تنديد عربي ودولي لهجوم الحوثيين على مطار أبها السعودي وعلامات استفهام بشأن الرؤية التي استندت إليها إدارة جو بايدن في إعلان اعتزامها شطب جماعة أنصار الله الحوثية من لائحة المنظمات الإرهابية.
أجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اتصالا هاتفيا بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن. وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) اليوم الخميس (11 شباط/فبراير 2021) أن الجانبين استعرضا خلال الاتصال العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وسُبل تعزيزها في المجالات كافة. كما بحث الاتصال أبرز المستجدات، وفي مقدمتها الهجوم الحوثي أمس على مطار أبها الدولي بالسعودية.
وأكد الجانبان على "ضرورة وقف هذه الأعمال العدوانية، ودعم جهود التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة في اليمن". وأكد الوزير الأمريكي إدانة الاعتداء، وشدد على وقوف الولايات المتحدة ضد هذه "الأعمال العدوانية" والتزامها بتعزيز دفاع المملكة العربية السعودية.
هجوم متزامن مع أول زيارة للمبعوث الأمريكي
وأثار هجوم الحوثيين الذي استهدف مطار أبها السعودي الدولي أمس الأربعاء تنديدا عربيا ودوليا واسعا، وطرح العديد من علامات الاستفهام بشأن الرؤية التي استندت إليها الإدارة الأمريكية الجديدة في إعلان نيتها شطب جماعة أنصار الله الحوثية من لائحة المنظمات الإرهابية.
ووقع الهجوم، الذي يأتي في إطار تصاعد الهجمات التي يشنّها الحوثيون بطائرات مفخخة بدون طيار لاستهداف السعودية، متزامنا مع أول زيارة للمبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ للرياض، حيث بحث مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان المستجدات على الساحة اليمنية والاعتداءات الحوثية.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية في بيان أن الأمير فيصل بحث مع المبعوث الأمريكي "الجهود المشتركة لدعم سبل الوصول إلى حلٍّ سياسي شامل للأزمة اليمنية"مطار أبها.. أية رسائل وما الأهداف؟
وتولى الدبلوماسي المخضرم ليندركينغ منصب المبعوث الأمريكي لدى اليمن مطلع الشهر الجاري، في خطوة وصفت هي الأخرى بأنها مؤشر إضافي على تغيير نهج واشنطن إزاء الملف اليمني مع بداية ولاية بايدن الذي قرر تعليق مبيعات الأسلحة إلى السعودية والإمارات ووقف دعم عمليات التحالف العربي بقيادة الرياض في اليمن
ورغم ترحيب الأمم المتحدة بقرار واشنطن إلغاء تصنيف جماعة الحوثي اليمنية على أنها منظمة إرهابية، بدعوى أن ذلك "سيوفر إغاثة ضخمة لملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية والواردات التجارية لتلبية احتياجاتهم الأساسية للبقاء"، تظل هذه الخطوة محل ريبة من قبل العديد من المراقبين في ضوء ما أعقبها من تطورات على الأرض من تكثيف للهجمات وعدم إفساح المجال للجهود الدبلوماسية. ويرى الكثير من المحللين بأن هذا القرار يشكك في جدّية الولايات المتحدة ورغبتها الحقيقية في محاربة الإرهاب، وأنها دليل على سعي إدارة بايدن لتوظيف هذا الملف لخدمة أهدافها فيما يتعلق بانتهاج سلوك مغاير مع إيران يعتمد على تقديم بعض "الهدايا" بدلا من العقوبات، ما من شأنه "تشجيع" طهران على الإيعاز للحوثيين بمزيد من التصعيد بغية الضغط على بايدن حتى يرفع العقوبات المفروضة عليها، دون الالتزام بشرطه أن تذعن إيران للاتفاق النووي وتتوقف عن خرقه أولا.
وتتطابق هذه الرؤية إلى حدّ بعيد مع وجهة النظر التي عبّر عنها وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو، الذي استخدم وصف "الهدية" إلى إيران التي "ستسمح للحوثيين بمواصلة إثارة الإرهاب" في جميع أنحاء العالم. ويقول بومبيو في تغريدة على حسابه في "تويتر": "إنها حقيقة أن إيران ترعى الحوثيين.. إنها حقيقة أن الحوثيين يمارسون الإرهاب".
تخبط من قبل إدارة بايدن؟
في السياق ذاته انتقدت صحيفة وول ستريت جورنال، خطوة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه الحوثيين اصفة ذلك بـ"المقامرة" من قبل الرئيس بايدن. وأكدت أن "إضعاف الأصدقاء وتقوية جبهة الخصوم (في إشارة إلى الحوثيين وإيران) ليس الصيغة الجيدة للتوصل إلى السلام". وأشارت الصحيفة إلى ما اعتبرته "تخبطاً" في أداء إدارة بايدن، التي أبلغت وزارة خارجيتها الكونغرس بالتراجع عن الخطوة التي اتخذتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، بتصنيف جماعة الحوثي ضمن الجماعات الإرهابية، وبعد ذلك بيومين، طالبت الوزارة نفسها الحوثيين بالتوقف عن التصرف كجماعة إرهابية.
ونقلت الصحيفة تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، التي قال فيها "الرئيس (بايدن) يتخذ خطوات بهدف وقف الحرب في اليمن، والمملكة العربية السعودية تؤيد التوصل إلى تسوية عبر التفاوض، وتشعر الولايات المتحدة بقلق عميق، تجاه استمرار هجمات الحوثيين، وندعوهم للتوقف الفوري عن الهجمات التي تستهدف مناطق المدنيين في السعودية، ووقف أي هجمات عسكرية جديدة".
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى "تناقض" تصريحات بايدن بالإعلان عن سحب مساندة الولايات المتحدة للعمليات العسكرية التي تشنّها السعودية، وتوقف مبيعات الأسلحة المرتبطة بها، وفي الوقت نفسه، تأكيده على مساعدة السعودية في الدفاع عن أراضيها ضد هجمات الحوثيين.
وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن جماعة الحوثي ترى أنه في أعقاب الخطوة الأمريكية بحذف اسمها من قائمة الإرهاب، فإنها "تحقق النصر، وستعمل على مد سيطرتها على المزيد من الأراضي في اليمن، كلّما تراجعت واشنطن عن موقفها ضدها".
ويرى مراقبون أنه ما بين رسائل ورسائل مضادة بين واشنطن وطهران يبدو أن النزاع في اليمن، الذي راح ضحيته حوالي ربع مليون شخص، لن يجد طريقه إلى الحل قريبا.