ي أحد أسواق صنعاء القديمة، يقف بائع التوابل اليمني خلف البضائع التي عرضها في الركن المخصص له، في انتظار الزبائن أو الزبونات تحديداً. يطول انتظاره مثلما يطول انتظار البائعين الآخرين في السوق القديم وفي غيره من الأسواق... هؤلاء الذين يأملون بالاستفادة من شهر الصيام.
صورة هذا البائع الستيني التُقطت عشيّة شهر رمضان، علماً أنّ الحركة تنشط عادة قبيل هذا الشهر في الأسواق اليمنية كما في أسواق كلّ البلدان التي تحتفي به، لا سيّما تلك التي تعرض المواد الغذائية. في ظلّ الظروف المأزومة في البلاد، الأولويّة تبقى لمائدة الإفطار، بالدرجة الأولى، وكذلك للسحور. ثمّة صور أخرى التقطها مراسل وكالة "فرانس برس" نفسه، لمتسوّقين ومتسوّقات في هذا السوق، غير أنّ الحركة تبدو خجولة جداً فيها.
بعد أربعة أعوام من الحرب الدائرة في اليمن، والمتنقّلة في أنحاء مختلفة منه، يبدو الناس منهكين. منهكون هم من الأوضاع المعيشية المتردية التي تخنقهم وتفاقم معاناتهم عموماً، ومن النزوح الذي أرهق كثيرين منهم، ومن الخسائر المادية والبشرية التي خلّفتها الحرب في وسطهم، ومن الأعمال العسكرية المستمرة، ومن الأمراض لا سيّما الكوليرا. فيحلّ شهر رمضان في ظروف لا تشجّعهم كثيراً على الاحتفال، غير أنّهم ما زالوا يأملون بفسحة ما للترويح عن أنفسهم، لعلّها هذا الشهر الفضيل مع عاداته وتقاليده وطقوسه الاجتماعية والدينية.