الرئيسية - أقاليم - باحث عربي ينشر تفاصيل إنقلاب الناصريين ضد صالح
باحث عربي ينشر تفاصيل إنقلاب الناصريين ضد صالح
الساعة 11:58 ص (رأي اليمن-د.محمد عريف*)

   إنه انقلاب 1978 في اليمن أو ما يسمى بـ(الإنقلاب الناصري) كما يتداول، هو انقلاب عسكري حدث في اليمن بتاريخ 15 تشرين الأول/ أكتوبر 1978، بعد أقل من ثلاثة أشهر من تولي علي عبد الله صالح رئاسة البلاد، ووقف وراء الإنقلاب قيادات عسكرية ومدنية من التنظيم الناصري. فلقد تولى صالح السلطة والأوضاع في البلاد في حالة من الضعف والاضطراب في أحداث تمرد وحرب المناطق الوسطى، وفي أقل من ثلاثة أشهر منذ توليه السلطة, وتحديدًا في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 1978، تعرض لانقلاب.
  الحقيقة أن ما حدث هو وقوف التنظيم الناصري وراء الأحداث، والذي كان حليفًا للرئيس إبراهيم الحمدي, وكان عدد كبير من قيادات الانقلاب يتولون مناصب قيادية في الجهازين المدني والعسكري, وبعد فشل الانقلاب، وحدوث الاعتقالات والإعدامات الجماعية التي وجُهت للقائمين به. نزح الناصريون ومعهم الآلاف من مواطني وقبائل الشمال الموالين لهم إلى الجنوب، الذي وقف معهم ودعم خطواتهم في مقاومة السلطة، وساهم في تقريب وجهات النظر بينهم وبين قوى المعارضة الأخرى, حيث سار بقية أعضاء حركة 13 حزيران/ يونيو (الناصرية) على طريق الوحدة مع الجبهة الوطنية الديمقراطية… وطبقًا للاتفاق الذي تم التوصل إليه تتولى الجبهة الوطنية الديمقراطية قيادة نشاط مختلف القوى الوطنية الديمقراطية, اليسارية والقومية في البلاد، وذلك بهدف إقامة السلطة الوطنية الديمقراطية في الشطر الشمالي من اليمن, على طريق تحقيق وحدة كلا الشطرين في اليمن الديمقراطي الواحد.
   عزز توحدَّ حركة 13 حزيران/ يونيو الناصرية مع الجبهة الوطنية من قوة المعارضة المسلحة، وهذا بدوره ساعد على تكثيف نشاطها (العسكري) في نهاية 1978 في المناطق الواقعة بين دمت والبيضاء، وفي مناطق وادي بناوفي الحجرية الواقعة جنوب محافظة تعز، وسقطت تحت السيطرة الكاملة للجبهة عدة قرى أخرى وأصبحت تسمى “بالقرى المحررة”. وزاد من قوة وهيبة الجبهة الوطنية فشل الحملات العسكرية التي كانت توجه ضدها، فقد كان عدد من الجنود والضباط يفضلون الانضمام إلى صفوف الجبهة الوطنية، الأمر الذي رفع من هيبتها إعلاميًا وسياسيًا.
   لقد تميز الوضع السياسي السائد في الجمهورية العربية اليمنية في النصف الثاني من عام 1978م بعدم الاستقرار, والإنذار بإمكانية تغيير النظام, وتوقعت القوى الديمقراطية (اليسارية) في عدن احتمال انتقال السلطة إلى القوى التقدمية بقيادة الجبهة الوطنية”. هنا سارع النظام السياسي في الشمال بإسقاطه بيد الجبهة الوطنية، وافتعل النظام السياسي في الجنوب الحرب مع الشطر الشمالي، التي اندلعت في 23 شباط/ فبراير 1979، وهزم فيها جيش الشمال، ولم يخفف من حجم الهزيمة سوى مساندة القوى القبلية له، والتدخل الحازم من قبل سوريا والعراق لوقف القتال، وإنقاذ النظام في الشمال, وأصدرت الجبهة الوطنية بلاغًا جاء فيه بأن فرقها المسلحة العاملة في اليمن الشمالي تسيطر سيطرة كاملة على المدن اليمنية الشمالية، قعطبة، والبيضاء، وحَرِيب.
  بالعودة لاحداث ليلة 15 تشرين الأول/ أكتوبر 1978، فقد  اتخذ الرائد نصار علي حسين الجرباني الذي كان قائد “اللواء الخامس مشاة” ورئيس المجلس العسكري الأعلى لحركة 13 حزيران/ يونيو 1974 قراراً بالتحرك لتنفيذ الانقلاب في تلك الليلة، وعند منتصف الليل تمت السيطرة على مبنى “القيادة العامة للقوات المسلحة” ومن ضمنها غرفة العمليات والاتصالات العسكرية، ومطار صنعاء الدولي والمطار الحربي ومبنى الإذاعة والتلفزيون والاتصالات التليفونية ومداخل العاصمة صنعاء.
   بحلول الفجر تغيرت الأوضاع واستطاع بعض القادة العسكريين تحريك قواتهم ضد الإنقلاب وسمعت الاشتباكات وأصوات قذائف مدفعية الدبابات وضربات الآر بي جي والرشاشات وعند حلول حوالي الساعة العاشرة كان كل شيء قد أنتهى. وأعدمت السلطات العديد من القيادات من التنظيم الناصري، ففي تاريخ 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1978 تم إعدام 8 من القادة العسكريين للإنقلاب وأعدم 12 من القادة المدنيين في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1978، فيما صدر عفو رئاسي عن باقي المتهمين في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 1978 وعددهم 67 شخصًا.
   نعم لقد صدرت أحكام الإعدام بحق قادة الانقلاب من العسكريين، ولا يوجد مراجع تاريخية تؤكد هل تم اعدامهم أم هي مرد أحكام، وهم: محسن أحمد فلاح – عبد الله صالح الرازقي – محمد مبخوت الفليحي – عبد الواسع الأشعري – مهيوب على العرفي – قاسم منصور إسماعيل الشيباني – عبد العزيز محمد رسام – حسين عبد الله منتصر. فيما أصدرت محكمة أمن الدولة العليا حكما بإعدام 12 من القيادة المدنية للتنظيم ونفذ الإعدام في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1978 وهم: عيسى محمد سيف الأمين العام سالم محمد السقاف الأمين المساعد للتنظيم والذي كان يشغل أيضًا نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية محمد أحمد إبراهيم نصر عضو القيادة التنفيذية عبد السلام محمد مقبل وزير الشؤون الاجتماعية والعمل أحمد سيف الشرجبي عضو القيادة التنفيذية محمد محسن سعيد الحجاجي عبد الكريم ناصر المحويتي علي محمد عباد السنباني ناصر محمد اليافعي مانع يحيى سعيد التام حسين عبد الباري أحمد مذحجي علي صالح حسين ناجي ردفاني. كما حكم بالسجن المؤبد على المتهم الثالث عشر مثنى سالم ثابت ردفاني.
   تمكن من الفرار إلى خارج البلاد عدد من قيادات الانقلاب وكان أبرزهم: نصار علي حسين رئيس المجلس العسكري عبد الله سلام الحكيمي رئيس تحرير صحيفة 13 يونيو الناطقة بلسان الجيش وعضو القيادة التنفيذية للتنظيم الناصري عبد اللطيف علي الشرجبي وكيل محافظة صنعاء علي محمد الحبيشي أركان حرب قوات العمالقة التي أنشأها الرئيس إبراهيم الحمدي علي عبد ربه القاضي عضو المجلس العسكري.
  لقد صادفت أحداث انقلاب 1978 في 15 أكتوبر في الشمال بيان تأسيس الحزب الاشتراكي في الجنوب في نفس اليوم، مما ولد انطباع أن المؤامرة كانت مدبرة من الجنوب، وأدت الأحداث إلى اندلاع حرب 1979 في اليمن في يومي 28 – 29 عام 1978م في المناطق الحدودية في ذلك الزمن، وأعلنت فيه السعودية وضع قواتها المسلحة في حالة تأهب واستدعت وحداتها العسكرية التي تعمل ضمن قوات حفظ السلام في لبنان وتحركت قوات سعودية من الجيش والحرس الوطني إلى مناطق الحدود في 1 آزار/ مارس 1979، بينما قامت أمريكا بتوجيه حاملة الطائرات «كونسثيليش» وثلاثة بوارج حربية إلى البحر العربي وأرسلت أمريكا طائرتين تجسس نوع «أوكس» للسعودية شرط عدم استخدامها ضد إسرائيل واستخدامها ضد الجنوب اليمني وكانت ايحاءات الرياض وواشنطن تهدف إلى توسيع الحرب بين أبناء اليمن.
   في حين بادرت عدد من الدول العربية إلى بذل مجهود من أجل ايقاف حرب اليمنيين وكانتا في طليعة تلك الدول سوريا والكويت وقد استضافت الكويت قمة يمنية من أجل اعادة الأوضاع إلى طبيعتها وفي تلك القمة التي عقدت في الفترة 4 -6 آزار/ مارس، طلب عبد الفتاح إسماعيل من الرئيس علي عبد الله صالح العفو عن الناصريين المحكوم عليهم بالإعدام وإقصاء بعض المسؤولين وكان منهم عبد الله الأصنج وزير الداخلية ومحمد سالم باسندوة وزير الاعلام ومحمد حمود خميس رئيس جهاز الأمن الوطني اليمني وبالفعل صدر قرار جمهوري في يوم 21 آزار/ مارس 1979، قضى بإزاحة المذكورين من مناصبهم وتم تعيين الأصنج مستشار في رئاسة الجمهورية وخميس في الإدارة المحلية والذي اثار استياء السعودية خاصة وأن وجهات النظر تقاربت بين قيادتي الشطرين من أجل تحقيق الوحدة.
   في عام 2005، وبعد صمت زاد على سبعة وعشرين عامًا كشفت السلطات اليمنية عن مكان دفن عشرين قياديًا في التنظيم الناصري المعارض مدنيين وعسكريين في المحاولة الانقلابية السابقة. وفي أول رد على مطالبات متكررة من قيادة (الناصري) وعائلات قادة الحركة الانقلابية صرح حينها مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية بأن هؤلاء قد دفنوا في إحدى المقابر العامة في العاصمة بعد أن نفذ فيهم حكم الإعدام الذي أصدرته محكمة عسكرية وأخرى خاصة بأمن الدولة. واستنكر المصدر حينها المطالبات المتكررة للتنظيم الوحدوي الناصري بتسليم جثث (المتآمرين من قيادته)، في محاولة الانقلاب الفاشلة واصفًا اياها “بتجاهل العارف” لأن قيادة التنظيم تعرف أنها خططت وباشرت بتنفيذ مؤامرة انقلابية على النظام الدستوري وسلطته المنتخبة من ممثلي الشعب حسبما كان ينص عليه دستور الجمهورية العربية اليمنية سابقاً.
   صنفت على أنها أول رواية رسمية عن العملية، وجاء فيها أنه وبعد كشف المخطط والتصدي له تم إفشاله واعتقال المتآمرين وتقديمهم للقضاء فصدرت أحكام الإعدام بحق قادة الانقلاب من العسكريين وهم: محسن احمد فلاح وعبد الله صالح الرازقي ومحمد مبخوت الفليحي وعبد الواسع الأشعري ومهيوب على العرفي وقاسم منصور إسماعيل الشيباني وعبد العزيز محمد رسام وحسين عبد الله منتصر وأحمد مطهر مطير.. وأوضح إن حكم الإعدام في هؤلاء قد نفذ يوم 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1978م. أي بعد اثني عشر يومًا على فشله، وتم الإفراج عن عدد 115 شخصاً من المغرر بهم أثناء المحاولة الانقلابية. كذلك فإن محكمة أمن الدولة العليا أصدرت حكمًا بإعدام 12 من القيادة المدنية للتنظيم. وتم دفنهم في المقبرة العامة المعروفة بمقبرة خزيمة وسط العاصمة صنعاء.


*كاتب وباحث في تاريخ العرب الحديث والمعاصر وتاريخ العلاقات الدولية والسياسة الخارجية

  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً
كاريكاتير يجسد معاناة سكان تعز جراء الحصار
اتفاق استوكهولم
صلاة الحوثيين
الإغتيالات في عدن