شاعر من بلاد الألغام
الساعة 03:33 م

الكبار يجذبونك بتفاصيل مثيرة، تتناقض عما هم فيه وما عايشوه، تُنحت في الرأس كنقش لا يمكن نسيانه، وعامر السعيدي شاعر من بلاد الألغام.
قبل أن تزرع المليشيا الألغام على أرض البلاد، كان أبناء المنطقة التي ينتمي إليها عامر يحصدون ما زرعه الحوثيون، بتر وموت، يتم وتأرمل، ومنازل صارت خرابًا، في تلك السنة ذهب صاحبي محمد جرادي إلى هناك ورجع بالملف المؤلم، كنت أنشره وأعيد كتابة التعليقات على الصور، وعلى طريق الألغام تعرفت على عامر السعيدي.
قرأت له قصيدة ثائرة، صفقت: مذهل. وضع له صورة اكتشفت أنه قروي مثلي، إذ كان مغرمًا بتلك الصورة: وجه أملس بتحاسين فنية أخفت حب الشباب لكنه مغطى بنظارة شمسية تشبه نظارات الملحمين.
حسبت عامر من تعز، وأنه يبحث عن نشر قصائده، حماسته لملف الأسر المتضررة من الألغام ربما تكون من قبيل المجاملة. 
حين تواصلت مع عامر كان متلهفًا لإبداء المزيد حول الانتهاكات التي يتعرض لها أبناء "حجور، كشر، عاهم.." يتحدث عن جغرافيا الألغام والأسر التي تتألم بعيدًا عن العالم، كان يريد منا نقل صورة عن أوجاع منطقته للعالم لا نشر قصائده، ومع ذلك كان لا بد من همهمة: شاعر ومن حجة.. مكسب جديد.
شاعر معتد بنفسه وقرويته، لا يجامل أحدًا ولا يخبئ رأيه عن أي شخص مهما كانت قيمته وشهرته..
شق طريقه نحو العالم، وردد الذائقون للشعر: الله الله.. عقب قراءة قصائده المبهرة..
يبلغ المدى، يسافر هنا وهناك ليلقي القصائد، ويعود إلى قريته ليذكرنا بالألغام.
اقترح عليّ مرة: سنذهب سويًا لحجة، سأريك بلاد الشعر والألغام، عدد الكثير من الشعراء، وافقت على الفكرة بلا تحفظ، سنذهب لنستلهم الكتابة من بين الألغام..
صرنا أصدقاء وأكثر من الاخوة، يزورني، يتفقدني، أتفقده دون اتصال، ليس بالضرورة أن يتصل أو أتصل، حديثي للآخرين عن صديق أو صاحب هو التعبير الأصدق عما يمليه قلبي.
البلاد كلها صارت مزروعة بالألغام، لا صحف لنشر المعاناة والانتهاكات، 
بعد لغمين، ثلاثة، خمسة، وبعد أن يعبر عامر عن وجعه من جرائم المليشيا، يكتب قصيدة يتحداهم بها، تنتشر القصائد، صار لعامر شعبية تثير حسد الكثيرين في العالم الافتراضي وبينهم أنا..
أخرجتنا الحرب من صنعاء، شتتت شمل الأصدقاء، يخرج عامر من البلاد كلها، لكن  فؤاد الشاعر يضيق بالغربة، ويعود، يتسلل إلى صنعاء ليحتفل بخطوبته ويعود إلى مأرب.
في مأرب يحتفل عامر بزفافه الميمون، ولا نستطيع اجتياز الألغام للرقص في زفافه..

كتبت هذا كله علشان أقول لعامر: ألف مبروك

*من صفحة الكاتب على فيسبوك 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً
كاريكاتير يجسد معاناة سكان تعز جراء الحصار
اتفاق استوكهولم
صلاة الحوثيين
الإغتيالات في عدن