الرئيسية - تقارير خاصة - مجموعة الأزمات الدولية تقترح خمس خطوات لإنقاذ السلام في اليمن
مجموعة الأزمات الدولية تقترح خمس خطوات لإنقاذ السلام في اليمن
نهايات مشاورات السويد
الساعة 03:58 م (رأي اليمن - متابعات)

على الرغم من ان اتفاق ستوكهولم غير دقيق، إلا أنه يوفر فرصة حقيقية لبناء عملية سلام في اليمن الذي مزقته الحرب. لكن الإتفاق يتعثر وسط تبادل الاتهامات. وينبغي للأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، أن يعملا الآن للتاكد من أن الطرفين ملتزمان  بتعهداتهم.

في كانون الأول/ديسمبر 2018، قام ممثلو الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وحركة الحوثيين المتمردة بشيء غير متوقع: اتفقوا على شيء ما. وفي المحادثات التي جرت بوساطة الأمم المتحدة في السويد، أعلن الطرفان ما يعرف الآن باتفاق استكهولم.
 

مكونات الإتفاق الرئيسية هي مبادلة السجناء، واتفاق لإعادة الانتشار المتبادل في الحديدة (الميناء والمدينة والمناطق المحيطة) والتزام بوقف التصعيد في مدينة تعز  إحدى خطوط المواجهة، وتعز. وكان اتفاق الحديدة بصفة خاصة أمراً حيوياً. وقد هددت معركة حول هذا الميناء المطل على البحر الأحمر بقطع طريق تجاري يمثل  70 في المائة من السلع الرئيسية المشحونة إلى اليمن، مما دفع البلاد إلى المجاعة.

وبعد مرور شهر على ذلك، فإن الزخم الذي خلفه اتفاق استكهولم أخذ في الضعف حيث يتبادل الطرفان الاتهامات، وتكافح الأمم المتحدة لدفعهم إلى متابعة تعهداتهم بإعادة الانتشارفي الحديدة. والإلتزام  بالموعد النهائي لعمليات إعادة الانتشار - والتي كان من المقرر الانتهاء منها بحلول 8 كانون الثاني/يناير- مما يزيد من التكهنات في أن الصفقة قد تكون على وشك الإنهيار.
 

اتفاق استكهولم غير كامل وغير دقيق، ولكنه كان انتصاراً صعباً . وإذا سمح له بالإنهيار، فلن تكون هناك فرصة لعقد صفقة مماثلة لفترة طويلة. 
وفيما يلي خمس خطوات يتعين على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي القيام بها على وجه السرعة لحماية الاتفاق والمضي قدماً بأحكامه.
 

1. منع الإنهيار

تزعم الحكومة اليمنية أن الحوثيين انتهكوا وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه في 18 ديسمبر/كانون الأول مئات المرات. وقد قدمت جماعة الحوثيين ادعاءات مماثلة حول خصومهم في مذكرة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة استناداً إلى التقارير المقدمة من باتريك كاميرت (الجنرال الهولندي المتقاعد الذي يقوم، بالنيابة عن الأمم المتحدة، بقيادة المفاوضات بشان إعادة الإنتشار وتقييم الوضع في الحديدة استعدادا لمهمة الرصد)، وأشار الأمين العام أنطونيو غوتيريس إلى أنه على الرغم من تبادل إطلاق النار، لم يحاول أي من الجانبين تحقيق مكاسب إقليمية جديدة على الأرض.

 

ونظرا لطبيعة القوى على الأرض، ولأن اتفاق استكهولم لا يتضمن أي تعريف لوقف إطلاق النار، فإنه يمكن توقع المزيد من المواجهات في الوقت الحاضر. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو الاستفزازات المستمرة للحوثيين على وجه الخصوص، والتصعيد السريع لحرب الكلمات بين الحوثيين، والحكومة، والتحالف الذي تقوده السعودية، ومندوبي وسائل الاعلام المختلفة.
 

وفي 29 كانون الأول/ديسمبر، وبعد محاولة فاشلة من الأمم المتحدة لإعادة فتح الطرفين مؤقتاً لطريق صنعاء- الحديدة كجزء من إجراء لبناء الثقة، أعلن  الحوثيون من جانب واحد عن إعادة انتشارهم في موانئ البحر الأحمر، وتردد أنهم رفضوا السماح لقافلة  تابعة للأمم المتحدة بمغادرة المدينة عبر طريق صنعاء. لقد كان إعلاناً مخادعاً وكما لاحظ العديد من المراقبين، يبدو أن الحوثيين كانوا ببساطة يلبسون  عناصرهم الزي الرسمي في الميناء ويدعون أنهم قوات أمن محلية مستقلة، وطلبوا  من الأمم المتحدة التحقق من "إعادة نشر" القوات. لكن الجنرال كاميرت رفض هذا الأمر.
 

ثم قاطع الحوثيون اجتماعاً في 8 كانون الثاني/يناير للجنة تنسيق إعاده الإنتشار، وهي الهيئة التي يرأسها كاميرت وكلفت بالاتفاق على كيفية إدارة عمليات نقل القوات من داخل الحديدة وحولها. وأشاروا إلى المخاوف الأمنية، محتجين بأن الاجتماع كان سيعقد في أراض يسيطر علىها خصومهم. واحتجت الحكومة اليمنية بأن الإدعاء كان زائفاً، بالنظر إلى أن ممثليهم عبروا الخطوط الأمامية لمقابلة الحوثيين في الأراضي التي كانوا يسيطرون علىها في مناسبتين سابقتين. والتقى كاميرت بعد ذلك بالحكومة اليمنية والحوثيين في مواقع منفصلة.
 

تراجعت الثقة بعد سلسلة من هجمات الحوثيين على أهداف بارزة بعيدة عن الحديدة، بما في ذلك قاعدة إماراتية في المخا (ضربت بصاروخ حوثي)، ومرفق عسكري تديره الحكومة اليمنية في محافظة لحج ومواقع داخل السعودية. وفي الوقت نفسه، كثف التحالف الذي تقوده السعودية من بلاغاته في ما يعتقد الكثيرون أنه يعد استعداداً للعودة إلى الأعمال العدائية. ويدعي أيضا أن الحوثيين يدفعون بتعزيزات عسكرية إلى  مواقع رئيسية على ساحل البحر الأحمر، بما في ذلك المخا. وفي حين أن هذه الإجراءات ليست كلها انتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار (في كثير من الحالات، وقعت هجمات الحوثيين خارج نطاق الاتفاق الجغرافي)، وتعتبر استفزازية للغاية.
 

وينبغي للأمم المتحدة والمجتمع الدولي أن يضغطا على كل جانب لوقف التحركات التي يبدو أنها تهدف إلى استفزاز الطرف الآخر لكي يبتعد عن الاتفاق. ويتعين علىهم أيضاً البدء في تنفيذ الإتفاق، الذي سيتطلب تامين تعاون أكبر من الحوثيين أولاً وقبل كل شيء (المزيد عن كيفية القيام بذلك أدناه).
 

2. فرز شروط وقف إطلاق النار وإنفاذه
 

بعد محادثات السويد، اضطرت الأمم المتحدة إلى تنظيم هدنة على عجل في محافظة الحديدة بدأت في 18 ديسمبر/كانون الأول. ولكن الأطراف لم توافق على القواعد الأساسية. وخلافاً لمعظم اتفاقات وقف إطلاق النار، لم يتضمن هذا البيان تفاصيل تقنية عن نطاق وقف الأعمال العدائية أو طبيعته أو مدته؛ تعريف الانتهاكات؛ أو أليات لوقف القتال بسرعة إذا اندلعت من جديد. وقد ترتب على الإخفاق في التوصل إلى مثل هذا الاتفاق- في ظل الحاجة الملحة إلى عقد صفقة - عواقب وخيمة. ومما يضاعف المشكلة أن الأمم المتحدة لم تقم بعد بنشر فريق رصد كامل النطاق - الأمر الذي سيتطلب موافقة مجلس الأمن - تاركاً مصير وقف إطلاق النار عرضة  للحرب الكلامية التي تعيق محاولات بناء عملية سلام في المقام الأول.
 

وحتى الآن، احتجت الأمم المتحدة بأن إطلاق النار والقصف في مرحلة ما بعد ستوكهولم يشكلان انتهاكات طفيفة نسبياً، وأن أياً من الطرفين لم يحاول الوصول إلى مكاسب  جديدة، الأمر الذي سيشكل مخالفة خطيرة. بيد أن الحكومة اتهمت الحوثيين بإقامة المتاريس في الحديدة بينما زعم المتمردون أن القوات في التحالف تقوم باستحداثات في جميع أنحاء المدينة وعلى ساحل البحر الأحمر. ويبدو أن كلتا المطالبتين، اللتين تنتهكان روح اتفاق استكهولم إن لم يكن نصه جديرة بالتصديق.
 

وقد نشرت الأمم المتحدة فريقاً في ديسمبر لتقييم الوضع في الحديدة ومراقبته على أفضل وجه ممكن وبدء المحادثات بين الطرفين حول عمليات إعادة الإنتشار. ولكن حتى الآن لم يتمكن فريق المراقبين من الفصل في وقف إطلاق النار أو قياس مستوى الإلتزام بالإتفاق. وسيتطلب القيام بذلك مجموعة واضحة من القواعد التي تحكم وقف إطلاق النار، إلى جانب معرفة مفصلة بمواقع القوات وفريق تقني ماهر قادر على تقييم الإنتهاكات المزعومة. ويمكن للجنة تنسيق إعادة الانتشار، التي تتالف من عدد متساو من الممثلين العسكريين للحوثيين والحكومة اليمنية. سيحتاج فريق الأمم المتحدة أيضاً إلى حرية التنقل حول الحديدة، وهو أمر لم يحققه بعد بسبب اعتراضات من الحوثيين، الذين يتحججون مرة أخرى بالمخاوف الامنية.
 

هنالك عنصر أساسي آخر من عناصر هذه العملية وهو انشاء بعثة رصد كاملة. وفي كانون الأول/ديسمبر، سمح مجلس الأمن بنشر فريق التقييم الأولي، وأرسل غوتيريس بعد ذلك اقتراحاً لبعثة بكاملها، تتألف من عدد يصل إلى 75 شخصا. ومن المتوقع اجراء تصويت على قرار بالموافقة على طلبه قبل 18 كانون الثاني/يناير. ستحتاج الأمم المتحدة بعد ذلك إلى توظيف مراقبين ونشرهم في الميدان وإيجاد أفضل السبل لتقييم الإمتثال لوقف إطلاق النار.
 

وأخيراً ، بمجرد حدوث كل ما سبق، سيتعين على الأمم المتحدة أن تقرر كيفية ضمان مساءلة الجنرال كاميرت, الذي يجمع بين أدوار المنسق العسكري, سيخطط ويرصد, وسيرفع تقارير إلى الأمين العام أسبوعياً. وبمجرد وضع القواعد وإنشاء بعثة للرصد ، سيكون في وضع أفضل بكثير لتقديم تقييم عادل لما يحدث على أرض الواقع. وستسهل تقاريره العادية مساءلة الأطراف علناً.
 

3-التوصل إلى اتفاق مفصل بشان إعادة الإنتشار
 

يؤكد الحوثيون أنهم نقلوا قواتهم المقاتلة الرئيسية من موانئ الحديدة وراس عيسى والصليف. بيد أن هذه العملية  تستند إلى تفسيرهم لاتفاق استكهولم، الذي يختلف اختلافاً حاداً عن الحكومة اليمنية والتحالف. وقد ترك اتفاق استكهولم الغموض يلف مسالة تحديد "القوات المحلية" التي ينبغي أن تتحكم في الموانئ بعد إعادة الانتشار، ولم تتفق لجنة إعادة الإنتشار بعد على شكل إعادة انتشار، وإلى من ستوكل مهمة  تأمين المرافق وكيفية التحقق من أن عملية التسليم قد حدثت. في جوهرها، وقد تركت هذه الثغرات للحوثيين الحرية لتسليم الموانئ لأنفسهم.

والتوصل إلى تفاهم بشأن هذه المسائل مهمة ملحة. حيث سيكون ذلك خطوة كبيرة إلى الأمام ، مما يبرهن على قدرة الأطراف ورغبتها، حتى بوجود الأحقاد، في الحفاظ على كلمتها. سيكون ذلك أيضا مكسبا كبيرا لمصداقية الأمم المتحدة كوسيط. ومن شان عدم القيام بذلك ان يكون له اثر معاكس.

ومن المرجح أن يشمل الوصول إلى هذا  عنصراً تقنيا ، بقيادة الجنرال كامرت، وجانباً سياسياً بقيادة مارتن غريفيث، المبعوث الخاص للأمم المتحدة الذي توسط في اتفاق استكهولم. وقد حافظ غريفيث على جدول زمني للسفر حيث يلتقي مع كبار قادة الحوثيين والمسؤولين الحكوميين اليمنيين ومسؤولي التحالف، والذي سيقومون بموجبه بتجديد التزاماتهم بالعملية. وتحتاج الأمم المتحدة أيضاً إلى إعادة رسم الجداول الزمنية المتفق علىها في السويد، والتي حددت في 21 يوماً من إعلان وقف إطلاق النار، مما يعني أن الموعد النهائي قد انقضي في 8 كانون الثاني/يناير. وحتى قبل النظر في العداء بين الطرفين، كان هذا الإطار الزمني غير واقعي من وجهة نظر لوجستية للحكومة والحوثيين للإلتزام به.

وسوف يكون من المرجح أن يصل إلى غريفيث للحصول على فترة زمنية لائقة من الوقت لتنفيذ ذلك ولاستعادة الزخم الضائع ويجب أن يكون التركيز منصباً على توصل الجنرال كامرت إلى اتفاق على إعادة الإنتشار حقيقية من االموانئ ووضع الإتفاق قيد التنفيذ.
 

4. إخراج الحوثيين من قوقعتهم

وفي الإعداد للمحادثات السويدية، كان التحدي الأكبر الذي يواجهه المجتمع الدولي هو جعل الحكومة اليمنية توافق على التوصل إلى اتفاق بشان الحديدة، بتاييد من المملكة العربية السعودية، والراعي الأجنبي الرئيسي للحكومة، والامارات، قائدة الحملة لتحرير ساحل البحر الأحمر. وفي النهاية، ذكرت الأنباء أن مكالمة هاتفية أخيرة من جيمس ماتيس، وزير الدفاع في الولايات المتحدة الامريكية آنذاك، لولي العهد السعودي محمد بن سلمان هي التي دفعت الصفقة ونحن نعلم الآن أن الولايات  المتحدة الأمريكية يمكن أن تمارس الضغط وأنها يمكن أن تعمل. لكن الضغوط المستقبلية تبدو أقل احتمالاً الآن بعد رحيل ماتيس ووجود وزير الخارجية مايك بومبيو، الذي يرى اليمن إلى حد كبير من خلال عدسة مواجهة إيران، والذي من المرجح أن ياخذ زمام القيادة في السياسة اليمنية.
 

ومن المرجح أن يحاول الجانبان إفساد الإتفاق في هذه المرحلة، غير أن الحوثيين هم  العقبة الرئيسية أمام التقدم. وبموجب شروط اتفاق استكهولم، يتعين على جماعة الحوثيين أن تتخذ الخطوة الأولى بإعادة نشر القوات في موانئ البحر الأحمر الرئيسية الثلاثة؛ بعد ذلك، يتعين على كلا الجانبين إجراء سلسلة من عمليات إعادة الانتشار المتبادلة من المرافق الأساسية الإنسانية الحرجة، وفي نهاية المطاف من المدينة بأكملها إلى المواقع التي لم يتم تعيينها بعد، وذلك بصورة فعالة لخلق منطقة منزوعة السلاح في الممر التجاري للبحر الأحمر بأكمله.
 

بالنسبة إلى اليمنيين المتشككين، هناك أصداء احداث أيلول/سبتمبر 2014 في كيفية تعامل الحوثيين مع اتفاق استكهولم. وفي ذلك الوقت، كان الحوثيون قد اجتاحوا العاصمة صنعاء والمحافظات الشمالية الأخرى للتو. ووقعوا اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي دعا إلى انسحاب قواتهم تدريجيا إلى معاقلهم الجبلية. ولكن بعد التوقيع على الإتفاق، تجاهل الحوثيون شرط الانسحاب، محتجين بان الرجال في نقاط التفتيش في الشوارع ليسوا مقاتليهم ولكنهم مواطنون داعمون من "لجان شعبية" مستقلون. وبحلول كانون الثاني/يناير التالي، وضع المتمردون الرئيس الانتقالي اليمني، عبد ربه منصور هادي، تحت الإقامة الجبرية، حيث أدى انقلابهم البطيء إلى قيام بلد منقسم بالفعل وإلى حرب أهلية.
 

ويجب تجنب التوصل إلى نتيجة مماثلة مهما كانت التكاليف، مما يثير مرة أخرى مسالة ماهية الأدوات المتاحة للدبلوماسيين لانتزاع تنازلات من الحوثيين. يجادل الائتلاف بالقول إن الحوثيين شاركوا في محادثات السويد فقط لأنهم كانوا تحت ضغطهم العسكري حول الحديدة. ولكن تحول هذا الضغط إلى عملية عسكرية  للتحالف لاستعادة الميناء والمدينة- سياتي بتكلفة بشرية مفرطة.
 

هناك وسائل أخرى للضغط على الحوثيين وسيكون وضعهم في موضع المسؤولية أمام الرأي العام عما يحدث في الحديدة بداية جيدة وينظر إلى كامرت على نطاق واسع على انه ذو مبدأ وقدرة عالية، وأن تقاريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة بشان المفاوضات المتعلقة بإعادة الانتشار وبعثة الرصد سيساعد في الحد من ضجيج وسائل الإعلام من المعسكرات المتنافسة. ومن شأن هذه المحاسبة أن تضع المزيد من الضغط على هذه الأطراف للامتثال بالتزاماتها، لأنها ستخاطر بسمعتها لدى أجزاء هامة من الراي العام الدولي- التي حاولت استخدامها كأداة طوال فترة الحرب- وتحولت ضدها.
 

وكما لاحظت مجموعة الأزمات من قبل، فان الاتحاد الأوروبي وسلطنة عمان لديهم اتصالات جيدة مع الحوثيين، وقد عرضت إيران مراراً القيام بدور الوساطة في اليمن. الآن ستكون لحظة جيدة بالنسبة لطهران لإثبات استعدادها وقدرتها على إقناع الحوثيين للمشاركة البناءة في ملف الحديدة، أولاً وقبل كل شيء من خلال السماح لفريق كامرت في حرية الحركة في الأراضي التي يسيطرون علىها وتشجيع وتسريع عملية إعادة الانتشار بطريقة يمكن التحقق منها من الموانئ الثلاثة. كما يمكن لكل من بروكسل ومسقط المساعدة من خلال التفاعل مع الحوثيين في صنعاء وفي الخارج، والضغط على القضية لإعادة الانتشار، وتوضيح أن صبرهم بدأ ينفذ. 


وفي آخر رحلة له إلى صنعاء، دفع غريفيث عبد الملك الحوثي، زعيم المتمردين ، للتاكيد مجدداً على التزامه بالاتفاق، بما في ذلك إعادة الانتشار. وبينما يقوم كاميرت بتجزئة التفاصيل الفنية، فإن هذا الضغط المستمر على مستوى عال على الحوثيين والحكومة ومسؤولي التحالف للالتزام بالتزاماتهم سيكون مهماً.
 

5. الحفاظ على التركيز الدولي وتوافق الآراء
 

كان اتفاق استكهولم نتيجة لالتقاء الأحداث. وشملت هذه الأحداث الاحتجاجات العالمية على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في أوائل أكتوبر/تشرين الأول،  الإجراءات التي اتخذها الكونجرس الأمريكي بشان اليمن، والتهديد المحدق بالمجاعة الشاملة. بالرغم من كل ذلك ما خرج من السويد كان يحمل العديد من العيوب.

ومع ذلك، فإن العملية التي بدأت في السويد حالت دون حدوث حمام دم في الحديدة، وفي الوقت الراهن، ظهور المجاعة على نطاق واسع-على الرغم من أن الأزمة الإنسانية في اليمن هي بالفعل الأسوأ في العالم. وإذا كان من الممكن تنفيذ اتفاق ستوكهولم بالكامل كما يمكن لمكتب المبعوث أن يحرز تقدماً بشان مبادلة السجناء وإنهاء المعركة في تعز، وبالتالي فإن الصراع سيتجمد أساساً وستزداد مصداقية الأمم المتحدة كوسيط بشكل كبير.
 

والآن قد تكون الفرصة الاخيرة للأمم المتحدة لبناء الزخم وراء عملية السلام لبعض الوقت القادم. وقد أزال خروج ماتيس في نهاية ديسمبر/كانون الأول واحداً من عدد قليل من صناع السياسة الأمريكيين الذين لديهم وجهة نظر متباينة حول الحرب في اليمن ، وربما كان المسؤول الإداري الوحيد لدى  ترامب الذي يتمتع بالثقة في الرياض وأبوظبي والنفوذ الفعال على الدول الخليجية. وإذا ما انهار اتفاق استكهولم، فمن المرجح أن يكون غياب ماتيس محسوساً بشدة إذا عاد الطرفان إلى الطاولة.
 

سيتطلب تحقيق الاستفادة القصوى من اتفاق ستوكهولم توافقاً دولياً في الآراء حول العملية، وخاصة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي سيتعين عليه بكل تأكيد أن ياذن بالتوسع المتكرر لولاية الأمم المتحدة في اليمن. وللنجاح، سيتعين على أعضاء مجلس الأمن تجنب المفاوضات التي تجري بين المملكة العربية السعودية وبريطانيا  والولايات المتحدة  الأمريكية بشأن القضايا الإنسانية واللغة المتعلقة بإيران التي كادت أن تخرج عن مسار القرار المؤيد لاتفاق استكهولم وترسل كاميرت إلى اليمن في ديسمبر كانون الأول. وهناك الكثير مما هو في كفة الميزان في مجلس الأمن ليقف في طريق إحراز تقدم حقيقي نحو وقف كامل لإطلاق النار.



* بيتر ساليسبري – باحث ومستشار لدى مجموعة الأزمات الدولية

  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً
كاريكاتير يجسد معاناة سكان تعز جراء الحصار
اتفاق استوكهولم
صلاة الحوثيين
الإغتيالات في عدن