شفت تفاصيل عمليات القرصنة والسلب للمساعدات الإغاثية، عن الوجه الأقبح لميليشيات الحوثي الانقلابية والإيديولوجية التي تحركها وتحكم تصرفاتها وتعاملها مع الشعب اليمني.
وعلى الرغم من التقارير والنداءات المتكررة من الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف العربي طوال السنوات الماضية إلاّ أن التحرك المنتظر من المجتمع الدولي، لم يتناسب وحجم الجرم المرتكب حتى اليوم، من قبل الميليشيات التي تجردت من الأخلاق، والتي اتّبعت سياسة تهدف لتجويع اليمنيين.
فالأحداث الأخيرة جعلت المجتمع الدولي، يبدو أقرب من أي وقت مضى لاستيعاب خطورة التعامل مع ميليشيات تخلت عن كل معاني الإنسانية، خصوصاً بعد التصريحات المتوالية للقائمين على المنظمات الإغاثية الدولية، والمقاطع والصور التي نقلت جرائم قصف المساعدات الإنسانية مؤخراً في الحديدة.
فقد أكد مارك لوكوك منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة - في كلمته أمام مجلس الأمن - أن ميليشيات الحوثي عمدت إلى إعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية في اليمن، مشيراً إلى أن عمليات التجنيد التي يقوم بها الحوثيون للأطفال في اليمن ازدادت بنسبة 25 في المئة خلال العام الماضي. وإذا كانت قوات التحالف التي تقوم بمهام إنسانية عديدة في اليمن تحمي نقل وتوصيل مواد الإغاثة في المناطق المحررة من ميليشيات الحوثي، فإن المعاناة تزيد على اليمنيين في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات المدعومة من إيران.
وتفضح التقارير الدولية والمحلية التاريخ الإجرامي الطويل للميليشيات في منع وصول قوافل المساعدات الغذائية إلى المستحقين في المناطق المحاصرة باليمن، ونهب محتوياتها وبيعها في السوق السوداء.
ودفعت الاعتداءات المتكررة والمتصاعدة من قبل الميليشيات الحوثية على قوافل المساعدات الإنسانية، برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إلى إصدار بيان رسمي بتاريخ 2 يناير الجاري، يطالب فيه بوقف سرقة وتلاعب الحوثيين بهذه المساعدات، لاسيما في مناطق سيطرتهم في الحديدة وصنعاء وعدد آخر من المناطق الخاضعة لسلطتهم الانقلابية. وتحدث البيان عن رصد بالصور والأدلة لنقل الحوثيين شاحنات المواد الغذائية بشكل غير شرعي من مراكز توزيع الأغذية المخصصة لذلك، وتزويرهم لسجلات التوزيع ومنح المساعدات لغير مستحقيها، وبيع بعضها في أسواق صنعاء لتحقيق مكاسب مادية.
و نقلت صحيفة «الجارديان» على لسان أحد كبار مسؤولي برنامج الإغاثة الأممي في اليمن: «أن برنامج الأغذية العالمي رصد سبعة مراكز لتوزيع الأغذية تابعة لإدارة الحوثيين في صنعاء تشترك في عمليات اختلاس المساعدات الغذائية». وأشار المسؤول الأممي إلى إزالة حوالي 1200 طن متري، من الغذاء بصورة غير مشروعة من المخازن وتوزيعها أو بيعها لأشخاص لا يحق لهم استلام السلع، وذلك فقط خلال شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين.
وتوثق إحصائيات اللجنة العليا للإغاثة في اليمن احتجاز 88 سفينة إغاثية وتجارية ونفطية من قبل الحوثيين خلال الفترة من 2015 حتى 2018، ونهب واحتجاز 697 شاحنة إغاثية وتفجيرهم ل 4 شاحنات منها، إضافة إلى 16 واقعة اعتداء على منظمات تابعة للأمم المتحدة والعاملين بها تنوعت بين القتل والخطف وإغلاق المكاتب بالقوة.
وأمام هذا التلاعب الحوثي في توزيع المساعدات والاستيلاء عليها، دعا برنامج الأغذية العالمي إلى تطبيق نظام تسجيل قائم على القياسات الحيوية في مناطق سيطرة الحوثيين لمنع سرقة الحصص الغذائية المخصصة لمن يحتاجونها فعلاً.
وقال المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي، هيرف فيرهوسيل، إن وكالته نفذت مثل هذا النظام في عدن بإذن من الشرعية، مما أسهم في استبعاد الأشخاص الذين لا يحق لهم الحصول على المساعدات الغذائية. وأضاف: «اقترحنا منذ بضعة أشهر أن نفعل نفس الشيء مع سلطات الأمر الواقع في صنعاء لكنهم يرفضون إلى الآن تطبيق هذا النظام»