قالت صحيفة “العربي الجديد” اللندنية، الجمعة إن الإمارات استغلت انشغال اليمنيين بانتشار فيروس كورونا في عدد من مدن البلاد لتأجيج الوضع في سقطرى شرقي البلاد.
وبحسب تقرير للصحيفة، اشتد الصراع الدائر في جزيرة سقطرى اليمنية الاستراتيجية مع تسارع الأحداث، خلال الفترة الأخيرة، في ظل انشغال اليمنيين بانتشار فيروس كورونا في عدد من المدن.
وحسب مراقبين، استغلت الإمارات الوباء، واندفعت عبر أذرعها العسكرية والمحلية لتأجيج الوضع في سقطرى، وإطلاق العنان لتعزيز نفوذها على موارد وثروات أكبر وأهم الجزر اليمنية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإمارات مارست استغلال واضح للأحداث في عدن وغرقها في الأوبئة والفيضانات والأزمات المعيشية المتلاحقة، ودفعت بتشكيلات المجلس الانتقالي العسكرية التي كوّنتها في الجزيرة لبسط سيطرتها عليها وإحكام السيطرة على الميناء ومرافق خدمية حيوية جديدة.
وأكدت أن الإمارات تعمل منذ بداية الحرب الدائرة في اليمن على فرض واقع جديد في سقطرى، من خلال تجنيد أبناء الجزيرة وجلب أفراد عسكريين من خارجها وتشكيل مجاميع أمنية، والسيطرة على عديد المرافق الخدمية والاستراتيجية الحيوية مثل الميناء، على غرار ما فعلته في عدن جنوب اليمن وبعض المناطق اليمنية الأخرى مثل المخا غرب تعز، وبسط النفوذ على مواقع اقتصادية حيوية.
ونقلت الصحيفة عن وزير النقل اليمني السابق، صالح الجبواني قوله إن الإمارات تستغل ببشاعة أزمة كورونا في عدن بشكل خاص واليمن بشكل عام، لكي تضع يدها على الجزيرة بشكل كامل والتحكم في إدارتها واستغلال مواردها وموقعها الاستراتيجي.
وحول الدور السعودي الذي تلجأ الحكومة اليمنية إليه كلما اشتد الوضع في سقطرى وتوسع نفوذ الإمارات، يؤكد الجبواني أن “دور الرياض عبارة عن وعود، ومنذ خمس سنوات كلما تم التعويل على السعودية واللجوء إليها في حل أزمة تنشب هنا أو هناك نفاجأ بتسليم المنطقة والمواقع للإمارات والمليشيات التابعة لها، وهذا حصل في عدن ويحصل الآن في سقطرى”.
ويعد النفط أحد الأطماع الاقتصادية للإمارات في سقطرى، فقد تحدّثت مصادر مطلعة، رفضت ذكر اسمها، لـ”العربي الجديد”، عن إجراءات قامت بها مؤخراً لإنشاء شركة خاصة لإدارة موارد الجزيرة، وقيامها الأسبوعين الماضيين بإرسال فرق وخبراء في مجال الاستكشافات النفطية والمعدنية على متن سفينة قادمة من أبوظبي، إضافة إلى استغلال الموارد السمكية الهائلة للجزيرة، ووضع خطة لإعادة تشغيل الميناء بغرض تنفيذ مخططها في بسط نفوذها على الجزيرة اليمنية.
ويعتبر الموقع الاستراتيجي لجزيرة سقطرى أحد أهم الأسباب التي وضعتها على رأس أطماع الإمارات شريك السعودية في التحالف العربي. إذ يرى الباحث الاقتصادي، مراد منصور، أن أول ما قامت به الإمارات منذ بداية الحرب في اليمن هو السيطرة على ميناء عدن، ومن ثم بلحاف في شبوة ومواقع النفط، ثم رمت بكل ثقلها على أرخبيل سقطرى، وتسعى لإنشاء ميناء استراتيجي في الجزيرة.
وحسب حديث منصور لـ”العربي الجديد”: بسطت الإمارات سيطرتها بشكل سري على جزر أخرى لم يتم تسليط الضوء عليها مثل جزيرة “زُقر” في الساحل الغربي لليمن والتي سلمتها شكلياً لقوات طارق صالح المتمركزة في المخا ومناطق في الساحل الغربي، وجزيرة حنيش الاستراتيجية.
وتقدر خريطة القطاعات النفطية الصادرة عن هيئة الإنتاج والاستكشافات النفطية الحكومية مساحة القطاعات النفطية البحرية لجزيرة سقطرى بنحو 200.000 كيلو متر مربع، بحوالي 52 ضعفا من مساحة الجزيرة البالغة 3.796 كيلومتر مربع.
وكان وزير الخارجية اليمني، محمد الحضرمي، قد بحث، في الثالث من مايو/أيار الجاري، مع سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن آخر التطورات في اليمن، بما فيها مواجهة وباء كورونا وتداعيات إعلان المجلس الانتقالي لما أسماه “الإدارة الذاتية للجنوب” والأحداث التي وصفها الوزير بالمؤسفة في سقطرى.
وأكد الحضرمي أن جزيرة سقطرى جوهرة يمنية فريدة من نوعها في العالم مصنفة كأحد مواقع التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو، وأي محاولات لزعزعة الأمن والاستقرار فيها، أو في أي من الأراضي اليمنية، مرفوضة وستبوء بالفشل.
وندد الحضرمي بما يفتعله المجلس الانتقالي الجنوبي من أحداث مؤسفة في سقطرى من محاولة فاشلة لتفجير الوضع هناك بدعم وحدات متمردة على الدولة، لا يعدو كونه امتدادا لمحاولاته جر الجزيرة المسالمة وأهلها إلى أتون مغامراته السياسية الفاشلة.
ويأتي الاستيلاء على سقطرى في إطار مساعي دولتي التحالف السعودية والإمارات لإنشاء مستعمرة اقتصادية نفطية وغازية وسياحية واستثمارية ضخمة تبدأ من مسافة 630 كيلومتراً من الربع الخالي حدود المملكة وتخترق 320 كيلومتراً مروراً بسواحل وشواطئ سقطرى إلى بحر العرب، حيث تشق منه قناة مياه بحرية خرافية إلى الربع الخالي.
في السياق، يشير السكرتير الصحفي السابق للرئيس اليمني، مختار الرحبي، للصحيفة ذاتها “، إلى أن ما يجري في سقطرى ليس بجديد. واعتبره امتداداً لمحاولة الإمارات السيطرة على الجزيرة اليمنية بكل الطرق والإمكانيات، إذ قامت مؤخراً في سبيل تحقيق ذلك بضخ أموال وشراء ولاءات قادة عسكرين وقبليين.
ويضيف، أن أطماع الإمارات في محافظة سقطرى مستمرة لتحقيق هدفها وهو السيطرة على كل مقدراتها وثرواتها.