يشهد اليمن متغيرات وأحداث متسارعة منذ العام 2011، وهو العام الذي تفجرت فيه ثورة 11 فبراير الشبابية الشعبية.
الكل يدرك المآل الذي صارت إليه الأوضاع الآن. لكن وسط ذلك يجري تسميم الفضاء العام بمغالطات كثيرة ونقاش عدمي حول الأسباب والمسببات التي أدت إلى كل ذلك.
مثلا لا يمكن أن نفهم تعايش البعض مع فكرة تجريم الشباب والمواطنين الحالمين بحياة كريمة وغد أفضل، وكانت وسيلتهم التظاهرات السلمية التي شهد لها العالم ، حتى وإن كانت النتائج سيئة الآن.
ذات البعض يتجاهل فشل كل محاولات تفجير الثورة من داخلها إلى القفز لطرف لطالما منحه نظام صالح وسائل الظهور والدعم المسلح بدون حدود، بينما منحته الثورة، كغيره من التكوينات، مجرد خيمة في ساحة التغيير بصنعاء.
في الوقت ذاته، جرى تسليم محافظات لتنظيم القاعدة بهدف إثارة فزع العالم وتشويه الصورة البيضاء للمظاهرات السلمية.
حين كانت رصاصات الجيش والبلاطجة تمطر المتظاهرين في الشوارع والميادين العامة، توارى الجيش في أبين وصعدة وسلمهما إلى التنظيمات المتطرفة والفاشية.
كانت تلك البداية. أما النهاية فكانت أدهى وأمر بعد تسليم صالح معسكراته ومخازن أسلحته للحوثيين، وتعرضه لاحقا للسحل على أيديهم بعد أن أراد استعادة جزء بسيط من كرامته الشخصية المهدورة.
بامكان أنصاره أن يتحدثوا عن انتفاضة الثلاثة أيام كخاتمة طيبة لمسيرته. لكنهم يعيشون مرحلة "تيه عظيم" و حالة شتات ما بين الداخل المتحالف مع قتلة زعيمهم والخارج الموزعة بين عواصم الرياض وأبو ظبي والقاهرة.
ثمة مواقف متناغمة وشديدة البأس تجاه كل ما يتعلق بثورة 11 فبراير وأنصارها وتحميلهم كل شرور. تواتيهم شجاعة غير منقطعة النظير تجاه كل ما هو غير حوثي.
خلال الأيام الماضية، ثارت ثائرتهم بسبب الافراج عن أشخاص وقد قضوا تسع سنوات من عمرهم في السجن بتهمة محاولة اغتيال صالح في حادثة دار الرئاسة.
وقرر مؤتمر صنعاء مقاطعة أعمال المجلس السياسي ومجلس النواب ومجلس الوزراء ومجلس الشورى التابعة للحوثي.
بينما هذا المؤتمر والجناح ابتلع لسانه في قضية قتل الحوثيين لصالح بتلك الطريقة الشنيعة، بل ولم ينبس بكلمة للمطالبة بجثته التي طواها النسيان.
خلال سنوات الحرب العجاف، ارتكبت مليشيا الحوثي جرائم وانتهاكات مريعة، واقتضت الحرب تدخلات السعودية والإمارات المدمرة.
كل هذا الدمار والخراب الهائل لم يثر حمية المؤتمر، وظلت مواقفه كامنة ومخبوءة.
تلك نماذج بسيطة لحالات نعيق لا تتوقف بشأن الخراب الذي صنعه نظام صالح على مدى 33 عاما، وختمها بسوء لم يسبقه إليه أحد بتحالفه المنتقم مع الحوثيين كي يقال: انظروا ماذا فعلت ثورة 11 فبراير؟.