كشفت مصادر سياسية يمنية مطلعة لـصحيفة”العرب” اللندنية عن رفض الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي لمسودة اتفاق بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، تمخض عنها حوار جدة الذي ترعاه الحكومة السعودية.
وقالت المصادر إن الرئيس هادي أبدى موافقة مبدئية على الاتفاق الذي يتضمن خطوات لإعادة ترتيب مؤسسات الشرعية وتشكيل حكومة مصغرة بمشاركة مختلف المكونات المناوئة للانقلاب الحوثي، قبل أن يتراجع عن موافقته ويتخذ موقفا وصفته المصادر بالمتصلب.
وأكدت المصادر على أن الرئيس هادي رفض خلال الأيام الماضية تلقي أي اتصال من فريقه التفاوضي في جدة الذي يضم نائب الرئيس علي محسن صالح الأحمر ورئيس الوزراء معين عبدالملك ونائب رئيس مجلس الوزراء سالم الخنبشي وعبدالله العليمي مدير مكتب رئاسة الجمهورية.
ووفقا للمصادر نفسها فقد امتنع هادي عن تلقي أي اتصالات أو استقبال أي زيارات في القصر الذي يقطن فيه بالرياض، بما في ذلك رفض التواصل مع اللجنة السعودية المكلفة بإدارة الحوار في جدة ونقل المقترحات.
وعزت المصادر التحول المفاجئ والمتشدد في موقف الرئيس هادي إلى تأثير الدائرة الضيقة المحيطة به والتي عمدت إلى حجب المعلومات عنه وأعاقت تواصله بفريقه التفاوضي، إضافة إلى الدور الذي لعبته مراكز القوى في الشرعية التي ترى أن أي اتفاق بين الحكومة والمجلس الانتقالي سيحدّ من سيطرتها.
ووصف مراقبون الإجراءات التي أقدم عليها الرئيس اليمني بعد استقباله نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان وموافقته على مسودة الاتفاق المقترحة، بمثابة تصعيد مفاجئ وخطير يعقّد العلاقة بين الشرعية والتحالف، ويسهم في إرباك جهود مواجهة المشروع الإيراني في اليمن.
وتمثلت الخطوات التصعيدية في إصدار قرارات رئاسية، من بينها إقالة محافظ البنك المركزي اليمني حافظ معياد وتعيين محمد الحضرمي وزيرا للخارجية، بالرغم من دوره الرئيسي في توتير العلاقات مع التحالف وتكريس جهوده الدبلوماسية في مهاجمة دولة الإمارات العضو الفاعل في التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
ووصف خبراء في الشأن اليمني تجديد الحضرمي في كلمة اليمن التي ألقاها في الأمم المتحدة، الأحد، للاتهامات الموجهة لدولة الإمارات بدعم المجلس الانتقالي وقصف قوات الجيش الوطني، تأكيد على نهج التصعيد السياسي الذي تصرّ على اتباعه الدوائر المؤثرة في الشرعية اليمنية تجاه التحالف والمكونات اليمنية الأخرى، في الوقت الذي تقود فيه السعودية حوارا بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي في جدة.
وقال الحضرمي الذي دشن نشاطه الدبلوماسي بلقاء مثير للجدل مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في كلمته أمام الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة أن “المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم ماليا وعسكريا ولوجستيا من دولة الإمارات العربية المتحدة (قام) بالتمرّد على الدولة والسطو المسلح على مقرات الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن، في إطار تحالف جاء لدعم الشرعية واستعادة الدولة”.
وأضاف “أن الجيش وللأسف تعرض لضربات عسكرية مباشرة وخارجة عن القانون الدولي من الطيران الإماراتي وبصورة شكلت ضربة قاسية في جسد الوطن وانحرافا صريحا عن الأهداف النبيلة لتحالف دعم الشرعية في اليمن”.
وفي أول رد إماراتي على الاتهامات التي ساقها وزير الخارجية اليمني، عبرت أميرة الحفيتي نائبة المندوبة الدائمة للإمارات لدى الأمم المتحدة، عن “أسف بلادها ورفضها للادعاءات التي أطلقها ممثل اليمن في خطابه أمام الأمم المتحدة”، مشددة على رفض الإمارات لإقحامها في خلافات داخلية في جنوب اليمن في الوقت الذي دعت فيه إلى التهدئة، وشاركت إلى جانب السعودية في لجنة لتطبيع الأوضاع.
وقالت الحفيتي إن الإمارات “لديها الحق في الدفاع عن نفسها والرد على التهديدات الموجهة لقوات التحالف العربي باليمن”، مشيرة إلى أن ما حدث هو “استهداف ميليشيات إرهابية بضربات جوية محددة وفقا لقواعد الاشتباك المبنية على اتفاقية جنيف والقانون الدولي الإنساني نتيجة التهديد المباشر لأمن قوات التحالف”.
وأضافت أن “الإمارات ستستمر في اتخاذ إجراءات ملائمة ومناسبة لحماية قوات التحالف العربي من التهديدات الموجهة لها وضمان عدم عودة العناصر الإرهابية بما في ذلك ضمان عدم عودة داعش لمزاولة أنشطته الإرهابية في اليمن”.
وجاء الخطاب التصعيدي لوزير الخارجية اليمني في الأمم المتحدة في أعقاب كلمة لوزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، أكد فيها على مواصلة بلاده جهودها لإنقاذ اليمن من أزمته ومواجهة الميليشيات الحوثية والتنظيمات الإرهابية.
وقال وزير الخارجية الإماراتي إن بلاده تولي أهمية كبرى للجهود السياسية كخيار أساسي لخفض التصعيد ومعالجة الأزمات، مؤكدا على أن الإمارات حين انضمت إلى تحالف دعم الشرعية في اليمن “وضعت نصب أعينها استعادة الحكومة الشرعية اليمنية دورها، ورفض الأمر الواقع الذي حاول الانقلابيون فرضه، ودعم المسار السياسي الذي يقود إلى الاستقرار والسلام.
ورغم الانتهاكات التي يقوم بها الحوثيون، ستواصل بلادي جهودها لتحقيق السلام”.
وبعثت الشرعية برسائل وصفت بالسلبية للتحالف العربي منذ انعقاد حوار جدة، حملت في مضمونها تلويحا باللجوء لخيارات أخرى من بينها طلب إنشاء تحالف جديد يضم قطر وتركيا وسلطنة عمان، وفيما تواصلت الحملة الإعلامية الممنهجة ضد المجلس الانتقالي والإمارات في الإعلام التابع للشرعية، وصل ثلاثة من أبرز قيادات الشرعية إلى العاصمة العمانية مسقط وانخرطوا بحسب مصادر “العرب” في حوار سري مع الحوثيين وقيادات جنوبية موالية لإيران.
وأصدرت الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، إلى جانب ألمانيا والكويت والسويد، إعلانا مشتركا، الخميس الماضي، يؤكد دعم عملية السلام في اليمن بقيادة الأمم المتحدة.
وأكدت المجموعة دعمها التام لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، ودعت الحكومة اليمنية والحوثيين للتواصل بشكل بناء ومستمر معه.
وأشادت المجموعة بالجهود الدؤوبة التي يبذلها المبعوث الخاص لمساعدة الأطراف في تطبيق اتفاق ستوكهولم، والوصول إلى حل سياسي للصراع في اليمن. وبعد التطورات الأخيرة في جنوب اليمن، حثت المجموعة الدولية الأطراف المدعوة للانخراط في حوار بقيادة السعودية للحفاظ على وحدة أراضي اليمن.
وهذه التطورات تعكس الحاجة العاجلة لإطلاق عملية سياسية شاملة وممثلة للجميع تفضي إلى تسوية سياسية مستدامة لإنهاء الصراع في اليمن.
وأعرب البيان عن التأييد التام لخطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة بشأن إجراء مشاورات غير رسمية مع الفاعلين السياسيين اليمنيين، وتشكيل مجموعة استشارية سياسية استعدادا لاستئناف المفاوضات الرسمية.
وشدد البيان على أن اتفاق ستوكهولم يظل عنصرا مهما في عملية السلام اليمنية، وينبغي تطبيقه كما هو متوقع لأجل تخفيف الوضع الإنساني، وتوفير الثقة ما بين الأطراف، وتحسين الأجواء لإجراء محادثات سياسية.
وتضمن البيان دعما دوليا لجهود بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، المقترحات الأممية الخاصة بالترتيبات الأمنية.