تتعالى الأصوات مع كل جولة مشاورات أو حوار بين الأطراف اليمنية برعاية دولية من أجل إيقاف الحرب في اليمن و مع كل جولة حوار تصب تلك الأصوات غضبها على المجتمع الدولي بكافة منظماته وهيئاته موجهين الاتهامات الصريحة للمجتمع الدولي بانحيازه الى صف الحوثي وهي حقيقة لا يستطيع احد انكارها خاصة مع ممارسات المبعوث الأممي الخاص الى اليمن’’ مارتن غريفيت ‘‘ودلاله للحوثي في كل التقارير التي يرفعها الى مجلس الامن.
ومن أجل هذه الأصوات دعوني أسرد هنا مقارنة بسيطة لا تحتاج الى محللين سياسيين ولا كتاب كبار ولا صحفيين بارعين بل يشعر بها كل مواطن يمني وكل مراقب أو مهتم بالشأن اليمني وبما يحدث في أرجائه.
عندما يريد مسئول كبير في الأمم المتحدة او المبعوث الخاص لها الى اليمن لقاء الأطراف اليمنية المتمثلة بالشرعية وعلى رأسها الرئيس هادي وجماعة الحوثي وعلى رأسها’’ عبدالملك الحوثي ‘‘فإنه حين يقرر مقابلة الرئيس هادي يأخذ اذن المقابلة من سلطات المملكة العربية السعودية وتحط طائرته في مطار دولة أجنبية ويستقبله في المطار وفد من السلطات السعودية ويقابله الرئيس هادي اخيراً في أحد الأجنحة الفندقية او القصور الملكية -سموها كما شئتم - ويدلي بتصريح صحفي لقنوات سعودية .
بينما يختلف الأمر عندما يرغب بلقاء عبدالملك الحوثي فإن طائرته تهبط في مطار العاصمة اليمنية صنعاء ويستقبله وفد حوثي وتقله سيارات في شوارع صنعاء ويقابل زعيم الجماعة في أراضي يمنية خالصة بل وفي عاصمة اليمن ويدلي بتصريح صحفي لقنوات يمنية يسيطر عليها الحوثي منذ انقلابه أواخر عام 2014م .
وعلى الصعيد العسكري يصور الحوثي للعالم اجمع أنه يمتلك زمام المعركة ويشعلها في الوقت الذي يشاء أين ما يريد فتراه على الأرض هو من يمتلك خطة الهجوم ومسلحيه من يهاجمون هذه المدينة وتلك فيفتح نيرانه على مارب اليمنية في الوقت الذي يحدده هو بينما تقف قوات الجيش الوطني والمقاومة في وضع الدفاع لصد هجماته ومنعه من الدخول الى المدينة التي تعتبر مركز لملايين النازحين والمدنيين اليمنيين االفارين من جحيم الحوثي وحكمه.
وفي الوقت الذي يوقف الحوثي هجماته تهدأ المعارك فتجد المجتمع الدولي يناشد الحوثي إيقاف هجماته لأنه يدرك ان الحوثي هو الموجود على الأرض وان الشرعية ليست الا للدفاع وكأن استعادة صنعاء ليست في خططها فنحن لا نراها الا من خلال التصريحات الإعلامية.
وعلى صعيد التحالفات فالتحالف المساند للشرعية يخذلها في أغلب المحافظات المحررة فالشرعية لا تسيطر الا على مدينة او مدينتين والعاصمة المؤقتة عدن سلمها التحالف لمليشيات عسكرية لا تخضع للدولة فمناطق الشرعية ممزقة وكل منطقة لها قانونها وكأنها دويلات وهذا ما يراقبه المجتمع الدولي ، ونستطيع القول ان التحالف عمل على اضعاف الشرعية واسقاط ثقتها امام العالم بينما ايران تقف بكل قوتها خلف حليفها الحوثي وتظهره بانه المتحكم في جميع الأمور العسكرية والسياسية وإن كان ظهور سفيرها في ايران ’’حسن ايرلو ‘‘في الفترة الأخيرة كحاكم لصنعاء الا انه لم يمنع تواجد قيادة الجماعة في العاصمة صنعاء مثلما عمل التحالف مع قيادة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن .
وعلى الصعيد الاقتصادي يشهد الدولار استقراراً كبيراً في العاصمة صنعاء فهو لا يتجاوز 600 ريال يمني للدولار الواحد بينما يقترب سعر الدولار في مناطق الشرعية من الألف الريال وان كانت الأزمات تتساوى في جميع المناطق اليمنية فسعر البترول لا يختلف من صنعاء الى عدن الى حضرموت.
إن المتأمل في هذه المقارنة يجد أن الحوثي بكل سلبياته وجرائمه هو من يمتلك القوة على الأرض وهو من يسيطر على القرار وهو المتحكم في جميع المناطق التي يسيطر عليها بعكس الشرعية الممزقة والضعيفة والتي لم تستطع ان تقدم نموذج مشرف واحد في المناطق المحررة لهذا فالمجتمع الدولي يقف مع من يقف على الأرض ومع من يظهر القوة لا مع الضعيف يقف مع من يقود المعركة العسكرية مع من يمتلك قراره العسكري يقف مع الزعيم الذي يستقبل مبعوثها في ارضه لا مع الرئيس الذي يستقبله في ارض جيرانه ، يقف مع المتماسك لا مع المتخاذل ، وهذه هي القواعد الحقيقية التي يتبعها المجتمع الدولي حتى وان بدت شعاراته غير ذلك فهو لن يكون الا مع الأقوى .