توجه أكثر من نصف مليون طالب وطالبة في محافظة الحديدة (غربي البلاد)، إلى مدارسهم، السبت الماضي، وسط تحديات كبيرة تواجه العملية التعليمية، في ظل تجدد المعارك من حين إلى آخر في المحافظة الساحلية.
وانطلق عام دراسي جديد في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في الحديدة، وسط معوقات تهدد بتوقف الدراسة وحرمان آلاف الطلاب من الحصول على الحد الأدنى من التعليم، نتيجة الحرب والتصعيد العسكري المستمر.
واستقبلت 1400 مدرسة حكومية وأهلية في محافظة الحديدة وريفها، أكثر من 600 ألف طالب من مختلف الفئات العمرية، مع انطلاق العام الدراسي الجديد 2019 – 2020، بحسب مدير الإعلام التربوي في المحافظة محمد شنيني.
وأوضح شنيني، في حديث لـ”المشاهد”، أن مكتب التربية والتعليم بمحافظة الحديدة حرص على التهيئة لبدء عملية الدراسة بمختلف المدارس بالمحافظة، عبر حملة “التعليم أولاً” التي تهدف لحشد أقصى الجهود لتهيئة الطلاب والمعلمين للعام الدراسي الجديد، مؤكداً أن نسبة حضور الكادر التعليمي في مدارس الحديدة في أول يوم دراسي، وصلت إلى 80%، فيما تجاوزت نسبة حضور التلاميذ 75%، ما يعكس حرص أبناء الحديدة على استمرار العملية التعليمية رغم ظروف الحرب.
صعوبات أمام الطلاب
يواجه سكان المحافظة الأشد فقراً في اليمن، صعوبات كثيرة في تأمين المستلزمات المدرسية لأبنائهم، نظراً للوضع المعيشي الصعب الذي يمرون به، كما تتعرض الكوادر التعليمية لضغوط كبيرة نتيجة انقطاع المرتبات منذ 3 أعوام.
ويمثل الكتاب المدرسي تحدياً كبيراً أمام الطلاب، لكن شنيني يقول إنهم يتغلبون على العجز في الكتاب المدرسي من خلال استرجاع الكتاب المدرسي من الطلاب، مضيفاً أن هذا الأمر يلبي قدراً من الاحتياج، لكنه لا ينهي المشكلة، “ونأمل أن نوفره بالقدر الكافي، وخاصة للصفوف الأولية”، وفق سنيني.
وتضررت نحو 100 مدرسة في مختلف مديريات الحديدة، نتيجة غارات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، 20 مدرسة منها تدمرت بشكل كلي، وأصبحت خارج الخدمة، الأمر الذي دفع مكتب التربية في المحافظة إلى إيجاد بدائل للمدارس المدمرة، إضافة إلى الواقعة في مناطق التماس من خلال استيعاب الطلاب في بقية المدارس الأخرى، بحسب شنيني.
تعثر الدراسة في مناطق الحكومة
وعلى الرغم من تدشين العملية التعليمية في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، منذ الأحد قبل الماضي، إلا أن العملية التعليمية في مديريات الحديدة الثلاث الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، وهي “حيس والتحيتا والخوخة”، لم تبدأ بعد.
ويبدو مصير العام الدراسي لآلاف الطلاب في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة، إضافة إلى من أجبرتهم المعارك مع ذويهم على الفرار من مناطق التماس في الحديدة، في مهب الريح، مع المواجهات العسكرية المستمرة في تلك المناطق.
وقال تربويون لـ”المشاهد” إن انطلاق العام الدراسي الجديد في مديرتي حيس والتحيتا (جنوب الحديدة)، لايزال متعثراً بسبب المعارك التي تندلع من حين لآخر بين القوات الحكومية والحوثيين، في تخوم المديريتين، والقصف الحوثي العشوائي الذي يستهدف المدنيين.
وفي مديرية الخوخة الآمنة نسبياً من خطر القصف الحوثي، تأجل بدء العام الدراسي الجديد، بسبب تمركز قوات عسكرية في بعض مدارس المديرية، والتي تم الاتفاق بين السلطة المحلية والقوات المشتركة على إخلائها وتسليمها للسلطة المحلية، وفق سكان محليين.
وكان العام الدراسي الجديد في عدن وأبين وشبوة، بدأ الأحد قبل الماضي، بعد تأجيل دام أسبوعاً كاملاً، بسبب المواجهات المسلحة التي شهدتها المحافظات الثلاث مؤخراً، في حين بدأت العملية التعليمية في المحافظات الأخرى الخاضعة لسيطرة الحكومة، في الأول من سبتمبر الجاري.
حرمان من التعليم في مخيمات النزوح
وبينما يشكو الطلاب في المديريات الواقعة تحت سيطرة الحكومة، من تعثر بدء العام الدراسي، يبدو المشهد أكثر قتامة في مخيمات النازحين في مديرية الخوخة، والتي تشكو من غياب التعليم، إذ لم تتبنَّ المنظمات الإنسانية دعم العملية التعليمة في هذه المخيمات التي يفتقر سكانها لأبسط مقومات الحياة، ما حرم آلاف الأطفال من الدراسة.
ويرى مدير الوحدة التنفيذية بمديرية الخوخة محمود سعيد معروف، أن صعوبة التعليم في مخيمات النازحين في الخوخة، تكمن في عدم توفر مدارس قريبة من المخيمات، وعدم توفر فصول في المدارس البعيدة نسبياً، كونها مزدحمة بالطلاب والنازحين المقيمين في مدينة الخوخة، مركز المديرية.
ويؤكد معروف، في حديث لـ”المشاهد”، أن غالبية الطلاب النازحين في مديرية الخوخة (جنوب الحديدة)، لم يتمكنوا، العام الماضي، من نيل حقهم في التعلم، بسبب عدم توفر مدارس وفصول دراسية كافية، مشيراً إلى وجود 4 مخيمات للنازحين في المديرية، تقطنها أكثر من 2,500 أسرة نازحة، بالإضافة إلى نحو 20 تجمعاً للنازحين خارج المخيمات، يتواجد فيها أكثر من 1,300 أسرة، جميعها تبعد عن المدارس، حيث يقطع الطالب حوالي 10 كيلومترات ليصل إلى أقرب مدرسة إليه.
ويشير إلى أن نحو 20 متطوعاً أبدوا استعدادهم لتدريس الطلاب في المخيمات وتجمعات النازحين الأخرى في مديرية الخوخة، لكن ما ينقصهم ويعيقهم عدم وجود إمكانيات مثل الفصول والمستلزمات الدراسية.
مليونا طفل خارج مقاعد الدراسة
ويحتاج نحو 3.7 مليون طالب يمني للمساعدة ليتمكنوا من العودة لمدارسهم، فيما لايزال ما يقارب مليوني طفل خارج المدارس، بحسب بيان صادر عن المجلس النرويجي للاجئين، مطلع سبتمبر الجاري.
ويؤكد البيان أن 2000 مدرسة تضررت بسبب الحرب، أو تستخدم لإيواء العوائل النازحة؛ كما أن آلاف المعلمين في اليمن لم يتلقوا رواتبهم منذ توقفها في أكتوبر 2016، ما يؤثر بشكل سلبي على حوالي 10 آلاف مدرسة، وما يقرب من 4 ملايين طالب.