أثار وصول المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، الثلاثاء، العاصمة صنعاء، في زيارة هي الثالثة له في أقل من شهر، والسادسة منذ كانون الثاني/ يناير الماضي، للمدينة الخاضعة لسيطرة "الحوثيين"، تساؤلات حول دور الرجل، ودلالة هذه الطرفة من الزيارات التي لم تغير شيئا فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق ستوكهولم، الذي مضى عليه أكثر من شهرين.
وتأتي زيارة غريفيث بعد أكثر من أسبوع من زيارة مماثلة، حيث وصل، في 17 شباط/ فبراير الجاري، إلى صنعاء، في سياق جهوده لإنقاذ اتفاق السويد، الذي فشل حتى الآن في تطبيقه على الواقع.
والتقى المبعوث الأممي، الثلاثاء، عقب وصوله صنعاء، وفقا لوكالة "سبأ" بنسختها الحوثية، بوزير خارجية حكومة الحوثيين، غير المعترف بها، هشام شرف، تم التباحث حول الجهود والمساعي لتنفيذ اتفاق ستوكهولم، كما هو المعتاد في الزيارات السابقة.
وحسب الوكالة الحوثية، فإن المبعوث الدولي أوضح أن فرص السلام وإنهاء العمليات العسكرية ورفع الحصار ما تزال مرتفعة، ويجب الاستفادة من الزخم الدولي الرامي لمعالجة الأزمة الإنسانية التي يشهدها اليمن. مؤكدا أن الحل السياسي السلمي في اليمن هو مفتاح هذه المعالجة.
إنقاذ ورفع الحرج
وفي هذا السياق، رأى الصحفي اليمني، طلال الشبيبي، أن زيارة المبعوث الأممي إلى صنعاء جاءت لإنقاذ إخفاق رئيس لجنة المراقبين الأمميين لوقف إطلاق النار في الحديدة، مايكل لوليسغارد، بعد فشله في تنفيذ إعادة الانتشار بالمدينة وموانئها.
وأضاف في حديث لـ"عربي21"أن الزيارة محاولة لرفع الحرج عنه، بعد تأجيل ثان من قبل الحوثيين للانسحاب الجزئي -الذي كان متوقعا- من ميناءي الصليف ورأس عيسى في مدينة الحديدة أمس الاثنين، إلى يوم الخميس.
وأشار الشبيبي إلى أنه رغم مضي قرابة 80 يوما على اتفاق السويد في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، الذي رعته الأمم المتحدة، لم يحرز مبعوثها أي تقدم فيما يتعلق بتنفيذ تلك الاتفاقات، خصوصا ملفي الانسحاب من الحديدة، والأسرى والمختطفين، رغم زياراته المتكررة إلى صنعاء للقاء الحوثيين.
وأردف قائلا: كل زيارات غريفيث إلى صنعاء تعدّ "محاولات لإنقاذ الاتفاقات التي خرجت بها مشاورات ستوكهولم، والتي أصلا سيكتب لها الفشل؛ نظرا لتعنت الحوثيين.
تفادي الفشل
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، إن زيارة غريفيث الثالثة لصنعاء خلال أقل من شهر، تشير بوضوح إلى أن العراقيل التي تواجه تطبيق تفاهمات ستوكهولم مرتبطة بالحوثيين وليس بالطرف الحكومي.
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن الدبلوماسي الأممي يريد تفادي الفشل الوشيك في الحديدة، الذي سيقضي على مهمته الدبلوماسية العصيبة في اليمن.
لكنه استدرك قائلا: غريفيث يتجنب الحديث عن العراقيل التي يضعها الحوثيون أمام الجهود الأممية.
وحسب التميمي، فإن زيارة المبعوث الأممي إلى صنعاء مجددا تعكس مخاوف أطراف دولية راهنت على تفاهمات ستوكهولم في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية، وتأسيس مسار جديد للحل السياسي بمرجعيات جديدة.
وأكد أن هذا التوجه يتعرض للفشل والانسداد، بسبب عقدة الانسحاب من الحديدة التي تسيطر على تفكير الحوثيين.
وذكر السياسي التميمي أن مبعوث الأمم المتحدة يخوض مفاوضات ثنائية، طرفها الآخر إلى حد ما " الحكومة" التي تغيب عن تقرير مصير الحديدة، فيما يناور الحوثيون في محاولة للهروب من استحقاق الانسحاب أو تعطيله وإفشاله.
وتوقع أن غريفيث لن يعود بنتيجة مفيدة من زياراته المتكررة لصنعاء إلا بالمزيد من التسويف.
دور مكمل
من جانبه، أكد الكاتب والباحث السياسي اليمني، عادل الأحمدي، أن مارتن غريفيث فشل في التقدم خطوة واحدة في اتفاق ستوكهولم.
وقال في حديث لـ"عربي21" إن غريفيث لم يفلح سوى في إيقاف مد الشرعية التي كانت على وشك تحرير الحديدة، وإنهاء معاناة المدنيين فيها، على حد قوله.
وأشار الأحمدي إلى أن الاعتقاد يتفاقم يوما بعد آخر بأن المبعوث الأممي يقوم بدور مكمل لدور جمال بن عمر -المبعوث الأسبق للبلاد- الذي وصفه بـ"العراب الأممي للزحف الحوثي باتجاه صنعاء، خريف العام 2014"، وفق تعبيره.
وكان وزير الخارجية اليمني، خالد اليماني، حذر يوم الاثنين من فشل اتفاق ستوكهولم الخاص بمدينة الحديدة (غربي البلاد)، إثر تنصل جماعة الحوثي من الانسحاب من ميناءي الصليف ورأس عيسى، بناء على اتفاق جزئي رعته الأمم المتحدة، الأسبوع الفائت.