
تشهد مديرية كشر التابعة لمحافظة حجة شمالي غرب اليمن، حرب جديدة تقودها جماعة الحوثي المسلحة على أحد أكبر القبائل اليمنية التي تصدت منذُ العام 2012 لكل المحاولات التي تسعى من خلالها الجماعة لبسط نفوذها عليها.
ومنذُ أن انقلبت جماعة الحوثي المسلحة على السلطة في اليمن ظلت مديرية كشر عصية على الكسر ومنعت أي زحف تقوم به الجماعة اتجاه مناطقهم وقراهم التي تسكنها قبائل حجور التي تعد واحدة من أهم القبائل اليمنية التي تشتهر بالشهامة والشجاعة.
أبناء مديرية كشر لازالوا يذكرون تلك الحرب الظالمة التي شنتها الجماعة على مناطقهم في العام 2012، لكنهم يعتزون بالنصر الذي أحرزته قبائلهم على الحوثي الذي غادر حينتها وهو يجر أذيال الهزيمة وراءه.
وكعادتها في أي حرب تقوم بها جماعة الحوثي، عندما تشعر بأنها تخسر المكان الذي كانت تتمركز فيه أو مرت منه ستحوله إلى حقل ألغام، وهو ما حصل مع أبناء كشر حيث لغمت منازلهم وقراهم سقط على أثرها العشرات من الأطفال والنساء والحيوانات.
جبال كشر تطل على مواقع الحوثي
ومنذُ الشهر الماضي، صحا أهل كُشر على أجواء حرب كانوا قد تخلصوا منها منتصف العام 2012 ولم يتوقعوا يوماً أن تعاود زيارتهم من جديد، لولا إصرار ميليشيا الحوثي على تكرار أعمالها العدائية ضد قبائل حجور بعد ثماني سنوات من هزيمتها على أيديهم.
ويرى مراقبون إن التحشيد الذي تقوم به الجماعة في المديرية التي لازالت خارجة عن سيطرتها جاء بعد وصول الجيش الوطني الموالي للشرعية إلى مديريات حيران وحرض وأطراف مستبأ حيث تطل جبال كشر على مواقعهم من جهة الشرق.
وتحدثت مصادر في وقت سابق أن الجماعة أوكلت ملف اسقاط كشر إلى الرجل العسكري الأول في الجماعة أبو علي الحاكم.
وأفادت المصادر أن اجتماعاته السرية أجراها خلال الأشهر الماضية بممثلي الحوثي من كُشر والمديريات المجاورة لها وإغراهم بالأموال والمناصب وهي أول الخطوات الذي ستمكنه من اجتياح المديرية.
وعمد الحاكم على شراء عدد من المشائخ والجهات الاجتماعية وإثارة النزاعات القبلية التي ستتيح له التقدم بميليشياته نحو المديرية وإحكام قبضتها علىيها.
وأجرت قيادات في الجماعة خلال الأشهر الماضية اجتماعات متكررة مع زعماء القبائل في محافظة حجة، لأجل تأليبهم على قبائل مديرية كشر.
ووكان آخر اجتماع لهم في منطقة الكاذية الأسبوع الماضي برعاية المحافظ الحوثي هلال الصوفي وبحضور المشرف الأمني للمحافظة نائف أبو خرفشة، وأصدروا وثيقة تدعو لمحاصرة مديرية كشر، والوقوف ضدهم حتى يتم فتح الطريق لوصول الإمدادات إلى حرض وميدي.
لكن أبرز مشائخ كشر لم يوقعوا على الوثيقة مما أثار غضب الحوثيين.وبعد يومين من إصدار تلك الوثيقة، اجتمع رجال القبائل في المديرية وأصدروا بيانا يدين كل من شارك في اجتماع الحوثيين وبما تم الاتفاق عليه.
اندلاع الحرب
وأمس الأربعاء بدأت الحرب التي أعدت لها الجماعة منذ أكثر من خمسة أشهر بإشراف أبو علي الحاكم و أبو خرفشة.
وقالت مصادر محلية في تصريح لـ “اليمن نت”، إن مسلحي الحوثي قصفوا بشكل عشوائي قرى قبيلة العبيسة بالأسلحة الثقيلة.
وأشارت المصادر إلى أن جماعة الحوثي تمكن خلال الهجوم الأخير من التمركز في منطقة بني درين وجبل الطواية المطل على بلدة العبيسة.
وكان رجال قبيلة ذو يحيى التابعة لحجور أسروا الثلاثاء الماضي، 22 من عناصر الميليشيات ودمروا عربتين عسكريتين للميليشيات، واستولوا على عربتين أخريين، وأجبرتهم على التراجع والفرار .
مخاوف من تكرار سيناريو عتمة
القصف العنيف على قرى منطقة العبيسة دفع قبائل حجور إلى إطلاق نداء استغاثة للتحالف العربي لدعمها بالطيران والسلاح لمنع الحوثي من السيطرة على الجبال الاستراتيجية التي ستكون أحد العقبات الكبيرة أمام تقدم الجيش الوطني.
يقول أحد أبناء المديرية في تصريح لـ “اليمن نت”، إن القبائل تخشى أن تقابل دعوتها للتحالف بعد الاستجابة وخذلانها كما خذل المقاومة التي قادها البرلماني عبدالوهاب معوضة في مدير عتمة التابعة لمحافظة ذمار والتي كبدت الحوثي حينها خسائر فادحة في العتاد والأرواح.
يمنيون يناشدون التحالف انقاذ حجور
وسارع العشرات من المسؤولين والقيادات العسكرية والنشطاء في اليمن إلى التضامن مع أبناء مديرية كشر ودعوة الشرعية والتحالف إلى عدم تكرار تجربة عتمة.
وكتب محافظ محافظة المحويت “صالح سميع”، إلى المعنيين في الدولة ونظام شرعيتها وحلفائها قبائل حجور حرة ومقاتلة وقد واجهت جنون بقر الحوثي منذ عام 2011م وهي الآن تتعرض لموجة جديدة من ذلك الجنون.
وأشار إلى أن نصرتها بكل السبل المشروعة واجب وطني تحتمه فريضة الدفاع عن النفس ، وضرورة نصرة المظلوم ، فسارعوا لنجدتهم.
من جانبه وجه العقيد في الجيش اليمني والخبير العسكري “يحيى أبو حاتم” نداء عاجل إلى قيادة الشرعية وقوات التحالف قائلا: أبطال قبائل حجور محافظة حجة يقارعون الاحتلال الحوثي بكل مايمتلكون من قدرة بأسلحتهم الشخصية ضد أسلحة الدولة التي نهبتها جماعة الحوثي الإرهابية.
وأفاد “أبو حاتم”هم اليوم بحاجة إلى دعمكم والوقوف معهم فلا تخذلوهم .
حجور في وجه الغول الحوثي من جديد
وقال الكاتب والشاعر اليمني “عامر السعيدي” الذي ينتمي للمديرية ذاتها، أن أبناء حجور يناشدون الشرعية من قبل أشهر أن تعمل شيئا من أجلهم، أن تمدهم بالسلاح، أن تحد من استقطاب الحوثي للمحتاجين، وأن لا تظل واقفة في مثلث عاهم الذي يبعد عن كشر بعض كيلوهات.
وأفاد السعيدي لكن وللأسف لم يستجب أحد لنداء تلك المنطقة التي بقيت وحيدة خارج سلطة الحوثي في كل محافظات الشمال ومازالت تتمنع وترفض وتقاوم.
وبحسب السعيدي العبيسة جبال شاهقة يمر منها الخط الإسفلتي الرابط بين حرض وحرف سفيان، ومع تقدم الجيش الوطني باتجاه عاهم عاد الحوثيين للانتقام من كشر والسيطرة عليها بألف وسيلة ووسيلة وبتواطؤ مشائخ يعرفهم أبناء المنقطة جيدا و يعرفون متى وكيف يثأرون من خيانتهم ورخصهم.
ولفت إلى أن المؤسف في الأمر، يعد الحوثي لهجوم جديد الليلة، ويحشد مقاتلين من كل المناطق المجاورة في عمران ووشحة و غيرها.
ودعا “السعيدي” الشرعية الهزيلة إلى القيام بدورها و واجبها تجاه مناصريها الذين مازالوا يرفعون صور الرئيس وعلم البلاد في النقاط وأسطح المنازل حتى الآن.
وأبدى السعيدي أمله الكبير من الصحفيين والإعلاميين الوقوف مع حجور المحاصرة والمثخنة ، داعيا القبائل داخل المديرية في الوقت ذاته إلى أن تتكاتف في وجه هذا الغول و تصمد حتى يجعل الله لهذه البلاد مخرجا .
وبين أن بيت النمشة أحد المناطق العصية على الحوثي سبق وقطعوا الطريق أمام الحوثيين واستولوا على أطقم وأسلحة وسقط منهم وعلى يدهم قتلى في الطريق.
وأضاف: قام الحوثي قبل أشهر باختطاف مجموعة منهم، مشيرا إلى أن الجماعة تعتبرهم الشوكة الأكبر في حلق الحوثي، كما و سبق أن قام الحوثي باغتيال الشيخ فيصل النمشة بعبوة ناسفة زرعت في طريق عودته للبيت.