كتب صحافي سعودي في صفحته على تويتر ما اعتبرها إشادة بالشعب السعودي الذي لم يتأثر بالأحداث الساخنة على حدودهم الجنوبية ، يقصد بها اليمن ، البلد التي تشهد حرباً طاحنة بقيادة الرياض ضد التدخل الإيراني ويعيش أزمة إنسانية هي الأسوأ في الكون منذ الحرب العالمية الثانية.
العام المنصرم وفي نقاش مع مسؤول ماليزي على هامش مؤتمر إنساني لدعم اليمن في كواللمبور ، كان طرح الرجل حاداً وقوياً كيف أن دولة نفطية بحجم السعودية تخوض حرباً على اليمن ومن ثم لا تتحمل تبعاتها ، حاولت تصحيح المفاهيم لديه بأن السعودية تخوض حرباً في اليمن وليس على اليمن ، لكن قناعاته ثابتة كما هي قناعات الأغلبية في أغلب دول العالم .
تحدثت مع شاباً يمنياً ركب موت البحر المتوسط في محاولة للنجاة من الموت بسلاح الحرب والجوع والمرض، فر من موت الى موت، قال ان السؤال الصعب الذي كان يواجهه أثناء القبض عليه من الشرطة المغربية وأثناء سلب كل ما يملك من عصابات الصحراء كيف ان يمنياً تنام بجواره أكبر بحار النفط يموت جوعاً ويخوض هذه المسافات المحفوفة بسكاكين القراصنة وعزرائيل البحر.
يموت اليمني ببطء في الداخل ، أقصى طموحه أن ينزح من القرية الى المدينة ، ومن المدينة الى القرية في تغريبة يمنية حزينة، سألني صديق عراقي لماذا لا تركبون البحر الى دول العالم مثل بقية الشعوب التي تجتاحها الحروب ، أجبته بأن اليمني لا يجد قيمة ما يوصله الى القرية المجاورة وان أسرا كثيرة في الداخل تقطعت بهم السبل نتيجة ارتفاع أسعار المواصلات وانعدام الدخل .
في نوفمبر الجاري ، كشفت منظمة الهجرة الدولية أن عدد النازحين اليمنيين داخلياً تجاوز حاجز ثلاثة ملايين نازح جراء الصراع المستمر منذ اكثر من خمس سنوات ..هذا الرقم الكبير لو توجه على شكل موجات نزوح الى دول الخليج لقامت قيامتهم ولعملوا على حسم المعركة بدل من تحويلها الى حرب منسية.
تخوض السعودية والإمارات وقبلها قطر حروباً ضارية في اليمن ضد ما تعتبره التدخل الإيراني المتمثل في مليشيا الحوثيين ، لكنهم يضيقون على العمال اليمنيين في بلادهم ، لم يستثنوا اليمنيين من توطين المهن ولم يخففوا عن كتفهم عبء الحرب والكارثة.
في بروكسل شاركت قبل أيام في مؤتمر ايديكس 2019 كانت اليمن حاضرة بقوة كأسوأ أزمة في هذا الكون منذ الحرب العالمية الثانية ، العالم كله يتحدث عن الكارثة التي يعيشها أطفال اليمن ونساءه وسط ازدهار تجار الحرب على كافة المتسويات وخاصة في المنظمات الإغاثية ، يموت اليمنيون كل ثانية بينما تنام دول الخليج على بحيرات النفط ومخازن احتياطيات العالم من العملات الصعبة.
على دول الخليج التي خاضت وتخوض الحرب في هذا البلد أن تتحمل مسؤولياتها الحقيقية تجاه 30 مليون نسمة، بروبجندا فعاليات الطلاء لم تعد تنطلي على أي مراقب ، الوضع يزداد انهياراً والكارثة تتسع واليمن طوفان اذا تحرك سوف يجتاح المنطقة بأكملها كما وصفه محمد حسنين هيكل في أخر آيامه .