عن معاناة "طرموم"!
الساعة 11:31 ص

كتبت منشورا عن ابيضاض كفيّ صلاح لطول اغترابه في سجون الحوثيين ولا يزال ..

فأخبرني أحد أصدقائي أن الصحفي هشام طرموم ـ أيضا ـ قد ابيضّت بشرته وكفاه في السجن ..

قال ذلك مبتسما ، لكنني انتفضت وتهدم قلبي كما لو أنه سقط في بئر سحيق ..

ذلك الشاب الطيب الأسمر .. أصبح أصفرا أو ربما أغبرا لا أبيض ..

هل رأيتم كيف تنشف مباسم المفجوع ويمتقع وجهه وتطفو الصفرة عليه ..؟

إنهم مفجعون لا أكثر ..

ربما يعرف البعض صوت هشام طرموم ..

صوته مختلف للغاية ، تتخلله بحّة خافتة وموسيقى حزينة في نفس الوقت

تروي الموسيقى في كل كلمة من كلماته معاناة طويلة طويلة

فهو من بلاد يتحكم فيها الجلادون والمتنفذون وليس لإهلها فيها إلا العشة التي يأوون إليها والحصير الذي ينامون عليه وعلى من يشب في تلك القرى المجندلة جوار مزارع المتنفذين أن يغترب بحثا عن لقمة العيش .. لهذا جاء صوته محملا بالشجن من تلك البلاد ..

هشام طرموم صحفي مكافح عرفته زميلا في كلية الإعلام قبل سبع سنوات ..

هو أول من أخذ بيدي لألقي قصيدة في احتفال أقامه اتحاد طلاب اليمن في جامعة صنعاء عام 2012م ..

عندما علوت المنصة كان هشام يضحك ويصفق بحرارة بكفيه السمراوين وكانت بهجته تغطي الجمهور حتى أصبح الجمهور كله ..

لكنني لم أتوقع حينها أن كفيّ ذلك الزميل القروي الطيب ستغدوان مصفرتين نتيجة الجوع والفجائع في سجون الحوثيين ..

صديقي هشام لم يستطع مواصلة الدراسة لضيق ذات اليد فالتحق بالجيش ثم عاد بعد سنتين تقريبا لمواصلة الدرسة لكنه عاد أسمرا مليئا بالحياة كما كان ..

سمرته تلك لا يمكن تعبيدها لتغدو لونا آخر فهي لون تهامي وفي لا يتغير ..

غير أن الحوثيين غيروا كل شيئ .. ومن لم يصفرُّ جلده لشدة الجوع أو الأمراض ، صبوا عليه الأسيد أو سلخوا جلده ضربا وكيا بالنار ..

أنا لست عاطفيا لأكتب بلغة عاطفية هنا لأعطي الحكاية حقها ، ولكن حكايات الناس الغلابى مثل المختطف هشام طرموم تعطفك عطفا إلى نصفين وتجعلك جائعا إلى سماع موسيقى صوته الحزينة والبكاء على وقع الشجن الذي تحمله تلك الموسيقى.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً
كاريكاتير يجسد معاناة سكان تعز جراء الحصار
اتفاق استوكهولم
صلاة الحوثيين
الإغتيالات في عدن