ما تشهده الساحة اليمنية من عبث هي نتائج وليست أسباب! غياب الرؤية الوطنية الواحده وإنصراف كافة الأطراف وراء مصالحها الآنية الضيقة وتخبطها وسيرها في صحراء الخيال الممتدة في سماوات الهوى دون هدف واضح يصب في خدمة الجماهير اليمنية وينزل عند خياراتها واختياراتها. بالإضافة لسوء نوايا البعض وهيمنة المطامع لديهم أفسدت كل شيء وتردت بأهلها في مهالك سوء النية وقيعان قبح الصنيع!
تتجلى احدى مظاهر تخبط الشمال والجنوب في ما يفعله المجلس الانتقالي في عدن، والذي لو إنصرف منذ إعلانه عن نفسه لإدارة إقليم عدن وفقاً لمخرجات الحوار الوطني وترك الطموح المستحيل التحقق، لكان له أنجى ولجماهيره أفيد وعند الأصدقاء أصدق وأفلح. فاليمن الاتحادي بأقاليمه الستة بات ضرورة وليس بمقدور إقليم سبأ أو عدن أو تهامه أو آزال أو حضرموت أو الجند التفرد بالحكم والسيادة دون غيره من الأقاليم!
اليمن بلد ممتد ومتوحد في وجدانه وجغرافيته إلى أبعد مما يتصور قصيري النظر وعديمي الخيال. يضرب في أعماق التاريخ إلى المدى الذي ليس بمقدور عقولهم الصدئه إستيعابه.. ويمتد بنضالاته وتجاربه وثقافته إلى الحد الذي يصعب على هؤلاء الصغار إدراكه!
فليتوقفوا عن الجنون، فلا يوجد عاقل يطلق النار على قدمه..! فالوطن لنا جميعاً ولن يقبل أحداً بالتهميش أو سيادة أحد على حساب حقوقه التي كفلتها له كل القوانين السماوية الدولية والمحلية.
إن ركبوا رؤسهم وتمادوا في غيهم وتوهموا بأن الكفيل سيكفيهم غضبة الشعب اليمني، فستكون تلك الطامة الكبرى! صدقوني، لن يقبل اليمني بأن يُكسر او يُمتهن على الأطلاق مهما كانت معاناته، و لن يلبث الا ان ينهض كطائر العنقاء من تحت الركام وسيقاتل الى قيام الساعة ...! و ستدخل اليمن في حرب طاحنه، تتوارثها الأجيال، ولن ينتصر فيهم طرف!
ليدرك الجميع، قبل فوات الأوان، إن مصيرنا واحد، والوطن لنا جميعاً. ولا يمكن لطرف، مهما اوتي من قوه أن يستحوذ على مقاليد السلطة في اليمن منفرداً. هذا ليس تمنٍ بل نتائج قراءة لتاريخ اليمن وكذا تجارب معظم الشعوب التي قضت عقوداً طويله من الأحتراب لتدرك بعدها ان لا مناص من مشاركة الجميع في بناء وصناعة مستقبل اوطانهم والخلود تحت راية الوطن! فكانت تلك التجارب والمحن هي التي أفرزت الحضارة المعاصرة التي تشهدها الشعوب الأوروبية و روسيا وجنوب آسيا.
وحسب قول الشاعر
وهـــا أنا أسـري في ظلامي وإنني *** أذم صبـــاحي والخلائـق هجع
أقول لصبري أنت ذخري لدى النوى *** وذخر الفتى حقاً شفيع مشفع