لاشك أن إيران خلال السنوات السابقة راكمت حضورًا كبيرًا في اليمن ونجحت في إستغلال حالة الهشاشة والضعف الذي تعاني منها الدولة اليمنية في بناء قوة حليفة لها وتمكينها من الإستيلاء على السلطة والبقاء في مواجهة التدخل العسكري لدول التحالف العربي لمدة تجاوزت الست سنوات .
ومع هذا يبقى النفوذ الإيراني رهنا بنتائج الحرب الدائرة اليوم في اليمن ، فتمكن السعودية ودول التحالف العربي من حسم الحرب سيقوض إلى حدٍ كبير نفوذ إيران في جنوب الجزيرة العربية ومضيق باب المندب، وفشلت هذه الاطراف في الحسم العسكري للحرب، وخضوعها لتسوية سياسية يحتفظ الحوثيين بها بقدر كبير من قوتهم العسكرية والتنظيمية .
وبدرجة أكبر إنهاء الحرب خضوعًا لمتغيرات طارئة ،سيرجح كفة حسم الإيرانيين للنفوذ المنفرد في اليمن ،على نحو ما حدث في العراق والى حد كبير في سوريا ، وبالإمكان بناء ثلاثة سيناريوهات حول مستقبل النفوذ الإيراني في اليمن على النحو التالي :
سيناريو تراجع النفوذ الإيراني يقوم هذا السيناريو على تمكن دول التحالف العربي والقوات الموالية للشرعية من ضرب القدرات العسكرية والتنظيمية للحوثيين ، والحسم العسكري للحرب الدائرة حاليًا ،ووضع مثل هذا سيصيب النفوذ الإيراني في مقتل ،من خلال ضرب روافع هذا النفوذ ، ومع أن إيران لن تسلم بالهزيمة الكاملة في اليمن ،إلا أن هذا سيعني حضورها سيكون ضعيفًا ومحدودًا خلال المرحلة الزمنية المنظورة على الأقل .
سيناريو الفوضى الخلافة في اليمن : ينطلق هذا السيناريو من فرضية عدم الحسم العسكري من قبل السعودية ودول التحالف ،واضطرارها إلى القبول بتسوية يشارك فيها الحوثيون وأطراف أخرى ،وفي مثل هذا الوضع ،ونتيجة لإحتفاظ الحوثيين بقوة عسكرية وشعبية ،ولقناعاتهم في حقهم الإستيلاء على السلطة تحت دعاوى دينية يؤمنون بها ، فسيعملون على إضعاف الأطراف الأخرى والدخول في حروب محدودة ،وهذا ما سيجعل الفوضى وعدم الإستقرار هي الغالبة على المشهد اليمني ،وهو سياق مثالي لإيران لدعم حلفائها والتمكين لهم بما سيؤدي الى سقوط اليمن مرة أخرى بيد الحوثيين والنفوذ الإيراني على حد سواء.
سيناريو الهيمنة :يقوم هذا السيناريو على حدوث متغيرات غير منظورة أو طارئة تشغل السعودية ودول التحالف، أو تجبرها على وقف الحرب ،وهو ما سيعني إنتصارًا سياسيًا وربما عسكريًا للحوثيين وسيضع اليمن والمنطقة الجنوبية للبحر الأحمر تحت الهيمنة والنفوذ المباشر لإيران .