أقر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، نقل مقراللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، مع إلغاء كافة القرارات والتنقلات التي أجراها الحوثيون على اللجنة خلال الفترة الماضية .
ونص القرار ذاته على أن تمارس اللجنة أعمالها ومهامها من عدن، على أن تقوم الحكومة بتوفير كافة التسهيلات المالية والإدارية لها ، كما تضمن القرار ذاته التحقيق مع القضاة الذين قبلوا العمل في اللجنة بقرارات حوثية ، فضلاً عن تكليف النائب العام بإجراء تحقيق جنائي مع من أصدر تلك القرارات المنعدمة .
وجاء القرار بعد أيام من إعلان الحوثيين عزمهم إجراء انتخابات برلمانية لملئ المقاعد الشاغرة داخل مجلس النواب، وفقًا لوكالة الأنباء الخاضعة لسيطرتهم بصنعاء .
ويبدو أن الحكومة الشرعية تسعى من خلال قرارها إلى سحب بساط أي شرعية تحاول الميليشيات الحوثية إضفاءها على الانتخابات البرلمانية المرتقبة، لاسيما وأنهم أجروا تعديلات جديدة على اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء في شهر سبتمبر / أيلول من العام الماضي .
وأصدر حينها الرئيس اليمني توجيهات بعدم قبول القضاة المعينين من قبل الحوثيين في اللجنة ، كما وجه مجلس القضاء الأعلى بالتحقيق فيما صدر من جماعة الحوثي وتكليف النائب العام بالتحقيق في ذلك ، بالإضافة إلى تكليف وزارة الخارجية بمخاطبة مجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات العقابية ضد الحوثيين ، كما طالب الأمم المتحدة والمنظمات الداعمة والمهتمة بالشأن الانتخابي، باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على ممتلكات ووثائق ومقدرات اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء.
تنازع الشرعية والحوثيين
ويرى كتاب ومحللون سياسيون أن قرار نقل اللجنة العليا للانتخابات لا يحمل أهمية كبيرة شأنه شأن قرار سابق بنقل مقر البرلمان إلى عدن، وأوضحوا أن التنازع الحاصل بين الشرعية والحوثيين حول مؤسسات ومرافق الدولة أفقدها أهميتها وزخمها وهيبتها التي باتت منقسمة بين صنعاء وعدن.
حيال ذلك، لفت المحلل السياسي صلاح السقلدي، إلى أن “هذا القرار أتى على خلفية الخطوات التي يعتزم الحوثيون القيام بها والهادفة إلى إجراء انتخابات برلمانية تكميلية بالدوائر الشاغرة في المناطق التي تسيطر عليها الحركة وحزب المؤتمر الشعبي العام، جناح صنعاء”.
وقال السقلدي لـ “إرم نيوز” إن “هذه الخطوات تمت على خلفية الصراع المستعر على مجلس النواب بين الحوثيين والسلطة الموالية للرئيس هادي التي تسعى إلى عقد جلسة للبرلمان في عدن أو المكلا أو ربما في الرياض، وهي الخطوة التي فشلت فيها السلطة مرارًا رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها معها السلطات السعودية دون جدوى جراء التوتر الذي ستخلفه في الجنوب الرافض لها”، حسب رأيه.
وتابع السقلدي أن “سلطة هادي التي أخفقت بنقل البرلمان من صنعاء تحاول فعل ذلك لحاجتها لشرعية البرلمان الذي ما تزال سلطته ومؤسسته سلطة دستورية شرعية بيد الحوثي لم تستطع حكومة هادي سحبها منها”، على حد قوله.
وعن أهمية البرلمان واللجنة العليا للانتخابات، رأى السقلدي أن، “السلطة الشرعية والتحالف العربي بحاجة إلى تمرير عدد من المسائل المهمة عبر هذا المجلس النيابي مستقبلاً ، منها موضوع حسم رئاسة الدولة لأي شخصية يتفق عليها التحالف والشرعية وربما الحوثيون إن مضت الأمور بنجاح المفاوضات المرتقبة، وربما ثمة خطوات يتم التحضير لها عبر هذا المجلس لإبرام اتفاقيات ومعاهدات اقتصادية يتم الترتيب لها بين اليمن والتحالف سيكون من الضرورة بمكان أن تحظى بموافقة البرلمان لتأخذ شرعيتها مستقبلاَ بوجه أي اعتراضات يمنية مستقبلية محتملة”.
صوت الجنوب
واعتبر المحلل السياسي منصور صالح، أن “تلك القرارات لا تعدو كونها محاولة لانتزاع بساط الشرعية إعلامياً وتسجيل حضور للسلطة الشرعية”، لافتاً إلى أن “الحكومة الشرعية فشلت في إدارة المحافظات المحررة فكيف لها أن تدير مؤسسات ومرافق حكومية كبيرة”، على حد قوله.
وقال منصور لـ “إرم نيوز”، إنه “لا قيمة لأي إجراء تقدم عليه الشرعية ما لم ينطلق من استيعاب المتغيرات على الأرض، والاستماع إلى صوت الشعب الجنوبي ومن ذلك احترام رغبته في تقرير مصيره، برعاية دولية وليس عبر لجان ثبت فشلها وكانت مصدر تعطيل ونهب للأموال دون أن تقدم للشعب شيئًا”، وفق رؤيته.
وأضاف أن “كل ماقامت به الشرعية أكد فشلها في إدارة مؤسسات الدولة، فقد فشلت في إجراءات نقل البنك والبرلمان اعتقادًا منها أنها ستسحب الشرعية من الحوثيين، وتؤكد شرعيتها في الجنوب، وكل ذلك لم يتحقق بسبب هزالة الشرعية وضعف أدائها واستفحال الفساد في مفاصلها”، حسب وصفه.
مصير الموظفين
من جانبه تساءل الإعلامي فارس الحسام على صفحته في “فيسبوك”، عن أهمية وحيثيات هذا القرار بالقول: “ما الفائدة من نقل اللجنة العليا للانتخابات من صنعاء إلى عدن بالنسبة للجنوبيين، وهل سيتم نقل الموظفين كذلك من صنعاء إلى عدن”.
ومضى متسائلاً: “ما الجدوى من هذا القرار إن لم يكن تكريسًا لإعادة النظام الشمالي لحكم عدن والجنوب مجددًا، تحت مسمى استعادة مؤسسات الدولة وسحب البساط من تحت أقدام الحوثيين، وفي الوقت نفسه تتقاسم حكومة الشرعية مع الحوثيين الكعكة مجددًا ، وتتنازل للحوثيين بشكل رسمي عن ملف الحديدة بالملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، وتوثق هذا الانبطاح والإجرام في المحافل الدولية وبحضور الأمم المتحدة رسميًا”، على حد تعبيره.