لا يبدو اليمن بعيدا عن المشهد الذي أحدثه مقتل الجنرال الإيراني البارز قاسم سليماني بضربة جوية أمريكية في العراق، توعدت طهران بـ"رد قاس" عليها.
وقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، والرجل الثاني في هيئة الحشد الشعبي العراقية أبو مهدي المهندس، في ضربة وجهتها طائرة أمريكية فجر أمس لسيارتين قرب مطار بغداد الدولي.
ويرى مراقبون أن مقتل سليماني يمكن أن يربك المشهد المعقد أصلا في اليمن، خاصة وأن المصالح والقواعد العسكرية الأمريكية على مرمى حجر من إيران وحلفائها الايدلوجيين في المنطقة.
ويشهد اليمن نزاعا دمويا منذ نحو خمس سنوات، تتداخل فيه ايران (الداعمة للحوثيين) والسعودية (الداعمة للحكومة).
وقال الأكاديمي في مجال التنمية الدولية وبناء السلام الدكتور موسى علاية، ان سليماني كان المحرك الرئيسي للنفوذ الإيراني في المنطقة العربية ومن أجل الرد على مقتله قد تستثمر طهران جماعة الحوثي في اليمن للقيام بدور انتقامي.
وأوضح علاية لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن الرد الايراني قد يكون من خلال تنفيذ الحوثيين هجمات تستهدف مصالح الولايات المتحدة في المنطقة والتحركات البحرية الأمريكية في البحر الأحمر غربي اليمن.
واعتبر أن "أي مغامرة من قبل الحوثيين في ضرب المصالح والتحركات الأمريكية في المنطقة ستؤدي إلى زيادة وتيرة الدعم الدولي للتحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد الجماعة".
وحذر الخبير اليمني من أن هذا بدوره "سيؤدي إلى تصاعد العمليات العسكرية في الجبهات الداخلية اليمنية".
وبحسب علاية، فإن تبعات أي عمل إنتقامي ايراني انطلاقا من اليمن، ستسهم في إرباك المشهد المعقد في اليمن، وزيادة المعاناة الإنسانية بهذا البلد.
وجماعة الحوثي في اليمن، هي جماعة دينية شيعية متحالفة مع ايران، وتسيطر على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات الشمال اليمني، منذ أواخر عام 2014.
وكشف الحوثيون خلال السنوات والاشهر الماضية عن تطور لافت في قدراتهم العسكرية، ونفذوا خلال الآونة الأخيرة عمليات نوعية في البحر الأحمر (غربي اليمن) وفي العمق السعودي مستخدمين صواريخ باليستية وطائرات مسيرة مفخخة.
وقال الصحفي اليمني سفيان جبران، إن "أي رد ايراني بالتأكيد على مقتل سليماني الحوثيون سيشتركون فيه، وهذا سيجعل الشعب اليمني يدفع ثمن تحويل بلاده لقاعدة عسكرية ومكان لصراع دولي".
وأضاف جبران لـ ((شينخوا)) أن "سليماني يُعتقد أنه المسؤول الأول عن العمليات العسكرية السرية والعلنية وعن التنظيمات الشيعية المسلحة خارج إيران، وهو صاحب فكرة ضرب خصوم طهران من اليمن".
وأشار جبران الى ان "سليماني يعد بمثابة القائد بالنسبة للحوثيين الذين سيعملون خلال الفترة القادمة على الإلتزام بالتوجيهات التي تأتي من طهران، وربما نسمع بالقريب تنفيذهم لضربات انتقامية ضد مصالح أمريكية في دول الجوار أو في البحر الأحمر غربي اليمن".
بدوره، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي أحمد المؤيد أن إغتيال الجنرال سليماني "خطأ استراتيجي أمريكي بامتياز، ستستثمره إيران بأفضل طريقة في صراعها وحلفائها مع الأمريكان وحلفائهم في المنطقة".
وأضاف المؤيد ((شينخوا)) "تبدو الخيارات متعددة أمام إيران للرد على مستوى القدرة الصاروخية والطيران المسير وغيرها".
وتابع قائلا "بما أن القواعد العسكرية الأمريكية ومصالحها على مرمى حجر في جميع الإتجاهات من إيران، فان أوراق الضغط تبدو بيد طهران أكثر مما هي في يد الأمريكان".
لكن المؤيد استبعد أن يكون الرد الإيراني عسكريا، بل سيكون هناك "تلويح بالقوة، واستثمار ممتاز للحادثة حتى تعطي نتائج أفضل من أي ضربة عسكرية".
واتهمت الحكومة اليمنية سليماني بأنه مسؤول عن زعزعة اليمن، وأنه كان بمثابة "الحبل السري" الذي يربط بين جماعة الحوثي الشيعية في اليمن مع طهران.
وقال وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي، إن الدعم الإيراني للحوثيين في اليمن كان عبر فيلق القدس الذي يقوده سليماني.
واضاف الحضرمي في بيان بثه الحساب الرسمي للوزارة على (تويتر)، أن سليماني "عمل على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة وفي اليمن تحديدا بدعمه للمليشيات الحوثية".
وتابع "سليماني والنظام الإيران، الراعي الاول للإرهاب في العالم، مسؤولون عن قتل وتشريد الآلاف من الأبرياء في اليمن وفي الوطن العربي".
من جانبها، قالت جماعة الحوثي الجمعة إن اغتيال سليماني "جريمة حرب"، وإن "الرد السريع والمباشر" في القواعد الأمريكية هو "الخيار والحل".
واعتبر وزير الإعلام اليمني معمر الارياني ان ردة فعل الحوثيين على مقتل قاسم سليماني تكشف طبيعة العلاقة بين الطرفين.
وقال الارياني ان "العلاقة بين المليشيا الحوثية ونظام الملالي في طهران تتجاوز مجرد التنسيق وتلقي الدعم أو العمل كأداة أو الحرب بالوكالة إلى التماهي الكامل في العقيدة والمشروع والأهداف والأجندة".
واشار الارياني الى ان اليمنيين يقفون "صفاً واحداً ضد المشروع الايراني"، وينظرون لمقتل سليماني وتقويض السياسات التوسعية ومساعي الهيمنة الايرانية كـ"خطوة هامة لإنهاء الحروب والنزاعات وإحلال الأمن والاستقرار الذي تستحقه دول المنطقة".