تبدو ميليشيا الحوثي الانقلابية، أكثر اهتمامًا هذا العام بالمراكز الصيفية، التي تقيمها في المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرتها، بعد انتهاء العام الدراسي، مستغلة حالة الإقبال الكبير للأطفال، لتغرس فيهم أفكارها الطائفية والعقائدية المذهبية المتطرفة، من خلال مناهجها التعبوية والتحريضية، وتجعلهم وقودًا للحرب.
ميزانية ضخمة
وبحسب تقارير إعلامية محلية، فإن ميليشيا الحوثي خصصت ميزانية مالية ضخمة لتسيير وإدارة هذه المراكز الصيفية، خُصصت منها أكثر من 300 مليون ريال يمني، للمراكز الصيفية في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء فقط، فضلًا عن المناطق الأخرى، في حين حشد الحوثيون إمكانيات كبيرة للترويج لهذه المراكز على أنها تعليمية وتربوية قائمة على منهاج القرآن الكريم وتحوي برامج علمية وأنشطة ترفيهية.
وذكر الموقع الرسمي التابع لجماعة الحوثيين، إحصائية عن ”اللجنة الإشرافية على المراكز الصيفية“، تفيد بأن إجمالي هذه المراكز بلغ أكثر من 3500 مركز في مختلف المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الميليشيات، التحق بها أكثر من 250 ألف طالب وطالبة.
وتشير المعلومات الواردة من مناطق سيطرة الحوثيين، إلى أن هذه المراكز لا تقتصر فقط على تعليم القرآن الكريم فحسب، بل تشمل مناهج حوثية طائفية، وتستهدف سنًا معينًا من المقبلين، لتكرّس في نفوسهم الثقافة العدوانية وتعد منهم مقاتلين جددًا، تستخدمهم في حربها بعد تلاشي مخزونها البشري من المقاتلين.
من جانبه، يرى رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة، أحمد القرشي، أنّ ”المراكز الصيفية هي مسألة قديمة في اليمن، تستغلها جماعات وأحزاب سياسية لتوجيه النشء، كما جرى استخدامها قبلًا لتنشئة الأجيال نحو الولاء للرئيس الراحل علي عبدالله صالح أو حزبه أو الولاء لحزب التجمع اليمني للإصلاح، وغيرها، والآن تستخدمها جماعة الحوثيين لنشر أفكار طائفية“، وهو ما اعتبره مشكلة خطيرة تستهدف العملية التعليمية وتحرفها عن مسارها.
حشد طائفي
وأضاف في تصريحات لـ“إرم نيوز“، أن الاعتداء على العملية التعليمية ”لا يقتصر فقط على قصف المدارس وتفخيخها فحسب، فالممارسات المتعارضة مع اتفاقيات حقوق الإنسان وحقوق الطفل، كسوء إدارة العملية التعليمية والتدخل في المناهج الدراسية والحشد الطائفي أو الحزبي أو المناطقي، كل ذلك يعدّ من الانتهاكات الخطيرة بحق الأطفال؛ فتدخل أي طرف خارج مؤسسات الدولة في العملية التعليمية أو العملية المكملة لها كالمراكز الصيفية يعد عملًا محرمًا“.
ودعا القرشي إلى وقف مثل هذه الأفكار التي وصفها بـ“الخطيرة“، التي تستهدف الجيل الحالي، وتخلق مستقبلًا مظلمًا لليمن واليمنيين، مليء بالكوارث؛ بسبب تنشئة جيل على مثل هذه الأفكار الطائفية والمذهبية.
وحذّر وزير الإعلام اليمني، في حكومة الشرعية، معمّر الإرياني، من المخاطر المستقبلية لهذه المراكز الصيفية، التي قال إنها تنقسم إلى نوعين، مراكز مفتوحة لعامة الأطفال، وأخرى مغلقة وتلك الأخطر، إذ تستقطب الأطفال القادرين على حمل السلاح ويتم غسل عقولهم وتعبئتهم بالأفكار الإرهابية المتطرفة، وتدريبهم على مختلف أنواع الأسلحة.
وقال الإرياني في تصريح نشرته وكالة الأنباء اليمنية ”سبأ“، إن المعلومات ”تؤكد أن المعسكرات الصيفية في مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية بمحافظات (صنعاء، وحجة، وصعدة، والجوف، والمحويت) هي الأكثر استقطابًا للأطفال في عمليات التجنيد مقارنة بباقي المحافظات؛ بسبب قلة الوعي وارتفاع نسبة الأمية والأوضاع المعيشية الصعبة للمواطنين“.
وهم الحاضنة الشعبية
ويرى الباحث السياسي، عبدالله إسماعيل، أن ”المراكز الفكرية الحوثية ليست حدثًا عابرًا أو نشاطًا عاديًا“، لافتًا إلى أنّ أهداف الحوثي للدورات التثقيفية والمراكز الصيفية ”مدمرة“، مستكملًا: ”تعلم الجماعة أن رصيدها الشعبي يتآكل نتيجة جرائمها وأن الحاضنة الشعبية وهم، فتلجأ لمحاولة التأثير على الأطفال والشباب وغسل العقول وزراعة ألغام تواجه بها لحظة الانكسار“.
وقال في سلسلة تغريدات على حسابه بتويتر، ”أقسم أن ما يحدثه الحوثي في عقول الأطفال وتشويه التاريخ والعبث في المناهج، أكثر خطرًا على الحاضر والمستقبل من كل التدمير الذي أحدثه خلال سنوات الحرب، ما جرى تدميره يمكن بناؤه وأي خسارة مادية يمكن تعويضها، لكن ما لا يمكن إصلاحه هو الخراب الفكري وهزيمة الوعي وتفخيخ العقول“.
وأشار إلى أن الحوثي ”يدرك أن مغامرته الطائشة وحربه المدمرة ستنتهي عاجلًا أو آجلًا عسكريًا أو سياسيًا حربًا أو سلمًا، فيتجه للعبث بالثوابت وصناعة الوعي الآثم وتفخيخ عقول الأطفال والشباب وتغيير بنية المجتمع الفكرية وضرب أسس التعايش، يراهن على مستقبل مدمر وأجيال مشوهة، فتلك بيئته التي يعيش فيها“.