حين حلّقت الطائرة الإثيوبية في سماء صنعاء على متنها 50 جريحا حوثيا، متجهة إلى سلطنة عمان، بدا أن مشاورات السويد التي ترعاها الأمم المتحدة بين الأطراف اليمنية ممكنة، بعد تعثر مشاورات جنيف مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي.
سعى -حينها- المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، لعودة ممثلي الحكومة اليمنية والإدارة الحوثية، لطاولة المشاورات، لكنه فشل، مع غياب الحوثيين عن جنيف، إثر رفض التحالف العربي الذي تقوده السعودية، السماح بإجلاء جرحاهم إلى مسقط.
وكانت تلك الجولة "الفاشلة" هي الأولى منذ عامين، والرابعة بعد مشاورات جنيف وبيل (السويسريتان) عام 2015، ومشاورات الكويت 2016.
لكن هذه المرة يبدو الأمر مختلفا، مع تزايد الضغوط على السعودية والإمارات لوقف الحرب، ومنع تفاقم المجاعة التي تضرب أفقر دولة بشبه الجزيرة العربية، فيما ألقت أزمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، بظلالها على حرب اليمن.
ويأمل اليمنيون بأن تكون مشاورات السويد بداية لإنهاء الحرب، إذ أن الصراع المستمر منذ أواخر 2014، خلّف أوضاعًا معيشية وصحية متردية للغاية، وبات معظم سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات، بحسب الأمم المتحدة.
• مؤشرات إيجابية وترحيب واسع
وسبق انعقاد المشاورات، التي من المقرر لها أن تنطلق الخميس القادم، مؤشرات إيجابية، حيث أجلت الأمم المتحدة جرحى الحوثيين من صنعاء، مساء الإثنين الماضي، لتحقق شرط الجماعة الأهم، والمقرون بمشاركتهم في المشاورات.
وبعدها بساعات، أعلن الحوثيون التوقيع على اتفاق مع الحكومة اليمنية والتحالف على تبادل للأسرى، وفق جدول زمني وعلى مراحل متعددة.
وقال مصدر في الحكومة اليمنية، للأناضول، مفضّلا عدم الكشف عن هويته، كونه غير مخول بالحديث للإعلام، إن ملف الإفراج عن الأسرى لم يعد شائكا، وإن الطرفين اتفقا على أن تكون اللجنة الدولية للصليب الأحمر هي الوسيط.
وأوضح أن قوائم الأسرى والمختطفين لدى الطرفين تحوي على قرابة 5 آلاف اسم.
غير أن سفر وفد الحوثيين إلى السويد برفقة سفير الكويت على متن طائرة كويتية، ووصولهم إلى السويد مساء الثلاثاء، هي الخطوة التي عززت من عودة اليمنيين إلى طاولة المشاورات.
وفضلا عن تصاعد المؤشرات الإيجابية لحلحلة الأزمة، فإن المشاورات لاقت ترحيبا من المجتمع الدولي، لينعكس في مطالبات للطرفين بضرورة التوصل لتفاهمات، تخفّض حدة التصعيد العسكري، وتعالج الوضعين الإنساني والاقتصادي.
وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي- القوة الثانية في التحالف الذي تقوده السعودية- أنور قرقاش، إن الحل السياسي المستدام في اليمن يوفّر أفضل فرصة لإنهاء الأزمة.
إيران المتهمة بدعم الحوثيين، أعلنت دعمها محادثات السلام، وقالت إنها على استعداد للمساعدة من أجل إيجاد حل سياسي.
فيما رحبت ألمانيا بالمشاورات، معربةً عن أملها في "محفزات أولية"، بينها تسهيلات إنسانية، قبيل انطلاقها.
وبحثت الحكومة السويدية مع الحكومة اليمنية الترتيبات اللوجستية لعقد جولة المشاورات، معبّرة عن آمالها في أن تتوصل الأطراف لاتفاق سلام.
الموقفان الأمريكي والبريطاني هما الأهم، والدولتان الفاعلتان في الملف اليمني شددتا -عبر تصريحات متكررة لمسؤوليهما -على إنهاء الحرب والتوصل إلى صيغة اتفاق تضمن التوصل إلى سلام دائم.
• ملفات متباينة
وحتى اللحظة يتحدث المبعوث الأممي حول المشاورات بصيغة عامة، وما تزال أجندة المشاورات غامضة.
ويبدو أن الأمم المتحدة قاصدة أن تعيد الطرفين إلى طاولة المشاورات دون تحفظ، لكن عضو فريق الحوثيين حميد عاصم، قال إن المشاورات ستبحث ملفان رئيسيان، الأول هو الإطار العام للمفاوضات، والآخر يتعلق بالشق الإنساني.
وأوضح، للأناضول، "سنبحث الإطار العام للمفاوضات المستقبلية وآليات بناء الثقة، ووقف الحرب ورئاسة البلاد، وتشكيل الحكومة اليمنية، والفترة الانتقالية والآليات المتصلة بها".
وأضاف: "الملف الآخر يتعلق بالشق الإنساني والملف الاقتصادي وفتح المطارات والمعابر والموانئ، والأسرى والمختطفين".
ويظهر أن مشاورات السويد أقل أهمية من سابقاتها، فالجولات الثلاث كانت تبحث عن وقف للحرب وحل الأزمة، بينما تبدو ملفات الأخيرة لا تتعدى معالجات إنسانية، كان من الممكن أن توجهها الأمم المتحدة لأطراف الصراع.
هذا الأمر جعل الباحثة والصحفية ميساء شجاع الدين تقول إن الحديث عن مشاورات حول إطار لجولات تفاوضية مقبلة ومعالجات إنسانية، لا يرقى إلى النقاش حول وقف الحرب والتوصل إلى سلام في بلد يعج بالتعقيدات.
وأضافت الباحثة اليمنية، للأناضول، "من الممكن أن الطرفين سيتفقان على بعض القضايا ذات أهداف سقفها منخفض، مثل الإفراج عن الأسرى ورواتب الموظفين، وهاتان القضيتان أعتقد أنه -أيضاً-من الصعوبة الاتفاق عليهما".
وترى ميساء أن مشاورات السويد لن تحقق تقدما بارزا بين الطرفين.