يتزايد القلق الروسي من المواقف الأوكرانية الأخيرة بسبب توريد شحنات أسلحة حديثة أمريكية للقوات الأوكرانية، وتصريحات قيادات هيئة الأركان الأوكرانية والتي تتحدث عن أجواء حرب مع روسيا.
البيان الذي أصدره البرلمان الأوكراني"الرادا" والذي صدر بعد مقتل 4 عسكريين أوكرانيين في "دونباس" اعتبر روسيا عدوا عسكريا، وطالب بإيقاف أعمالها العدوانية في دونباس، وناشد المجتمع الدولي بالضغط علي روسيا، وبإلزامها بسحب قواتها العسكرية من الأراضي الأوكرانية. "الرادا" صادق على قانون جديد للتعبئة العامة في حال تصاعد الصدام في دونباس. بينما أعلن الرئيس الأوكراني أن روسيا أصبحت عدوا عسكريا بالنسبة لأوكرانيا.
روسيا بحسب مواقفها الرسمية لا تريد حربا في دونباس، لكن الوضع الراهن يكشف عن ان كلا من موسكو وكييف تحاولان تغيير توازنات واطار ومسار المفاوضات. حيث تطلب روسيا عقد اجتماع لجنة "نورماندي" الرباعية بدون مشاركة اوكرانيا ليقتصر فقط على روسيا والمانيا وفرنسا. وجرت محاولات من الكرملين لعقد قمة روسية- فرنسية – المانية، لكنها لم تكلل بالنجاح، واقتصر الامر على محادثات هاتفية، صدر عنه توصيات بعضها اثار غضب اوكرانيا. الكرملين نفى ما قيل عن استعداده لحرب مع اوكرانيا وقال بيسكوف إن روسيا تنقل قواتها العسكرية داخل أراضيها، وهذا لا ينبغي أن يزعج أحدا، ولا يشكل أي تهديد لأحد.
فيما يأتي بيان البرلمان الاوكراني بهدف تدعيم موقف المفاوض الاوكراني ومحاولة للضغط على اللاعبين الدوليين حتى لا يتم تجاهل اوكرانيا من اي مفاوضات وفرض قرارات عليها. ويصر الجانب الاوكراني على عدم تواجد ممثلين عن المناطق المتمردة (لوجانسك ودونيتسك)، والالتزام الصارم باتفاق مينسك وايقاف اطلاق النار.
واسباب هذه التغييرات هو انه رغم مساعي مجموعة مينسك والوثائق التي اقرتها لتهدئة التوتر في المنطقة وايقاف القتال، فإن مقتل اربعة عسكريين اوكرانيين واستمرار الصدامات المسلحة، وتحريك القوات الروسية واجراء تدريبات على حدودها مع اوكرانيا، اضافة لجمود او توقف مسار تسوية الازمة وسعي روسيا لاستثناء اوكرانيا من المفاوضات المتعلقة بتسوية هذه الازمة، زاد من حدتها.
لذلك يشعر السياسيون الاوكرانيون بالقلق من محادثات بوتين مع ميركل وماكرون التي جرت منذ يومين والتي تمسكت بصيغة جمهوريات ذات حكم ذاتي وفق التي اقرت في اجتماعات نورماندي وتسمية بصيغة شتاينماير، اضافة لإمكانية اقناع باريس وبرلين بعقد لقاء ثلاثي، ما سيؤدي لاتفاقات ستجبر اوكرانيا علي تنفيذها.
ويدور الحديث عن ان هيئة الأركان العامة الاوكرانية درست بعناية تجربة الحرب الأخيرة في ناغورني قره باغ، لا سيما فيما يتعلق بدور الطائرات المسيرة الحديثة، التي لدى القوات المسلحة الأوكرانية منها في الخدمة. أي أن الظروف كلها مهيأة لإعادة جزء كبير من الأراضي الخارجة عن السيطرة إلى أوكرانيا. وكل ما هو مطلوب هو أمر من القائد العام لشن الهجوم.
و تدعم أنقرة بنشاط موقف كييف الرسمي من جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك المعلنتين من طرف واحد. حيث تتدفق جميع أنواع المساعدات، بما في ذلك المالية وحتى العسكرية، من تركيا إلى أوكرانيا. لتصبح تركيا مفروضة على مناطق النفوذ الروسي وتنافس روسيا علي فرض هيمنتها. وهو ما حدث في ليبيا وناغورني قره باغ و الآن في أوكرانيا، ما دفع بعض الخبراء للاعتقاد بان تركيا لن تتخلى عن محاولات إضعاف روسيا بطريقة أو بأخرى.