طرح الانهيار السريع لأتباع الإمارات في جنوب اليمن، خلال أقل من أربعة أيام من المعارك، تساؤلات لدى المراقبين عن حقيقة ما جرى، بعدما كان هؤلاء قد سيطروا على محافظة عدن ثم أبين ووصلوا إلى محافظة شبوة حيث اصطدموا بالقوات الموالية للحكومة الشرعية وفشلوا في تحقيق انتصار هناك، قبل أن ترد قوات الحكومة وتستعيد شبوة ثم أبين وتدخل العاصمة المؤقتة عدن أمس الأربعاء، مع تساقط مواقع ومعسكرات مليشيات "المجلس الانتقالي الجنوبي" الموالي لأبوظبي واحداً تلو الآخر، واستعادة قوات الشرعية أغلب المواقع في عدن.
ونقلت صحيفة العربي الجديد، عن مصدر عسكرب بوزارة الدفاع اليمنية، أن المعركة أُعد لها منذ انسحاب قوات الشرعية من قصر المعاشيق الرئاسي في عدن، وإخراج أغلب القيادات الموالية للشرعية من العاصمة المؤقتة، وكانت الاستعدادات العسكرية تتم في شبوة وأبين، بينما كانت هناك ترتيبات سياسية تقوم بها القيادة اليمنية مع السعودية.
وبحسب المصدر، فإن العمل العسكري جاء متزامناً مع العمل السياسي، وكانت مهمة القادة في القوات العسكرية التخطيط لجرّ مليشيات "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعومة من الإمارات إلى خارج عدن، وهو ما تم فعلاً في شبوة وأبين، وهناك تم تقطيع أوصال هذه المليشيات وقطع الطرق عليها، والتواصل مع قياداتها في عدن، وهكذا انهارت بعد سحب الغطاء العسكري عنها من الإمارات.
لكن ذلك لم يكن يتم من دون تحركات سياسية، صعّدتها السلطات الشرعية، إضافة إلى التطورات الإقليمية التي أفرزتها نتائج انقلاب الإمارات ووكلائها في عدن على الحكومة الشرعية، والتي أربكت خطط السعودية والشرعية في الوقت نفسه، وهو ما قلب من سير تطورات الأحداث بعد توتر العلاقة بين الإمارات من جهة، والسعودية والشرعية اليمنية من جهة أخرى، ليتزايد الضغط على أبوظبي، وتتصاعد وتيرته خصوصاً من قبل الرياض.
وكشفت مصادر في قيادة السلطة الشرعية اليمنية، لـ"العربي الجديد"، أن السعودية غضبت من تحدي الإمارات ووكلائها، ومحاولتهم الخروج عن سيطرتها، مستغلين انشغال الرياض بملف الحج، فألقت الأخيرة بكل ثقلها في صف الشرعية، وحسمت أمر إنهاء انقلاب عدن، خصوصاً أنه كان لصالح الحوثيين وإيران الذين انفتحت عليهم الإمارات أخيراً، لذلك فإن الرياض حمّلت أبوظبي ووكلاءها مسؤولية عرقلة مشروع التحالف، الذي هو مشروع السعودية، والتسبّب بالكثير من الإخفاقات بل السماح للحوثيين بتحقيق انتصارات، مع مسارعة هؤلاء مع إيران لتعيين سفير لهم في طهران، مستغلين انقلاب عدن.
ووفق المصادر نفسها، فإن تصعيد الشرعية اليمنية ومساعيها لتقديم دعاوى ضد الإمارات، فضلاً عن ضغط الرياض على أبوظبي وتحميلها المسؤولية الكاملة عن الانقلاب في جنوب اليمن، عوامل دفعت الإمارات لرفع يدها عن وكلائها، ووقف كل وسائل الحرب ضد الحكومة الشرعية اليمنية، وسحب طيرانها المساند لأتباعها، وأيضاً سحب كل المعدات والأسلحة الثقيلة والمدرعات العسكرية من مليشيات "المجلس الانتقالي" بشكل سريع، والعمل على دفع القوات التي موّلتها ودربتها لتكون ضمن مؤسسة الدولة، من خلال توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية تحت الحكومة الشرعية، ما يعني عملياً أن البنية التي بنتها خارج مؤسسات الحكومة الشرعية تقترب من التفتت.