نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على أبرز خمس محطات مرّ بها الصراع اليمني، المعقد والمدمر على حد سواء، والذي أطلق شرارته المتمردون الحوثيون في الثامن من تموز/ يوليو سنة 2014 في أعقاب سيطرتهم على مدينة عمران.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن اليمن غارق منذ خمس سنوات في حرب تبدو أشبه بنفق لا نهاية له.
ومع سقوط عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من الجرحى، مثل هذا الصراع السبب وراء حدوث "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، حيث لم يسلم الشعب اليمني، العالق بين سندان الحوثيين ومطرقة التحالف العربي، من قلة المياه وسوء التغذية والكوليرا.
وتجدر الإشارة إلى أن الحوثيين، الذين يتبعون المذهب الزيدي، يمثلون حوالي 40 بالمئة من سكان اليمن. ولم يتوان الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، في قمعهم حيث أطلق ست حروب ضدهم على امتداد 33 سنة من حكمه.
وتطرقت الصحيفة إلى المحطة الأولى من الصراع، التي تمثلت في الهجوم الذي شنّه الحوثيون في تموز/ يوليو سنة 2014، بعد أن كانت اللجنة المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني تخطط لتحويل اليمن إلى دولة اتحادية مؤلفة من ستة أقاليم، وهو ما رفضه الحوثيون مطالبين بمنطقة خاصة بهم ومنفذ إلى البحر.
وبعد استيلائهم على مدينة عمران في الثامن من تموز/ يوليو سنة 2014، انطلق المتمردون في أيلول/ سبتمبر في سعيهم نحو الاستيلاء على العاصمة.
وفي غضون عدة أشهر، سيطر الحوثيون المدعومون من إيران على العديد من المباني الإدارية والقصر الرئاسي، ومن ثم ميناء الحديدة، وتقاسموا السلطة مع عبد الله صالح في صنعاء.
وأضافت الصحيفة أن المحطة الثانية تجسدت في عملية "عاصفة الحزم" التي شنتها تسع دول عربية بقيادة السعودية وبدعم من الولايات المتحدة في آذار/ مارس سنة 2015، بهدف سحق الحوثيين.
وخلال الأسابيع التي تلت ذلك، أعلنت الحكومة عن "تحرير" محافظة عدن، ومن ثم مضيق باب المندب، قبل أن يُعلَن عن انتهاء العملية في 21 نيسان/ أبريل سنة 2015 وتحل محلها عملية "إعادة الأمل" التي تتمحور حول "الأمن ومكافحة الإرهاب والبحث عن حل سياسي".
وعلى الرغم من أن السعودية قلصت عدد غاراتها الجوية، إلا أن الحصار البحري والجوي والبري الذي يفرضه التحالف يتسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.
وأشارت الصحيفة إلى أن اغتيال الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، في كانون الأول/ ديسمبر مثّل المحطة الثالثة في الصراع، وذلك على إثر انهيار التحالف الذي جمعه بالحوثيين بعد أن اتهم كل منهما الآخر بالخيانة.
وفي الواقع، اشتبه الحوثيون في أن يكون صالح على اتصال بالرياض، في حين اعتبر الرئيس السابق أنهم يحتلون مكانا كبيرا ضمن الحكومة ولم يتردد في وصفهم "بالمليشيات".
وبعد يومين من توجه صالح للسعودية بنداء من أجل وضع حد للحوثيين، احتدم القتال في العاصمة وفجّر المتمردون منزل الرئيس السابق. ومن ثم، استهدفوا بالصواريخ سيارة صالح المدرعة وأردوه قتيلا.
وأوردت الصحيفة أن الأمم المتحدة نظمت بين السادس والثالث عشر من كانون الأول/ ديسمبر سنة 2018 لقاء في العاصمة السويدية جمع مختلف الأطراف المتنازعة وتمخّض عنه اتفاق ستوكهولم الذي تبنّاه الحوثيون ووفد حكومي، ما مثل المحطة الرابعة في الحرب اليمنية.
ونصّ الاتفاق الموقع على عقد هدنة في منطقة الحديدة، فضلا عن إجراء تبادل للأسرى وإرسال بعثة مراقبة تابعة للأمم المتحدة.
مع ذلك، استغرق تبلور الاتفاق أكثر من خمسة أشهر، حيث بدأت قوات المتمردين أخيرا في أيار/ مايو سنة 2019 في الانسحاب من ميناء الحديدة لتفسح المجال أمام "خفر السواحل" .
أما المحطة الخامسة، فتجسدّت في مضاعفة الحوثيين لهجماتهم على الأراضي السعودية منذ أيار/ مايو سنة 2019.
وقد استهدفت طائرات من دون طيار محملة بالمتفجرات، في منتصف أيار/ مايو، منشآت نفطية سعودية ما دفع المملكة إلى وقف عملياتها بصفة مؤقتة في خط أنابيب رئيسي للنفط.
وفي أواخر الشهر ذاته، أعلنت الرياض عن اعتراض صاروخين أطلقهما الحوثيون باتجاه مكة. وبين حزيران/ يونيو وأوائل تموز/ يوليو الجاري، شنّ الحوثيون ما لا يقل عن ثلاث هجمات على مطار أبها، ما تسبب في مقتل شخص واحد وجرح 50 آخرين. من جانبه، يرد التحالف على جميع هذه الهجمات عبر تكثيف غاراته الجوية على صنعاء وشمال اليمن.
وفي الختام، أوضحت الصحيفة أنه بعد مرور خمس سنوات على بداية الحرب، يبدو أن الصراع اليمني قد علق في طريق مسدود، في الوقت الذي بلغت فيه نسبة اليمنيين الذين هم في حاجة إلى مساعدات غذائية طارئة 80 بالمئة من السكان.