يتساءل العديد من اليمنيين عن مصير القرار الدولي “2216” الصادر عن مجلس الأمن عام 2015، بعد تفاهمات السويد بين الحكومة المعترف بها دوليا وبين جماعة الحوثيين، وسط مؤشرات عن مساع دولية لإصدار مشروع قرار جديد يعطل هذا القرار.
وكان مندوب دولة الكويت في الأمم المتحدة قال، في تصريحات صحفية أمس، إن مجلس الأمن سيستأنف بحث مشروع القرار البريطاني بشأن اليمن، علما أن ذلك القرار سبق رفضه في الأشهر الماضية.
وتزداد المخاوف في أوساط يمنية مختلفة من تعطيل القرار الأممي 2216 الصادر في نيسان/ أبريل 2015، الذي جرم الانقلاب الذي قاده الحوثيون وحليفهم السابق علي عبدالله صالح، ودعا إلى تسليم مؤسسات الدولة التي سيطروا عليها، وبموجبه تم فرض عقوبات على قيادات في الجماعة الحوثية، بينهم زعيمها، بالإضافة إلى صالح ونجله أحمد القائد السابق لقوات الحرس الجمهوري.
تحييد تأثيره
وفي هذا السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أن ما يبدو حاليا هو أن المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، يعمل على تحييد تأثير القرار 2216 كإطار حاكم لعملية الحل السياسي في البلاد.
وأضاف في حديث لـ”عربي21″ أن محاولة تحصين اتفاق جزئي يرتبط بخطوات بناء الثقة بقرار أممي جديد، يكشف التوجه الحقيقي للسيد غريفيث والحكومة البريطانية ومعظم القوى الدولية نحو شق مسار جديد بمرجعية جديدة.
وحسب التميمي، فإن اتفاق الحديدة يتحول بفعل مساعي غريفيث إلى اتفاق تأسيسي سيؤثر على مجمل الخطوات اللاحقة.
وقال: “صحيح أن المبعوث الأممي أوضح أمام مجلس الأمن أن القرار 2216 ومخرجات الحوار واتفاق المبادرة الخليجية ستبقى مرجعيات لإطار الحل السياسي”.
لكنه استدرك قائلا: “هذا الكلام ينسفه هذا الإصرار على تأسيس ما يسمى “اتفاق السويد” مرجعية جديدة، يصعب معها فهم كيف سيتم تنفيذ القرار 2216 الذي ينص على انسحاب الحوثيين، فيما يجري حاليا تثبيتهم كسلطة قانونية على أهم مدن البلاد وموانئها على الساحل الغربي”.
وعبر الكاتب اليمني عن شعوره بالقلق حيال مخططات المبعوث الأممي، الذي يستغل بذكاء نقاط الضعف الخطيرة التي يعاني منها تحالف الرياض أبوظبي نتيجة الأخطاء الكارثية لولي العهد السعودي.
وأشار السياسي التميمي إلى أن هناك إصرارا واضحا على تصفير الأزمة اليمنية وتسوية لأوضاع من أدانهم مجلس الأمن وجرمهم، ومحاولات حثيثة لتوزيع السلطات السيادية للدولة اليمنية على أطراف عديدة ستصبح معها السلطة الشرعية احد هؤلاء الأطراف.
فاقد الصلاحية
من جهته، قال رئيس مركز “يمنيون” للدراسات، فيصل علي، إنه عقب مفاوضات السويد، واعتبار الحوثيين طرفا في النزاع كالحكومة الشرعية، أضحى القرار 2216 فاقدا للصلاحية.
وأضاف في حديث لـ”عربي21″ أن التحالف الذي حارب في اليمن بقيادة السعودية بطريقة سيئة جعل اليمن تخسر قضيتها العادلة.
ووفقا لعلي، فإن الضغوط الدولية على التحالف كان ثمنها تمرير الحوثي كطرف نزاع معترف به دوليا.
ووجه رئيس مركز “يمنيون” للدراسات انتقادات للفريق الحكومي المفاوض، الذي وصفه بـ”الضعيف”، وقال إن “هادي العاجز أرسل فريقا ضعيفا للتفاوض، ترافق مع ممارسة محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة، الضغط على الفريق المفاوض، وهو ما جعل اليمن تخسر أمام الحوثيين البدائيين. وفق تعبيره.
مؤشرات
بموازاة ذلك، قال الصحفي والمحلل السياسي، حمدان الرحبي، إن قرارات مجلس الأمن تستخدم كالعصا والجزرة للشعوب المغلوبة على أمرها، وتستخدمها الدول الكبرى لخدمة مصالحها.
وأكد في حديث لـ”عربي21″ أن اليمن مقبل على مرحلة جديدة من الصراع، فالدول الكبرى لا يهمها مصلحته ولا إيقاف الشعب اليمني بقدر ما يهمها تأمين الممر الدولي للنفط الذي يمر من البحر الأحمر.
وأوضح الرحبي أن الحديث عن قرار جديد ليس وليد اليوم، بل بات مطروحا منذ أكثر من عام، حيث حاولت بريطانيا أن تتقدم به، لكنه كان يقابل بالرفض.
وأشار إلى أن هناك مؤشرات عدة بشأن مشروع قرار جديد، منها الجهود الكبيرة التي تبذلها لندن في إنقاذ ومساندة مبعوث الأمم المتحدة لليمن، بريطاني الجنسية، مارتن غريفيث.
وأضاف الصحفي الرحبي أن غريفيث من خلال مشاورات السويد حوّل الصراع بين حكومة وانقلاب إلى صراع بين أطراف. مشددا أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن ملزمان بأن ينفذا قراراتهما السابقة قبل الحديث عن قرارات جديدة، فاليمن يستحق أن يعيش بسلام وأمن واستقرار.
إلا أن الرحبي لم يخف مخاوفه من دخول قوات يونيفيل إلى البلاد، قد تبدأ في مدينة الحديدة (غربا) وتمتد إلى مناطق أخرى. معتبرا ذلك بأنه مؤشر خطير على تحييد القرارات الدولية والمرجعيات للحل، ومنها القرار “2216” الذي يؤكد على ضرورة عودة مؤسسات الدولة وإنهاء الانقلاب، ويدين استخدام السلاح للسيطرة على الدولة.
ويعد القرار 2216 من المرجعيات التي تتمسك بها حكومة الرئيس هادي، إلى جانب المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار كإطار لأي تسوية سياسية قد تنهي الحرب في البلاد.