في خطاب النصر وميليشياته تستكمل بنشوة وشرهٍ كبيرين سيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 بدى عبد الملك الحوثي حريص كل الحرص على تأكيد وجهتهم التالية ومن يومها ومأرب حاضرة في كل خطاباته كهدف رئيس تهون في سبيله كل التضحيات
واستنادًا لتجارب سابقة للمشروع الذي يمثله الحوثي اليوم والذي كانت تحركاته منذ الوهلة الأولى وفقاً لخرائط جغرافية معدة مسبقاً وبشكل مدروس فقد كان الحوثيون وقبل سقوط صنعاء بأشهر يخوضون اشتباكات مبكرة مع قبائل الجدعان على الأطراف الشمالية لمحافظة مأرب
وفي كل المناسبات الطارئة التي استحدثها الحوثي منذ قدومه المشئوم وما أكثرها وهو يحشد نحو مأرب يحتفل في صعدة وصنعاء وعينه على مأرب يقصف في العمق السعودي وهدفه مأرب يفاوض في جنيف والكويت وستوكهولم والغاية مأرب
وفي اللقاءات العامة في المدن الخاضعة لسيطرته يتحدث عن قرب سيطرتهم على مارب
ستة سنوات وعقدة مأرب لم تنكسر، استخدم كل الوسائل وجرب كل الأسلحة واستحدث الجبهات على مشارفها الشمالية والغربية والجنوبية، زرع الخلايا التخريبية، وتواصل مع مكونات المجتمع المأربي كلاً على حده وقدم الوعود المعسولة
بث الاشاعات مع كل اندفاعة لميليشياته نحو مأرب واستخدم حتى المنظمات الإنسانية الدولية الملغومة بعناصره لترويج سيطرته الحتمية على مأرب وجعلها تسارع في رسم خرائط ومسارات لإعادة توزيع النازحين الذين تغص بهم مأرب على محافظات شبوة وحضرموت والمهرة لعل الإرادة المقاومة له تهتز وتنكسر
وفي الحقيقة ليس الحوثي فقط من ينتظر سقوط مأرب فأبوظبي وأدواتها على الأرض تنتظر بشوق سقوط مأرب كي تتغلب على بعض العقد والتحديات التي مازلت تؤرقها وفي مقدمتها شبوة
والمتفاوضون في الرياض أو لنقل جزء منهم ينتظرون سقوط مأرب كي تتغير معادلة تشكيل الحكومة التي طال انتظارها
والمنجمون على وسائل التواصل الاجتماعي ينتظرون سقوط مأرب كي تصدق تنبؤاتهم وتحذيراتهم المتكررة
وآخرون ينتظرون سقوط مأرب كي تنتقل البلاد إلى الخطوة التالية ليس حباً في الحوثي بقدر ما هو في اعتقادهم استسلاماً للواقع ولو إلى حين بعد أن خاب أملهم في الشرعية والتحالف الداعم لها
وما لا يدركه المناوئون للحوثي من الحديدة غرباً إلى مأرب شرقاً أو يتغافلون عنه أن الحوثي لا يأبه لأعداد القتلى ولا للأخبار التي تتحدث أن جثثهم متناثرة في الوديان والشعاب والجبال وبين الكثبان الرملية فهو "يحارب أعداء الله بأعداء الله" وهذه هي القاعدة التي ينطلق منها في حربه وتحركاته ويتوارثها كعقيدة عن أبائه وأجداده والقتلى الذين يتعمد أن يزفهم في مواكب معلنة هم وقود حربه المتواصلة
ولذلك لن تتوقف محاولاته مهما كانت الخسائر...