دعت سيدة مصرية إلى محاضرة عن تعدد الزوجات وفي لحظة صفاء ووسط جمع من النساء أخذت تتحدث بتدفق عن أهمية التعدد وفضله وفضائله وكانت بين الحاضرات شابة تعمل سكرتيرة لدى زوجها هي من اختارتها له ولكنها لا تعلم أن الأمر قد تطور بينهما إلى زواج غير معلن
تأثرت الشابة بالمحاضرة، وطافت في خيالها جملة من الافكار، واستبشرت بأن زواجها سيخرج إلى العلن، وعندها سيكون بمقدورها أن تضع حدًا لهذه التجربة الاستثنائية التي اضطرت لخوضها، وتعيش حياتها بشكل طبيعي ككل الزوجات..
وفي نهاية المحاضَرة اقتربت من ضرتها "المحاضِرة"، وكشفت لها السر، فما كان منها إلا أن ولولت وارتفع صياحها وصراخها يا خطافة الرجالة يا ناكرة الجميل....الخ، وكأنها لم تكن تدعوا قبل قليل إلى التعدد وتحث على القبول به..
وهكذا هي الاحزاب العربية والإسلامية منها على وجه الخصوص تتحدث عن الديموقراطية والحرية وهي بعيدة كل البعد عنها فلا يوجد رئيس حزب أو أمين عام صعد إلى منصبه بطريقة ديموقراطية حقيقية بعيدًا عن التزكيات والقوائم المتفق عليها مسبقًا
ولذلك تعيش هذه الاحزاب والجماعات والحركات اليوم أزمة حقيقية في القيادة، كون هذه القيادات غير قادرة على العطاء وليس بمقدورها خلق مسارات مبتكرة للخروج من هذه الازمات المعقدة التي تهددها تهديداً وجوديًا، هذا من جهة، ومن جهة اخرى، فالصف الثاني والثالث المتطلع لدوره في القيادة في معظمهم لا يمتلكون المهارات القيادية التي تمكنهم من السيطرة على كياناتهم والعبور بها في ظل كل هذه التحديات كون صعودهم كان عن طريق التزكية والمجاملات ووفقًا لقاعدة ابن خلدون "فاز المتملقون".
غياب المناخات الديمقراطية الحقيقية والتنافس الجاد داخل هذه الاحزاب حرمها من صقل مواهب وقدرات كوادرها القيادية والإدارية والابداعية وجعلها اشبه ببرك آسنة غير قابلة للحياة
واعتماد الأحزاب والجماعات الإسلامية لمعايير تتعلق بالعبادات في تقييم كوادرها ابعدها عن قضايا الشعوب، فالعبادات والدعوة إلى الله من أعمال الآخرة، والله وحده من يحاسب ويجزي عليها، فيما السياسة والعمل الجماهيري من أعمال الدنيا، والشعوب هنا هي صاحبة الجزاء والثواب، فلا يهمني ولا يعنيني كمواطن صلاتك وصيامك وحفظك للنصوص الدينية، بقدر ما يمهمني قدرتك على ملأ مكانك الوظيفي وتفانيك في خدمة مجتمعك وشعبك بكل نزاهة وشفافية.
والتمثيل قد يصمد في مجال العبادات لكن حبله قصير وقصير جدًا في مجال المعاملات.