ادان الامين العام المساعد للحزب الاشتراكي يحيى ابو اصبع في كلمة الحزب والناصري التي القيت بصنعاء ما اسماه الفي يوم على العدوان والحصار ، متهما اياه بتدمير اليمن .
وقال ابو اصبع أنه لا يوجد شيء اسمه "مدن محررة" في اشارة الى المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية والتحالف العربي..منوها الى ان اليمن كله مختطف.
وهاجم ابو اصبع الاحزاب المتحالفة مع قوى إقليمية في اشارة التحالف القوى الوطنية الموالية للرياض والتي من بينها الحزب الاشتراكي والناصري ،مشيرا الى انها تفتقر للتربية الوطنية.
نص الكلمة:
الفا يومٍ في مواجهة العدوان
السبت 19 سبتمبر 2020
صنعاء تاج سبا
أيتها اليمنيات .. أيها اليمنيون
بإسم التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وبإسم الحزب الاشتراكي اليمني أحييكم جميعا واحيي معكم ضيوفكم.
لقد أحصينا ألفي يوم من العدوان الغاشم والحصار الظالم، والنتيجة التي توصلنا إليها هي أنه خارج كل الألقاب والصفات لن يبقى لكم سوى صفة اليمن التي تحملونها تحت جلودكم وعلى ملامحكم – شئتم أم أبيتم - ويبقى أن تبحثوا لها عن مكان في القلوب ، وأن تطردوا الضغائن والأحقاد - لتفسحوا لليمن في قلوبكم وتضعوها في المكان اللائق بها.
وإنني لا أجد مقدمة لكلمتي هذه أفضل مما قاله الشاعر عبد الله عبد الوهاب نعمان في نشيدنا الوطني ..
وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على ارضي وصيا
أيتها اليمنيات ايها اليمنيون :
لن أتحدث عن الخطأ والصواب فيما حدث، فذلك مما درجت عليه العادة في مناسباتنا وخطبنا، وهو في ظني يسلبنا الكثير من التفكير بحلول لمشكلاتنا، ويأسرنا في مربعات تبادل التهم، ويعمق فيما بيننا عوامل فقدان الثقة. ولعلنا إن نحن تجاوزنا ما حدث وسعينا لتصحيحه من واقع ما هو كائن اليوم ، لا من واقع ما قد كان بالأمس ، لعلنا بذلك ننجح في أن نوفر الوقت والجهد وأن نستعيد احترامنا لأنفسنا ولعقولنا ۔
ايتها اليمنيات أيها اليمنيون :
إن الحديث عن ألفي يوم من الحصار ينبغي ألا يكون لإذكاء الأحقاد أو اجترار الضغائن وإنما أن يكون دافعا للبحث عن حل ومدخلا للعمل على إنهاء الحرب حتى لا نحتفل بيوم آخر يضاف إلى هذا السجل الدموي الذي نتمنى ألا يمتد إلى أيام وشهور وسنوات أخر .
وإني لأرى أن كثيراً مما يقال في مثل هذه المناسبة قد قيل . فقدحنا لبعضنا البعض متكرر ومستمر ولا جديد فيه، بينما حسن الفهم المتبادل بيننا لا يكاد يوجد . وبهذه المناسبة أدعوكم إلى تغيير الخطاب الذي نتنابز به ونستمرئه ، فالمقام ليس مقاماً للتنابز بالألقاب وإنما هو مقام للتفاهم .
أيتها اليمنيات .. أيها اليمنيون :
أظن - متمنياً ألا أقع في البعض الآثم من الظن أن الكلمات التي ستلقى اليوم لن تكون أكثر من القدح والذم والوعيد وإظهار التحدي الذي لا يمكن لأصدائه أن تتجاوز هذه القاعة . ثم يأتي بعد ذلك من يتحدث عن الدولة وينسى أن خطاباته مشغولة عنها بتسويق القدح والهجاء ومخاطبة الغرائز ومصادرة العقل .
أقول هذا لأن الدولة تحتاج إلى عقولنا لا إلى غرائزنا وأهواننا، ولأنه بالدولة فقط يمكن أن نصلح ما أفسده الدهر وما أفسدناه بأيدينا التي حركتها الأطماع والأهواء والأوهام. والعقل يُحتِّم أن نتأمل فيما حدث وأن نسأل أنفسنا: ما الذي كسبناه من كل ذلك؟
ايتها اليمنيات .. أيها اليمنيون :
إن مرور ألفي يوم من الدمار والحصار يفرض علينا أن نجلس مع بعضنا البعض مادين يد السلام لنقطع الطريق على هذه الحرب التي أكلت الأخضر واليابس. إن مرور الفي يوم يحتم علينا أن نكون أكثر استعداداً للتفاهم . ومن هذه القاعة أرجو أن تبدأ أولى خطوات التفاهم وألا يكون جمعنا هذا جمعاً كرنفالياً للإدانة ونكء الجراح .
أيها الحضور الكريم :
إن بعضنا يُكثر من الحديث عن مواجهة العدوان، ولكنه لا يرى غير البندقية طريقاً لمواجهته . وهنا أود أن ألفت الانتباه إلى أن العدوان يحقق بأيدينا المدودة ضد بعضنا البعض ما لم يستطع أن يحققه بالحصار والقصف والدمار. وهذا يعني أن البندقية وحدها لا تكفي ما لم نحرص على الخروج من الحرب ونحن أكثر تماسكاً وأكثر وحدة وأكثر محبة لبعضنا البعض . والطريق إلى كل ذلك يبدأ من احترام حق الاختلاف ، وتقبل الآخر ، والإيمان بأن لا أحد يمكنه أن يحكم بالاستقواء والغلبة أو أن يحكم وحده تحت أي مبرر كان.
ولقد لاحظنا أن ما بقي لدينا من حضور الدولة في كل اليمن لا يستطيع أن يقوم بأبسط ما يحتاجه المواطن اليمني في كل الجوانب الحياتية والمعيشية، وكل طرف يلقي بالمسئولية على الطرف الآخر. ولست أجانب الحقيقة إن قلت إن هذا من أكبر مظاهر انتصارات العدوان على اليمن .
ايتها اليمنيات .. أيها اليمنيون :
تلاحظون أن قضية الاقتصاد الوطني لا تحظى بأي اهتمام من كل الأطراف وكأن هناك اتفاقاً على تدمير البقية الباقية من اقتصادنا الضعيف . وإن كنت لا اريد إدانة أحد فإنه لا يخفى على المواطن اليمني أن كل أطراف الصراع ضالعة في نهب قوته وسلب حرياته ومصادرة مكتسباته المدنية، وهو ما يجعلنا نتوجه إلى كل الأطراف بانه قد آن الأوان لأن تستدركوا ما فاتكم على مدى سنوات . فالوطنية ليست خطابات ، والحكم ليس بسط النفوذ بالقوة ، ولا هو استقواء بعدوان من خارج الحدود .
إن تجريف مكتسبات المدنية على تواضعها، ومصادرة الحقوق والحريات ، والوصاية على المجتمع ، يدل على إفلاس وليس على قوة او تمكين. والحكم يبدأ من رضا الناس عنه ، ورضا الناس لا يـأتي إلا بكسب عقولهم وقلوبهم وإدارة موارد الدولة للصالح العام دون تمييز أو تغول أو فساد وإفساد .
ولإخواننا الذين يظنون أن مشروعيتهم هي في مواجهة العدوان - نقول صادقين معهم ومحبين لهم وحريصين عليهم : إن أهداف العدوان تتحقق بتمزيق نسيجنا المجتمعي أكثر مما تتحقق بتدمير المنشآت والأبنية والقتل العشوائي للمدنيين بالجملة . لذلك نرجو ألا تصبح مواجهة العدوان ذريعة لانتهاك الحقوق والحريات، وعجلة التنمية لا يجب أن تتوقف لأي سبب .
ولإخواننا الذين تحالفوا مع قوى إقليمية اتضحت أهدافها العدوانية نقول بجلاء: إن التبعية للخارج مدانة بشدة ولا يمكن تبريرها، وأن استعداء الخارج ضد من هم في الوطن لا يمكن أن يكون محل رضا احد في اليمن لديه الحد الأدنى من الثقافة السياسية والحد الأدنى من التربية الوطنية.
ولكل الأحزاب اليمنية ، ولكل القوى الوطنية ، ولكل الشخصيات الاجتماعية والسياسية، ولكل المثقفين وصناع الرأي العام، ولكل الاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني نقول: إن الوطن يبدأ منا، منا جميعا بلا استثناء، وإن الفي يوم من العدوان والحصار والقصف والقتل والدمار والحرب في الداخل تكفي لأن نعرف أن الخلاص لا يمكن أن يأتي إلا عبر دولة المواطنة، وأن كل الأطراف التي تبسط نفوذها على جغرافيا الوطن وتسلب إرادة المواطن لا علاقة لها بالدولة، ولا يمكنها أن تبني دولة . ولكن ذلك لا يعني إنكار حق أي منها في الشراكة الوطنية الكاملة في حال قام بمراجعات مسئولة وبادر للانضواء في مشروع وطني جامع الإنتاج دولة المواطنة . فالقاعدة أن كل اليمنيات واليمنيين شركاء وليسوا أعداء ، وان منطق العداء يجب أن يكون خارج قاموس الوطن .
أيتها اليمنيات .. ايها اليمنيون :
يجب أن نقول وبصوت واحد : كفى عنتريات، فمصلحة اليمن لن تأتي على يد الطرف " الأقوى " إلا إذا اجتهد ليصبح هو الطرف " الأفضل " . نقول هذا لأن السلاح الذي يمنح القوة من خارج دولة المواطنة لا يصنع مشروعية ولا يحقق تنمية ولا يقيم وزناً للحقوق والحريات .
وإلى أولئك الذين صدعوا رؤوسنا بالأحاديث المكرورة والممجوجة عن "مناطق محررة" نقول : ليس في اليمن مناطق محررة، وإنما اليمن كله مختطف، فالسيادة مسلوبة، والإرادة مصادرة، والأرض تتعرض لاحتلال انتقائي ممنهج لم يعد خافياً على أحد، والعقل فقد قدرته على التعقل والاستبصار، والحديث عن تحرير وعن سيادة واستقلال لا يستقيم ولن يستقيم إلا إذا تحررت عقولنا من الأحقاد والضغائن، وتحررنا جميعا من الرغبة في الاقصاء والاستعلاء، ونظرنا إلى بعضنا البعض على أننا شركاء في هذا الوطن مهما اختلفت آراؤنا وتعددت وجهات نظرنا ۔
أيتها اليمنيات .. أيها اليمنيون :
قد تتوقف مدافع الحرب وينتهي الحصار في أية لحظة. ولكن ما جدوى ذلك إذا وجدنا أنفسنا محاصرين بالأحقاد والضغائن والثارات والرغبة في الاستئثار؟ لذلك من أجل أن تتوقف الحرب في جغرافيتنا يجب أن تتوقف أولا في دخائل نفوسنا.
أيها الحضور الكريم :
تسمونها ألفي يوم في مواجهة العدوان، وأسميها ألفي يوم من معاناة المواطن اليمني. تسمونها ألفي يوم من الصمود، وأسميها ألفي يوم من التراجيديا الوطنية. وفي مسمياتكم أنتم على حق، وأنا أيضا على حق، لأن الحقيقة متعددة وليست أحادية كما قد يعتقد البعض. والإصرار على واحدية الحقيقة كله هلاك وإهلاك، لأن الواحدية ليست إلا لله الذي ليس كمثله شيء .
وإنني أخيراً أقول جازماً إن أبلغ رد على العدوان الغاشم البغيض هو ألا نجتمع لإلقاء الخطب وإنما أن نجلس على طاولة واحدة لننتج حلاً يمنياً يوقف نزيف الدم اليمني وينهي الحرب ويقطع دابر العدوان الذي تسرب إلينا من شروخ وحدتنا الوطنية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني
يحيى منصور أبو اصبع