على العهد يا سبتمبر!
الساعة 06:46 ص


أيها المتمسكون بقيم الحرية والعدالة والمساواة .. أيها الحرّاس الأمناء على مكتسبات الثورتين الخالدتين..
أسعدتم بالخير مساءً ..
ونحن نحتفل بذكرى الثورتين الخالدتين أدعوكم الى الوقوف دقيقة حداد وقراءة الفاتحة على أرواح شهداء الثورتين السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر.
السيدات والسادة، الحفل الكريم ..
أيامنا كثيرة ,لكن هذين اليومين يظلان درّة الأيام حتى بعد خمسين عاما. قد يختلف كثيرون حول ما تحقق وما لم يتحقق من أهداف الثورتين, لكن , ما لا يمكن إنكاره إن هذه الثورات كانت وما زالت بوابة التغيير الكبرى صوب العصر ومتطلباته, والزمان الجديد ومتغيراته,.. إنها على وجه التأكيد البوابة التي عبَرَتْ من تحتها بعد ذلك كل قوافل الأحلام والآمال في التغيير والتحديث والتثوير والتنوير.
إعلان الجمهورية وحدهُ ثورةٌ كبرى .. ولولا الجمهورية لما كانت وحدة وتعددية سياسية ومساواة الرجل بالمرأة .. يكفي أن دستور الجمهورية أتاح لكل مواطن ومواطنة في اليمن أن يصبح رئيسا للجمهورية!
الحاضرون جميعاً ..
بعد أن أوقدنا شعلة السادس والعشرين من سبتمبر في مبنى السفارة اليمنية، حرصنا في الهيئة التنفيذية لاتحاد الطلية اليمنيين بماليزيا أن يكون الاحتفال بذكرى السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر احتفالاً واحداً، وذلك تأكيداً على واحدية الثورة ووحدة المصير.
فمنذ مطلع الخمسينات ابتدأت مسيرة الشعب الواحد تناضل ضد الاستبداد في الشمال، والاستعمار في الجنوب، لكي تحقق الدولة الواحدة، وتُوِّج كل هذا النضال بعد ذلك بانفجار ثورة السادس والعشرين من سبتمبر في العام 1962، وثورة الرابع عشر من أكتوبر في العام 1963 ، فكانت الثورتان من صنع الشعب الواحد.
وبعد فِرار الإمام من صنعاء عام 62 تداعت الجماهير إلى ترسيخ العهد الجمهوري، فأقبلت الجموع من عدن وتعز ويافع والبيضاء ولحج وخولان ، ومن دَثِينَة ، وإب والحديدة دون أن تحس من اين جاءت وإنما تعرف الى أين جاءت، فكوّنت هذه الجماهيرُ جيشَ الثورةِ الذي قاتل فلول الإمامة في شمال الشمال وأشعل فتيل الثورة في جنوب الوطن.
تعتبر ثورة 26 من سبتمبر و 14 من أكتوبر محطتي تحول جوهري في تاريخ الشعب اليمني ، وعبرتا عن الإرادة الواعية للشعب ورفضه للمشاريع السلالية التي احتكرت المال والسلطة في فئة معينة ، مدعيةً حقها الإلهي في امتلاك رقاب اليمنيين، ورفض الشعب لمشاريع الاستعمار ، وانتصرت الثورتين لمبادئ وقيم الحرية والعدالة والمساواة، وعززتا السيادة والاستقلال الوطني، ونقلتا الشعب من كهوف الولاية والولاءات الضيقة في شمال الوطن، وحكم المفوض السامي في جنوب الوطن، الى رحاب المشروع الوطني الجامع الذي لا إرادة فيه إلا إرادة الشعب ، ولا سلطة إلا لسلطة القانون والدستور.. وبقدر عظمة هذين المنجزين كان حجم المؤامرات الهادفة الى وئدهما، لكنها فشلت واستمر النضال، الى أن تمّ دحر فلول الإمامة، وإجلاء اخر جندي بريطاني.
وبعد أن أدرك المتأمرون أنّ سبتمبرَ حقيقةُ الحقائق، لَبِسوا لَبُوسها من أجل تقويضها من الداخل ، وافراغها من جوهرها، من خلال النفخ في الولاءات العشائرية والجهوية وإفسادِ الحياة السياسية، والوقيعةِ بين رفاق السلاح والنضال الجمهوري، والتسللِ الى مفاصل الدولة ونخرِ جسدها محاولين إعادة انتاج الإمامة بثوب جمهوري. وأصبح زمن ما بعد الثورتين زمناً مختطفاً مخطوفاً! مختطفا بمعنى أن تلك السنوات ذهبت لمن لا يستحق!  ومخطوفا! بمعنى أنها مخطوفةٌ عن وعيها, وإرادتها, فهي موجودة وغير موجودة! تائهة لا تعرف ماذا تريد! أو إلى أين هي ذاهبة!
وما حدث قبل عامين من انقلابٍ على النظام الجمهوري والمشروعية الدستورية والسيطرة على مؤسسات الدولة ونهب الخزينة العامة ، وإلغاء الحياة السياسية .. إلاّ نتاجاً لهذه التراكمات.
ويتجلى سؤال: ما الذي بقي من ثورتي سبتمبر وأكتوبر إذن؟
يبقى أنها كانت وستظل البوابة التي عَبَرَ منها اليمنيون إلى العصر الحديث, ويبقى أنها الحدث الأهم خلال ألف سنةٍ مضت على الأقل, فبعدَهُ تغيّرت اليمن, وتكسّرت الأغلالُ أو معظمُها!
يبقى من ثورتي سبتمبر وأكتوبر أنهما أيقظتا كل أحلام التغيير, وآمال المساواة, والديمقراطية, والتقدم, والوحدة,.. إن عظمة وأهمية الثورتين هو أنهما معاً كانتا فتحاً سياسياً واجتماعياً ووطنياً ،  كانتا فاصلاً سياسياً بين زمنيين ، وتاريخيين : بين تاريخ الإمامة ، والجمهورية .. وبين الاستعمار ، وتاريخ الثورة والتحرر منه.
زميلاتنا.. زملائنا الطلاب.. الأكاديميين.. والباحثين ..مجتمع المعرفة، 
لن يطول زمن مصادرة الدولة اليمنية، فعصا الجهلِ التي اتكاؤوا عليها طويلاً قد كُسِرت منذ زمن .. أنتم اليوم تمثلون لأمتكم اليمنية جسر العبور إلى المستقبل، وكما قيل: إن التعليم هو جواز سفرنا للمستقبل، لأن الغد مِلكٌ لأولئك الذين يُعدّون له اليوم).. هذا المجتمع المعرفي الذي نعيشه، هو أحد ثمار الثورتين، وأبرز إنجازٍ لهما في القضاء على الجهل.
هناك من ضحى لأجلكم، لأجل أن تتميزوا كأكاديميين وباحثين يشار إليكم بالبنان ، لقد ضحيتم وضحى أهلكم في الداخل لتكونوا مصدراً للإحترام و الفخر و الإنتاج المبدع ، وعلى عاتقكم تقع مسؤولية بناء و رفد مؤسسات الدولة، وأنتم بالتأكيد أهلاً لها .
أيها الحفل الكريم ..
من هنا .. نرسل تحيةَ إجلال وإكبار لأولئك الأبطال الشامخين شموخ جبال ردفان وعيبان ، والثابتين ثبوت جبال نقم وشمسان ، وصبر والتعكر، أفراد وضباط الجيش الوطني والمقاومة الشعبية الذين يبذلون أرواحهم دفاعاً عن النظام الجمهوري ومكتسباته، وننقل تحياتنا , باسمي , وباسم طلاب اليمن في ماليزيا إلى فخامة رئيس الجمهورية المشير / عبد ربه منصور هادي. مؤكدين وقوفنا خَلف المشروعية الدستورية، واستعدادنا لطرح المشاكل والمعوقات الوطنية على طاولة البحث العلمي، وايجاد الحلول العلمية لها، مستلهمين التجارب الناجحة من أجل رسم الخطط والرؤى الملائمة.
ونهيب بفخامته إيلاء هذه الشريحة جُلّ الاهتمام ، وإيجاد حلولاً جذرية للمشاكل المتفاقمة التي تواجهها، والتي سبق الرفع بها لفخامته بالمذكرات والبيانات التي لخصتها. فالرهان كل الرهان اليوم على حملةِ العلم والمعرفة، الّذين يُعوّل عليهم إعادة إعمار ما دمرته الحرب، والنهوض باليمن الا
تحادي الذي يحلم به اليمنيون، يمن المحبة والتعايش والسلام.
كما نحذر من خطورة انشغال الأطراف التي اصطفّت حول المشروعية الدستورية بصراعاتٍ جانبية ، أَلقَت بظلالها على أداء الحكومة اليمنية، وأدت إلى غيابِ الناظم لإيقاع العمل المشترك بينها.
أخيراً:
نجدد في هذه المناسبة، ومن خلالكم، العهد لشعبنا اليمني أننا سنمضي بعزم وإباء نحو الانتصار في معركة العلم ضد الجهل ، لاعلاء قيم الجمهورية ،قيم العدالة والمساواة والمواطنة والمعرفة والتنوير ، حتى تحقيق الحلم اليماني بيمن إتحادي مستقر، وحياة كريمة لكل اليمنيين .  
المجد والخلود لشهداء ثورة سبتمبر المجيدة .. وشهداء ثورة أكتوبر الظافرة .. 
الحرية لأسرانا ومختطفينا، السلام على ارواح شهداءنا في كل مراحل ومحطات النضال والعطاء في ميادين الشرف والبطولة مع أعداء الكرامة والحرية والجمهورية والديمقراطية والمعرفة والانسانية. 
كل عام وأنتم بخير .. ولن ترى الدنيا على أرضي وصياً.

*رئيس اتحاد طلاب اليمن بماليزيا سابقا

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً
كاريكاتير يجسد معاناة سكان تعز جراء الحصار
اتفاق استوكهولم
صلاة الحوثيين
الإغتيالات في عدن