة إلى أخرى بيد أنه لا يستطيع أن ينقلك إلى الأماكن المتخيلة كما يفعل الأدب.
 لا يستطيع مليارديرات العالم أن يصلوا إلى الفرعون رمسيس الثاني كما وصلت، هذه سابقة يتعذر عليهم الحصول عليها.
لن أطيل عليكم فسأكشف لكم عن قصة موسى في الرواية الرسمية الحكومية.
لماذا تم مطاردة موسى؟
ولماذا تصرف رمسيس الثاني ذلك التصرف الأرعن؟
ألم يكن بمقدوره احتواء موسى والتقارب معه بدلا من مطاردته والدخول معه في مهاترات غير محسوبة العواقب؟
هذه الأسئلة وغيرها طرحتها على الفرعون رمسيس الثاني في لقاء خاص جمعني  به مؤخرا في حضرة غيابه.
قال لي: ما تسمعه غير ما تعيشه.
تخيل، أنك كنت فرعونا لمصر!
قضيت ردحا من عمرك تؤسس لنظام يحفظ أمنها ويجمع متنافرها، أقنعت الناس بأنك ربهم الأعلى؛ لتشعرهم بالرهبة والجلال كي تستتب الأمور، وتستقر الحياة، ثم تعلم من مصادرك الخاصة بأن هذا النظام القوي سيكون نهايته على يد رجل من بني إسرائيل.
تخيل!
من بني إسرائيل!
من أولئك الذين فتحنا لهم ديارنا، وأطعمناهم بعد جوع، سيخرج من أصلابهم من يعبث بملكك وملك أجدادك.
قررت أن أجفف نسلهم، فظفرت بموسى وهممت بذبحه لولا تدخل آسيا بنت مزاحم.
 حاولت أن أجعل منه رجل دولة يساعدني في تسيير شؤون الناس، ويكون الرجل الثاني في ذلك النظام.
لكنه تنكر لذلك كله، فقتل أحد رجالي وخرج من مصر هاربا، وبعد عشر سنوات يعود إلي لا ليعتذر  ولكن ليحرجني أمام علية القوم ووجاهات الأمة، قائلا:
أنت لست ربنا الأعلى
تخيل، بعد كل مافعله، كنت أنتظر منه أن يعود معتذرا إلا أنه عاد بدين غريب، يهدف إلى إرباك المشهد، وإحداث شرخ في المجتمع.
 أخرج يده من جيبه بيضاء ليشعر الناس بأن ربكم لا يستطيع أن يفعل فعلي.
تداركت الموقف وبينت للحاضرين أن ما يقوم به سحر يستطيع سحرتي أن يأتوا بما هو أعظم منه، فحددنا يوم الزينة لنا موعدا.
بذلت أمولا طائلة للسحرة، وفي اللقاء سحر عقولهم ليستدرجهم إلى صفه، فيوقعني في الحرج ثانية أمام الملأ.
تخيل كيف ستكون مكانتك في عيون الناس؟!
ففي كل موقف كان يخيب ظني، ويسقط قدري أمام الحشود الهادرة.
ماذا سيقول الشعب عن فرعونه؟
أعجزه صبي رباه في قصره؟!
قررت ملاحقته بعيدا عن إجراءات العدالة لأختصر الطريق خوفا على مصر، وحرصا مني على وحدة الأمة.
لاحقته حتى البحر الأحمر، وهناك أحسست بأن الأمر على غير مايرام،
آمنت به كإجراء يسهم في احتواء الأزمة، غير أن الحظ لم يسعفني فكانت الخاتمة كما علمتم.
 هذه خلاصة تلك الأحداث التي دارت مع موسى.
فكثير من الناس يشبهني غير أنهم لم يخضعوا لمثل تلك الظروف التي عشتها.

قلت في نفسي: لماذا تختلف الحقيقة دائما في الرواية الرسمية؟! 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً
كاريكاتير يجسد معاناة سكان تعز جراء الحصار
اتفاق استوكهولم
صلاة الحوثيين
الإغتيالات في عدن