يحتفل السبتمبريون كل عام في مثل هذا الوقت بذكري انطلاق ثورة السادس والعشرين من سبتمبر باعتبارها الحدث التاريخي الاهم في منتصف القرن العشرين الذي عاش معه اليمن بكل عقولهم وقلوبهم … ودعموا الثوره بكل قواهم ، لما مثلته ولا تزال من معاني للتحول الجذري بين حياة العصور الوسطي والتطلع الي حياة سمعوا عنها تختلف جذريا من حيث انماط المعيشه الارقي والحقوق والواجبات والتقدم والتحضر والمساواة … والصحه والتعليم الخ الخ
يأتي سبتمبر كل عام ليقوم الكثير من الادباء والشعراء والمثقفين والضباط والمؤرخين بكتابة ما يتسني لهم من ذكريات ومذكرات حيث يعتبرونه شهر الفرصه للتذكير بمخاض ثورة سبتمبر وحينها … ومن هم الابطال وما قاموا به من بطولات وشجاعه …
يستوي في ذلك دور الضباط الابطال المخططين والمنفذين مع ادوار صف الضباط والجنود ، والثوار المدنيين وعلي رأسهم الظهر الداعم للثوره من مشايخ ورجال القبايل .. ورجال الاعمال والتجار ومآت من المدنيين من الشباب وغيرهم …. ( سينصفهم التاريخ من امثال الثائر احمد عبده ناشر وناصر الكميم وغيرهم )
لكن الملاحظ ان الجميع يغرق في الوصف والشرح عن الادوار التفصيليه المهه جداً للبعض دون التعمق بما يكفي في قدرية الثورة واسطوريتها بما يتجاوز كل الافراد وكل التفاصيل وذلك في شخص قائد الثوره دون اقلال من اهمية التفاصيل للابطال بكل صنوفهم ومكاناتهم …
الثوره السبتمبريه هي ملك لهم جميعا اما نجاحها فهو نجاح له وحده … لمن انقذها ببطوله فائقه وشجاعة نادره .. انه الزعيم عبد الله السلال بلا جدال ولا مواربه …
هل كان دور الزعيم عبدالله السلال وليد اللحظه ، ام ان للقدر دور في تهيئته لتلك اللحظه ،،،،،
ولنستحضر التهيئة القدريه له اي … في تحضير الزعيم العظيم الراحل عبدالله السلال لتلك اللحظه … بما يجعل ابعاد الشخصيات الاسطوره تحضر امامي بكل ابعادها …
هو … اي عبدالله السلال … شاب يمني عادي ، من اسرة متواضعه يعمل البعض منهم في تجارة التجزئه البسيطه او الفلاحه …. ولكن بالنسبة له كان للقدر قول آخر ….. فكان السفر الي بغداد لدراسة العلوم العسكريه ولتتفتح الاذهان والعقول علي ما في العالم من حياة حرم منها شعبه واهله تلك الرحله شكلت الوعي والادراك …..
رجل عادي …. ذهب وعاد ليواجه قدره الذي اعد له بعنايه … أن يكون من ابطال ثورة ثمانية واربعين .. فشلت الثوره او تم افشالها …وتم اعدام العشرات وسجن المآت ….. ورغم اهمية دوره في الجانب العسكري في ثورة ٤٨ …… الا أن القدر كان معه مرة اخري كمحطة ثانية للاعداد للبطل القادم
من السجن بعد ثورة ٤٨ … وذلك بالتدخل الالهي للحيلولة دون اعدامه مرتين متتاليتين …. هل هي صدفه … يستدعي للاعدام ويسير لمواجهة قدره …. فاذا ببرقية عاجله تصل قبل تنفيذ حكم الاعدام فيه تنص علي تأجيل اعدامه … انه القدر الذي اختزن له دوراً هاماً سيؤديه لاحقا ً .
إن مرحلة السجن كانت ضرورة له وللدور المخزون له في غياهيب القادم من الزمان
امضي سنوات طويله في السجن ليسمع ويقِّيم ما حدث. فيزداد اصراراً علي صوابية منهج الثوره وحتميتها ….. مستلهماً من دماء زملائه وقادته ممن اعدموا في ثورة ٤٨ نبراساً له وحافزا لا يهدأ …. مصمماً أن التاريخ لن يعود الي الخلف … وأن عصرا اكثر حداثةً وتطور يجب أن يطل برأسه علي اليمن اليوم او غداً او بعد الغد …،،
المحطه القدريه الثالثه هي عندما تم الافراج عنه من السجن ، بعد أن قضي به ٧ سنوات ، احاط القدر به مجدداً ليكون قريباً من السلطه نفسها التي سجنته ثم افرجت عنه …. هو لم يسعي او يخطط أين يجب عليه أن يكون او اين يعمل ؟ ….
القدر وضعه في الموقع الذي ما حلم به …. باعتبار ما سيكون انه هو قائد الثوره ومنقذها .
قائد الحرس الملكي هذا المكان الحساس جدا كان موقعه …. ذلك المكان هو الانسب علي الاطلاق لقيادة الثوره منه ….. هم جاءوا به وكأنهم يقولوا له قُد الثوره … ها نحن هيأناك لها …
ولكن الحقيقة ان ذلك لم يكن هدفهم او تخطيطهم … بل انه القدر الذي هيأه لذلك لغرض الذي لم يكن حاضراً امام الاعين حينها …… ولكنه كان حاضرا في عقله وضميره ووجدانه فهيأ الله له الظروف للقيام بذلك .
كان لشخصية الزعيم عبدالله السلال الساخره عميقة الفهم لتناقضات الواقع الذي كان يعيشه اليمانيون حينها …. تلك الشخصيه البسيطه المحبه للتعليق اللاذع والسخرية الدائمه ابعدت عنه الانظار بأن هذا الانسان يمكن أن يقود ثوره ..
ذهبت انظار الثوار في كل اتجاه فما وجدوا امكانية للتحرك الا اذا ضمنوا موقف ثلاثه من كبار الضباط حينها … السلال ـ الجايفي ـ الضبي …
اختلفت صفات الثلاثه لكنهم كانوا مع الثوره قلباً وقالباً … وقاموا بم يجب عليهم القيام به كلٍ من موقعه للقيام بالثوره وحماية الثوار وتهيئة المناخ لها وشكلوا الحمايه لهم ولحركتهم ، وكان للتواصل غير المباشر في الغالب والمباشر احياناً دوراً حاسماً …..
هل انتهي دور القدر في تهيئة الزعيم للثوره ….
ابداً ….
انطلقت عملية تفجير الثوره بعد أن تأكد الثوار المفجرون لها ان زعيمهم معهم ينتظر اللحظه المناسبه للخروج للقيام بدوره ولانقاذ الموقف ….
والذي من دون موقفه البطولي الشجاع بل الاسطوري ، ما كان للثوره أن تنجح ، وخاصة بعد ان كملت الذخيره علي الضباط ….. خرج من منزله مصحوبا بقادة من قادات الثوره الوليده … لتشرق شمس يوم السادس والعشرين من سبتمبر وقصر السلاح الذي كان بإمرته قد اخرج علي يديه كل ما تحتاج الثوره من سلاح لتبقي وتعيش وتنجح …
هل اكتفي القدر بذلك في مسيرة الزعيم القائد للثوره … ..
لا……
بل بدأ دوره البطولي الهام جدا في توجيه الثوره والثوار بعقلية وطنيه ثوريه عمليه ساعدت علي لملمة الانقسامات في صفوف الثوره … بما كان له من مكانه في قلوبهم وعقولهم ، واعترافاً من الجميع باهميته واهمية دوره ومكانته في الثوره تقبلوا منه كل شي … وتقبل منهم بروح الابوه الكبيره نحوهم ما يجب أن يقبله لتسير الثوره الي الامام ولتنجح …. في نهاية الامر ….. بفضل صبره ورؤيته الثاقبه وتعامله الوطني المتواضع مع كل اطياف الشعب الثائر … عبرت الثوره اشد لحظاتها خطوره … بفضل حكمته وشجاعته ..
رحمة الله تغشاك يا بطل ثورة سبتمبر العظيم … يا قائدها … فعلا كان القدر معك من بداية حياتك مهيئاً لك الظروف والمحطات واحدة تلو اخري … لتتجلي اعظم ترتيبات القدر في دورك الهام والهائل ليلة الخامس والعشرين والسادس والعشرين من سبتمبر … قائداً وبطلاً اسطورياً … سينصفك التاريخ والشعب والقدر الذي كان يحميك ويرعاك للحظه كان علمها عنده وحده فلما حانت … أديت دوراً هاماً محورياً رسمه لك القدر خطوه خطوه …. ثم غادرت المشهد وانت رافع الرأس … ثم غادرت الدنيا بطلا مبهرا في دورك وتواضعك واخلاصك دون منٍ او ادعاء .
نم قرير العين فانت لا زلت في قلوب ووجدان الشعب اليمني الذي تحرر وانعتق بفضلك وبفضل شجاعتك … وشجاعة وبطوله كل من شارك بها .