حذر وزير الخارجية اليمني، أحمد بن مبارك، من تداعيات سقوط مأرب في أيدي الحوثيين على العملية السياسية والسلام في اليمن.
وفي كلمته حلال "حوار المنامة 2021"، قال بن مبارك إن مأرب هي السد المنيع لليمن ومن ضمن أولويات النظام الإيراني. تداعيات سقوط مأرب يمثل نهاية السلام والعملية السياسية وجهود استعادة الأمن في اليمن وتفتح موجات هجرة خارجية وتهدد بحروب أخرى تمتد للمنطقة.
وتأتي تصريحات الوزير اليمني بعد تقارير تحدثت عن كسب جماعة الحوثي المدعومة من إيران، مناطق جديدة بعدما انسحبت القوات المدعومة من الإمارات والسعودية من مواقع رئيسية بالقرب من مدينة الحديدة الساحلية، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".
يعلق أحمد بن مبارك قائلا: "في 2018 كان هناك عملية لتحرير الحديدة وواجهنا ضغطا دوليا معارضا ولهذا ذهبنا لستوكهولم وجمدنا عملياتنا العسكرية ... لكن في السنوات الثلاث الماضية، أصبحت الأمور أكثر سوءا وهذا بمثابة ميزة للحوثي بعد أن تأكدوا أنه لن يكون هناك عملية عسكرية وبدأوا من خلالها في شن هجمات أخرى".
التحولات الأخيرة في الخطوط الأمامية سمحت للحوثيين بفتح طريق الحديدة باتجاه العاصمة صنعاء
صحيفة أميركية: معارك اليمن تتحول لصالح الحوثيين المدعومين من إيران
تظهر الحقائق على الأرض أن الحوثيين باتوا يكسبون المزيد في حربهم ضد التحالف العربي بقيادة السعودية، بعدما سيطروا على مناطق استراتجية فيما عاد الملف اليمني إلى أجندة الإدارة الأميركية التي تناقش إمكانية دعم التحالف في الحرب التي دخلت عامها السابع دون أن يحسم مصير اليمن.
وتابع: "انطلقوا (الحوثيون) للاعتداء على شبوة وتقدموا في مناطق أخرى وانتهكوا اتفاق ستوكهولم. ولكننا الآن نعيد نشر القوات وحقق الجيش اليمني تفوقا عسكريا، حيث تم تحرير حيز وتقدمنا في تعز وعززنا مواقعنا في مأرب".
وأشار إلى أن اليمنيين هم من يحاربوا في اليمن، لكنه قال إنهم يحصلون على دعم سعودي استخبارتي وعسكري، لافتا إلى أن هذه مسألة استراتيجية للسعودية على اعتبار أن جماعة الحوثي تهاجم المدنيين في المملكة بالمسيرات والصواريخ.
وأضاف بن مبارك في كلمته بالقمة الأمنية المنعقدة بالعاصمة البحرينية أن "مأرب تمثل عمقا تاريخيا واستراتيجيا كسرت الحوثيين في ٢٠١٥ وهي أقدر على ذلك بعد أن أضحت ملاذا لكافة اليمنيين بمختلف انتماءاتهم" بعد أن تضاعف عدد سكانها إلى ٤ ملايين نسمة، لافتا إلى أن بعض الأطراف طرحت حسابات خاطئة من خلال التحدث عن سيناريو مسبق لما بعد سقوط مأرب.
وقال الوزير اليمني إن الحرب في اليمن استكملت عامها السابع بعد انقلاب الحوثي على الشرعية وهذه حرب تكمن خطورتها في محاولات تغيير طبيعة المجتمع اليمني وتجنيد الأطفال والتحريض على العنف ونشر الكراهية وتعميد تجهيل المجتمع للسيطرة عليه، وفق تعبيره.
وأشار أحمد بن مبارك إلى أن ملامح المشروع الإيراني بات واضحا للعيان، موضحا أن فشل هذا المشروع في اليمن يؤدي إلى فشله في دول عدة، بينما نجاحه يعني مزيد من العنف والفوضى في المنطقة.
ويدور النزاع في اليمن بين الحكومة المعترف فيها دوليا يساندها منذ العام 2015 تحالفا عسكريا بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ 2014.
وأسفر النزاع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم الكثير من المدنيين، وفق منظمات إنسانية عدة.
وأوضح وزير الخارجية اليمني أن أي تسوية سياسية في اليمن لن تنجح إلا بمشاركة جميع اليمنيين، مردفا: "من الخطأ إغفال البعد الجيواستراتيجي لتدخل إيران ورغبتها في الوصول للبحر الأحمر وتعزيز نفوذها".
وأشار إلى أن حوادث الناقلات "جيهان 1" و"جيهان 2" قبل 3 سنوات من الحرب دليل على التدخل الإيراني المسبق، منوها بأن الحوثيين يرفضون السلام كلما تقدموا عسكريا على الأرض، وهم يتعاملون مع السلام كتكتيك ضمن عملياتهم العسكرية.
وشدد بن مبارك على أهمية الضغط على إيران لوقف أنشطتها في اليمن، قائلا: "نحن مرنون مع كل مبادرات السلام لكن الحوثي لم يحضر إلى جنيف مؤخرا"، لكن الطرف الآخر يملك فكرا ثيواقراطيا يقوم بادعاء حق إلهي وهو من أفشل كل جولات السلام، وفقا للوزير اليمني.
وقال إن "المشكلة الأساسية التي نواجهها في جولات المحادثات أن أيدولوجية الحوثيين متشددة ... إحدى الأخطاء التي اقترفناها جميعا هي التعاطي مع أزمة اليمن من الجانب الإنساني فقط. نعم هناك كارثة إنسانية ولكن يجب أيضا التحدث عن تبادل الثقة".
وأضاف أن "استكمال اتفاق الرياض أمنيا وعسكريا سيمثل نتيجة أساسية للاستقرار، بالإضافة إلى دعم الحكومة لمعالجة الوضع الاقتصادي وتعزيز الشراكة اجتماعيا وإنسانيا وهذا ما يمكن الحكومة من الحفاظ على اليمن المعتدل".
ولفت وزير الخارجية اليمني في خطابه للخطر البيئي لناقلة النفط صافر التي يحتجزها الحوثيون كرهينة كما يقول، حيث تحتوي على أكثر من مليون برميل نفط خام، موضحا أن احتجازها يعد كارثة قد تدمر البيئة البحرية لليمن والإقليم وستمتد آثارها للعالم.