كتب الصحفي المتخصص بالشؤون الإقتصادية وفيق صالح مقالا تطرق فيه الى تداعيات تجاوز الدولار حاجز ال٨٠٠ ريال لاول مرة منذ 2018.
راي اليمن يعيد نشره ..
أخيرا الدولار يتجاوز حاجز ال ٨٠٠ ريال، لم يسبق للريال أن شهد هذا التراجع والوصول إلى هذا الرقم، إلا في أغسطس من العام ٢٠١٨، حين استخدمت الإمارات ورقة العملة في حربها مع الحكومة وللضغط على الشرعية من أجل إبعاد بن دغر من رئاسة الحكومة نتيجة تمسكه ببعض المواقف السياسية وأشياء تتعلق بالسيادة الوطنية
تم كبح جماح الدولار آنذاك، بعد تدخل سعودي عبر إيداع اثنين مليار دولار في البنك المركزي بعدن كوديعة مالية لإعادة الاستقرار لأسواق الصرف، ولضمان استمرار البنك في القيام بمهامه في تمويل استيراد السلع الأساسية
عملت الوديعة السعودية بالفعل على استقرار نسبي طيلة العامين الماضيين، وبقاء سعر الدولار عند مستوى ٥٠٠ ريال، قبل أن يعاود الصعود بشكل تدريجي، جراء تأثر الحكومة بتراجع العوائد المالية من العملة الصعبة، إلى جانب الانقسام النقدي وقيام الحوثيين بحظر تداول الفئات النقدية الجديدة من العملة، والتي أدت إلى تكدسها في مناطق سيطرة الشرعية، وساهمت في تنشيط عملية المضاربة وانخفاض أسعار الصرف
عمليا كان من المتوقع أن تتراجع قيمة الريال اليمني، إلى هذا المستوى، مع نفاد الوديعة السعودية من البنك المركزي في عدن، وشحة النقد الأجنبي في السوق المصرفية، بفعل عوامل عديدة، تتعلق بشحة مصادر النقد الأجنبي وتعطل كثير من الموارد الرئيسية، وعوامل أخرى تتعلق بالأداء الباهت للحكومة والبنك المركزي، وعدم قيامهم بأي إجراءات لفرض سياسة نقدية موحدة في كافة أنحاء البلاد
قوضت عملية حظر العملة الجديدة، من نفوذ البنك المركزي في عدن، وأربكت حساباته في إدارة القطاع المصرفي، لكنه لم يقم باتخاذ أي خطوات أخرى، للخروج من المأزق الذي حشرت فيه الحكومة مع عدم قدرتها على انفاذ سياستها المالية وطرح الفئات النقدية الجديدة في كافة المناطق
لم تقتصر العوائق، على حظر العملة الجديدة فحسب، بل توسعت منذ بدء العام الجاري، كان من أهمها عملية الإغلاق العام التي اتخذتها معظم دول العالم، للوقاية من جائحة كورونا، إلى جانب حالة عدم الاستقرار في العاصمة المؤقتة عدن، وبعض المحافظات الجنوبية، وقيام المجلس الانتقالي بالإستيلاء على إيرادات مؤسسات الدولة والجهات الايرادية في عدن، وإنهاء التواجد الحكومي بالمحافظة
لم تنتهي الاضطرابات بصورة نهائية من العاصمة المؤقتة عدن، لكن جائحة كورونا، انتهت، وبقت أضرارها الجانبية المتمثلة بانخفاض أسعار النفط عالمياً، والتي بلا شك انعكست سلبا على حجم العوائد المالية للحكومة
حالياً مع انعدام أي مؤشرات لوجود استقرار أمني وسياسي في البلاد، يظل من السابق لأوانه الحديث عن ضرورة اتخاذ خطط استراتيجية وبعيدة المدى للتعافي الاقتصادي وإعادة الاستقرار لأسواق الصرف، وحماية الريال من الانهيار، لكن تبقى أقصر الطرق هي الحلول المؤقتة عبر رفد البنك المركزي بمنح وودائع مالية من العملة الصعبة، لتهدئة السوق المصرفية، مع تشديد الرقابة الحكومية على المستفيدين من تدخلات البنك المركزي والالتزام بمبدأ الشفافية والنزاهة، وإن كانت هي الأخرى تفتقر لوجود أي مؤشرات على الواقع