لم يعد الحديث عن النازحين على وسائل الرأي العام من صحافة وإذاعة وتلفاز يأخذ سوى حيز ضيق في هذه الوسائل، فهل اختفى النازحون أم أن وسائل الإعلام هي التي قصّرت في أداء واجبها نحو هذه الإشكالية؟ هذه المحنة الكبيرة التي تواجه الأمة، وتعصف بكل محاولة لإصلاح ما دمرته وتدمره الحروب والنزاعات، أليس الجدير إذن أن تتضافر الجهود لإيجاد حل لها بدلًا من تجاهلها أو التعايش معها؟
هل آن لهذه الأمنية أن تتحقق، وأن يستعيد الإنسان ما افتقده من شعور المسؤولية، وما يبعده عن هذه القضية المؤثرة والقائمة على حقيقة أن الإنسان لا بد له أن يتحرر روحيًّا وجسديًّا من كل ما يعيق حالته، ويؤثر على مسيرته؟ إننا نحاول ونحاول، ولا بد في نهاية المطاف أن ننجح، هكذا تقول الحقيقة، وهكذا يقول الواقع، وقد اقترب الحل، ولا بد أن نتابع ونتابع حتى لا نتراجع ونعود إلى المناخ السابق نفسه؛ مناخ النـزوح والتشرد وتبديد الطاقات في مواجهة الهجرات المستمرة والآتية من هنا وهناك، وعلينا ،كما سبقت الإشارة، أن نواجه كل المحاولات الهادفة إلى تجاهل هذه الظاهرة المأساوية وأن نستعيد زمن الاهتمام بالنـزوح والنازحين، بكل ما في ذلك من انكسارات وأحزان، وعلينا ،مهما كانت التضحية، أن نتجه إلى المستقبل وأن نتجاوز حالة الركود والجمود، وإذا فعلنا ذلك فإننا نكون قد نجحنا نجاحًا باهرًا، وحققنا الخطوة الأولى على طريق ما نبتغيه ونبحث عنه، وهو أمرٌ ميسورٌ وسهل، في مقدورنا تحقيقه إذا ما واصلنا الاعتماد على أنفسنا وإرادتنا، وعلى الأمل الكبير الذي سيقودنا إلى النتيجة المرجوّة.
لقد مضى زمن النازحين ببؤسه وسوء أيامه، ولا يصح، بل ولا يجوز الاستمرار في الدوران حول ذلك الزمن وما يفيض في جنباته من آلام وانتكاسات ورجوع عن الطموح اليومي الهادف إلى ما يستحقه الإنسان من نقلة جديدة في حياته على هذه الأرض، بكل احتمالاتها وتطلعاتها، ولنا أن ندافع بقوة عمّا نحلم به ونتطلع إلى تحقيقه، وأن لا نقبل بأية حال التراجع عن هذا الهدف الكبير، ما لم فنكون قد فقدنا الخطوة الأولى نحو ما يساعدنا على الوصول إلى ما نرجوه، وما هو أفضل.