قال تقرير صادر عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، إن قطاع الرواتب العام في اليمن سجل تضخماً كبيراً، بعد أن أضافت الحكومة وجماعة الحوثيين آلاف الأسماء إلى قائمة الرواتب، لا سيما في الجهازين العسكري والأمني.
وأشار التقرير إلى إن التوظيف المتفاقم في القطاع العام شكل ضغطاً على ميزانية الدولة قبل النزاع، لتستهلك ما يمثل في المتوسط 32% من الإنفاق الحكومي كمرتبات وأجور بين عامي 2001 و2014.
وبحسب التقرير فإن ذلك نتيجة تراكمية لسوء إدارة سياسات التوظيف والفساد الإداري، إذ تضمنت كشوفات الرواتب عدداً كبيراً من الأسماء الوهمية ومزدوجي التوظيف، وحصل قادة عسكريون وأمنيون على امتيازات مالية وعينية.
ويواجه اليمن عجزاً كبيراً في الموازنة العامة، والذي قدّر بـ 660 مليار ريال يمني عام 2018، أي ما يعادل 1.24 مليار دولار أمريكي.
وبحسب التقرير فإن رواتب القطاع العام تمثل 39.33% من النفقات المقدمة في الباب الأول من موازنة الحكومة لعام 2019، ولا يشمل ذلك نفقات الحكومة على الهيئات والصناديق الأخرى التي هي من خارج الباب الأول.
وأوضح بأن حجم الانفاق لقطاع الرواتب العام ارتفع من 977 مليون ريال في ميزانية 2014، إلى مليار و223 مليون ريال في ميزانية 2019، رغم أن الحكومة لم تدفع إلا لنحو نصف الموظفين فقط.
ولا يزال نحو نصف مليون موظف في صنعاء ومناطق الحوثيين من دون رواتب منذ نحو عامين ونصف، بينما تدفع الحكومة رواتب موظفي الدولة في مناطقها شهرياً وبانتظام، بينهم نحو نصف مليون من العسكريين، ما أدى إلى تضخم فاتورة الرواتب.
ومطلع العام الجاري، حثّ صندوق النقد الدولي، خلال الشهر الحالي، الحكومة اليمنية على اتباع سياسات اقتصادية أفضل، وأن تحقق تحسناً في تحصيل الإيرادات وتكثف جهودها للسيطرة على الإنفاق وترشيده، ولا سيما الإنفاق على فاتورة أجور القطاع العام.
أزمة جديدة
وكون البنك المركزي توقف عن دفع الرواتب لموظفي الخدمة المدنية في أغسطس 2016، فإن ذلك قلّل حجم الأزمة حالياً، وفي حال استئناف دفع الرواتب -وهي أولوية ملحة للمساعدة في تخفيف الأزمة الإنسانية -فإن ذلك سيشكل أزمة.
ووفق تقرير مركز صنعاء فإن استمرار هذا الوضع يهدد بتقويض أي انتعاش اقتصادي أو استقرار مستقبلي متوقع في اليمن.
توصيات
وقدم التقرير توصيات لتخفيض فاتورة رواتب القطاع العام، تتعلق بأن تقوم الحكومة بإجراء تقييم لتقدير الزيادة التي حدثت في سجلات الرواتب.
وحث على إعادة دمج المقاتلين السابقين في الحياة المدنية، حيث أنهم إذا تركوا مسلحين وبدون مرتبات، قد يعرقلوا أي عملية سلام، ولن يكون من الممكن مالياً استمرار استيعابهم في الجيش والأمن بعد انتهاء الصراع.
وأشار إلى ضرورة أن يُقدم لهم خيارات مطمئنة، وفي حال لم يتم ادماج بعضهم ضمن الرواتب، يتم دمجهم وتشغيلهم في جهود إعادة الإعمار والتأهيل بعد انتهاء الصراع، وتدريبهم مهنياً بما يتوافق مع احتياجات سوق العمل.
وأكد التقرير على الحد من الفساد الإداري من خلال نظام البصمة الإلكترونية لتحديد هوية جميع الموظفين.
وأوصى التقرير بإجراء إصلاحات متوسطة إلى طويلة الأجل لخلق قطاع عام فعال ومستدام من الناحية المالية، بما في ذلك فحص حسابات الخدمات العامة وتخفيض حجم الرواتب عن طريق خفض عدد العاملين وتطوير إجراءات توظيف تتسم بالشفافية.