الرئيسية - أقاليم - أجمل أيام حياتي كانت في المدرسة.. الطفلة نورا : لا تقتلوا أحلامي
أجمل أيام حياتي كانت في المدرسة.. الطفلة نورا : لا تقتلوا أحلامي
الساعة 03:58 م (رأي اليمن _غادة الحسيني )

 

ضياع لا افق لمنتهاه يحيق بأطفال اليمن بسبب التشرد والنزوح جراء الحرب ،، ارواحٌ مقهورة ، شاحبةً وجوههم باكيةً عيونهم  ،  لأن الماضي انتهى بالنسبة لهم ، والحاضر مؤلم وشاق ، اما المجهول فهو عنوان مستقبلهم .. فمن يجنب الاطفال مخاطر الحرب وينقذ مستقبلهم !!   

ملامح هذا الضياع ماثلٌ للعيان وجدنا حدوده في مارب اثناء زيارتنا لمنطقة ذَنَه  جنوب غرب المدينة  ..

حافيةً خرجت الينا الطفلة نورا تجر بيمناها اخيها الاصغر ناصر ،  وبيدها اليسرى دبة ماء صغيرة لتسقينا وسط الصحراء الموحشة.. 

تعيش نورا محمد طعيمان البالغ من العمر 14 عاما مع اسرتها المكونة من والديها وأربعة من اخوانها في عشةٍ من القش وسعف النخيل وسط منطقة محرومة من ابسط مقومات الحياة .. 

اخذت تسرد حكايتها ومأساة نزوحها من قرية صرواح التي تشهد حرباً عنيفةً بين القوات الحكومية والحوثيين منذ ست سنوات ، ودمرت كل شيء حتى المدرسة ..

تقول نورا إن الحرب دمرت بيتنا ومدرستنا في صرواح وحرمتني من الدراسة وفرقت بيني وبين زملائي وزميلاتي وانقطع التواصل مع اساتذتي،  فقد نزحوا هم ايضاً الى اماكن متفرقة في مارب ..  

تحوز نورا الترتيب الاول على مستوى مدرستها في صرواح قبل ان تشردها الحرب كما تؤكد هي ووالداها ، وأصبحت تمارس موهبتها في الانشاد في عشتها وسط قهقهات يطلقها اخوانها الصغار ، فلا احد يسمع صوتها الشجي غيرهم  . 

  تنشد بحرقة مقطوعاتٍ من الشعر الانساني وفي عينيها حزن غائر تكتوي بحرقته كل ليلة ،، وتغني من اعماقها للسلام  وكامل امنياتها ان يبدأ العام الجديد واليمن بلا حروبٍ ولا ازمات..  


   انشودة السلام 

  حدثتنا كثيراً عن حياتها وامنياتها وتفاصيل طفولتها وتشجيع ابويها لها ، لكن ما شد انتباهنا بحق هو اهتمامها الكبير بالحديث عن المدرسة والدراسة ،،  فما تلبث تتحدث عن موضوع ما حتى يعود بها خيالها للحديث عن المواد الدراسية وجمال المدرسة والمعلمات واحلامها التي دفنت وسط هذه الصحراء.

نورا ذات الاربع عشرة ربيعاً تغرد بصوتها كالعصافير وتطرب مَن حولها بلحنها الموسيقي الجميل , وتشدو بهذه المقطوعة الغنائية التي تحمل معاني الحُب والسلام :. 

 حلمي السلام مش بالكلام
 شوفوا دمع الصغار
لما الطفل تحت الركام 
عم يبكي ليل نهار".

  ووجعاً على مستقبلٍ طفوليٍ اصبح تحت الركام جراء الحرب, لم تتوقف عَبَراتها عند هذا الأنين ، لكنها من شدة حرقتها بسبب نزوحها وانقطاعها عن التعليم  ، اختنقت دموع العين في موقها واحتبست اوّاه في قلبها ، فتصرخُ بصوتها المرتل وقد طغت مشاعرها على كلماتها وهي تنشد للحياة وتستعدي الموت :.
اطفال وسط الموت
تصرخ بعالي الصوت
 شوفوا يا دنيا بيوت
القصف هون وهون 
 ما بدي اموت ... ما بدي اموت".. 

" الاضرار النفسية " 

تبقى تداعيات الحرب وموجات النزوح ثقيلة جداً على الاطفال, تُحدثُ في نفوسهم شرخاً عميقاً واضراراً نفسية كبيرة .. 
ولتسليط الضوء عن حجم هذه الاضرار 
التقينا الاخصائي النفسي د/ مهيوب المخلافي وأوضح لنا بالتفصيل تداعيات الحرب التي تلقي بثقلها على نفسية الطفل  قائلاً: ان الاطفال هم الاكثر تأثراً لعدم التكيف البيئي, نتج عن هذا التأثر الخوف والقلق والعدوانية عند الاطفال فيما بينهم او مع اسرهم , بالإضافة الى الشرود والابتعاد عن الاسرة ، كون الطفل يرى ان المكان الذي اصبح يعيش فيه غير مستقر. 

 ويضيف الدكتور المخلافي أن من تداعيات النزوح تضجر الوالدين من الوضع أثّـر على الاطفال سلباً وجعلهم يتذمرون من الواقع ، وانعكس عليهم نفسياً حتى صاروا بعد ذلك لا يرددون ما يقوله الأب والأم ، بل عاد عندهم جانب سلوكي عدواني, وجانب سلوكي انطوائي وما يسمى بالرُّهاب, والرُّهاب يأتي للأطفال النازحين ويأتي للكبار لكنه يكون عند الصغار اقوى ، كون الطفل ينظر للحالة المادية لوالديه والحالة التي يعيش فيها بخيمة او كنتيرة مما يؤثر على نفسيته.. 

 اما انعكاسات الصدمة النفسية لها مجموعة مقاييس منها ما ينعكس على الطفل كجانب قلق او اضطرابات في النوم او ينعكس عليه في التحصيل الدراسي وعدم قدرته على التركيز .. ".

 ويذكر المخلافي أن اطفالنا يقرؤون ما يدور في خلجات اذهاننا " قد لا يطبقون ما يدور بين الاب والام في حالة النزوح لكنه ينعكس عليهم في السلوك .،  انتهى كلام الدكتور. 

  "سبل العلاج " 

 وبدلاً أن يعيش هؤلاء الاطفال في رياض المدرسة تحت ظلال التعليم ونعيم الحياة, شردتهم الحرب حفاةً الى قفار موحشة ، يركضون وقد لفحتهم الشمس فضلاً عن رمال الصحراء الملتهبة.. 

فهل ستعود الفرصة للطفلة نورا وباقي الاطفال بعودتهم الى المدرسة قبل ان يفقدوا املهم بحب التعليم ؟!  ومن سيخفي تقاسيم الحزن المخطوطة في وجه الطفولة ويعيدُ لها وهج ابتسامتها واشراق روحها ! وهل عبارة نورا من حقي اتعلم وما بدي اموت ستهز الهِمم الخامدة وتحرك الضمائر الجامدة !!  

وعليه،  تكمن وسائل العلاج لهذه المآسي والحد من تخفيف التشرد وموجات النزوح ابتداء من الدعوة الى ايقاف الحرب واستشعار المسؤولية بشأن مستقبل اجيال الطفولة  وانتهاء بتجريم حمل السلاح وأن يكون حصراً على الدولة  ،  وانتهاءً بتنفيذ هذه النقاط على ارض الواقع يلمسها الناس لا أن تكون مجرد شعارات..

  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً
كاريكاتير يجسد معاناة سكان تعز جراء الحصار
اتفاق استوكهولم
صلاة الحوثيين
الإغتيالات في عدن