في ليلة يمانية مفعمةٍ بمشاعر الامتنان والوفاء لشعب وحكومة فتحت قلوبها ومطاراتها لليمنيين، وبرعاية كريمة من السفارة اليمنية بماليزيا، نفذت اللجنة الإشرافية بالمبادرة اليمنية “كالجسد الواحد - Ibarat Satu Jasad” لإغاثة الأسر الماليزية المتضررة من كوارث الفيضانات في ولاية باهنج، ليلة الاثنين ١٨ يناير ٢٠٢١م فعالية تعريف جماهيرية حضرها عدد كبير من اليمنيين واليمنيات عبر تقنية مؤتمرات الفيديو (Zoom)، كمساهمة مجتمعية وفعل إيجابي وتعبير عن الامتنان والتقدير لموقف ماليزيا الإيجابي من القضية اليمنية والشعب اليمني.
تأتي هذه الفعالية رغم المعاناة التي يعيشها أبناء اليمن في الداخل والخارج جراء الحرب الغاشمة التي جعلت اليمن تعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ورغم القدرة والكفائة التي تتمتع بها ماليزيا في إدارة مثل هذه الأزمات، إلا أن اليمنيين - الذين تربطهم علاقات ضاربة في التأريخ مع الشعب الماليزي - دشنوا هذه المبادرة تضامناً مع أهل العطاء والوفاء، راسمين صورة حضارية مفادها أن اليمانيين - مهما جار الزمن - لن ينسوا أبداً من بادلهم الوفاء والعطاء.
وفي فعالية التدشين التي افتتحت بالنشيد الوطني للجمهورية اليمنية، أثنى سفير الجمهورية اليمنية د. عادل محمد باحميد على الفعالية والقائمين عليها باعتبارها لمسةً لها انعكاساتها الإيجابية رغم أنها مبادرة رمزية، متمنياً لها نجاحاً يضاف الى رصيد المبادرات السابقة التي أقامتها الجالية اليمنية بماليزيا، وحيّا سعادة السفير الروح اليمانية التي رغم كل المعاناة إلا أن لديها قيمة العطاء الإحساس في العطاء، كون هذه المبادرة لا تأتي فقط في سياق رد الجميل للحكومة والشعب الماليزي وإنما واجب الإخوة والإنسانية. كما أبدت السفارة دعمها للمبادرة ودعت كل أبناء الجالية إلى التعاون والمساندة كلٌ بحسب جهده.
وفي كلمته، رحّب رئيس المبادرة ورئيس الجالية اليمنية بماليزيا د. عبدالله الحجاجي باللجنة الإشرافية واللجنة التنفيذية وشركاء المبادرة وكل الداعمين والحاضرين، كما عرض الحجاجي فكرة المبادرة وأهدافها وبدايات تشكلها، والنزول الميداني لمندوبي المكونات اليمنية وخاصة اتحاد الطلبة اليمنيين بماليزيا إلى ولاية بهانج. حينها تولّدت قناعة بضرورة تقديم هذه المبادرة الرمزية التي تهدف إلى إيصال رسالة إلى المجتمع والحكومة الماليزية مفادها أننا جاليةً إيجابية، نشاركهم أفراحهم وأتراحهم، ولسنا جاليةً تأخذ ولا تعطي، كما جاءت هذه المبادرة عملاً بمبدأ "هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان!". كما أشاد الحجاجي بالجهود التي قدمتها الحكومة الماليزية للشعب اليمني سواءً من خلال منحهم ميزة الإقامة الاجتماعية في ماليزيا منذ الانقلاب الغاشم في اليمن، أو الجهود الإغاثية التي قدمتها للشعب اليمني في الداخل وغيرها. وفي ختام كلمته حثّ رئيس الجالية أبناء اليمن أن يكونوا سفراء خير وأن يقدموا كل ما هو إيجابي عن اليمن، وليس أقل من دعم ومساندة مثل هذه المبادرات قولاً وعملاً.
ونيابةً عن اللجنة الإشرافية، تحدث رجل الأعمال المعروف أ. أحمد بازرعة عن كون المبادرة موقفاً رمزياً وإنسانياً يعبر عن تفاعل الجالية اليمنية إيجاباً مع محيطها، كما دعى الجميع إلى التفاعل مع المبادرة ومساندتها.
البروفسور د. داوود الحدابي أحد أعضاء اللجنة الاشرافية للمبادرة ونائب مساعد رئيس الجامعة الإسلامية بماليزيا، أكّد أن تفاعل أي جالية مع محيطها دليل واضح على إيجابية هذه الجالية وحيويتها، حيث لا تعتبر نفسها جزءً معزولًا عن المجتمع الذي تعيش فيه. استحضر البروفسور الحدابي موروث الجيل اليماني الأول الذين قدموا لبلاد جنوب شرق آسيا الذين كانوا جزءً لا يتجزأ من هذا المجتمع، حيث انشغل الأجداد الأوائل بالتعليم (الهداية) والتنمية الاقتصادية الشاملة كركيزتين أساسيتين لأي مجتمعٍ ناهض. والمجتمع اليمني اليوم في ماليزيا يسير على درب أجداده، ولو بالقدر اليسير، فالعبرة بالكيف لا بالكم، و"اتقوا النار ولو بشق تمرة"، وما عسى "شق التمرة" أن تسد رمق الناس؟! ولكنها الفكرة والقضية والشعور والروح التي تسري في القلوب والأبدان. وأكّد الحدابي أن اليمنيين بمثل هذه المبادرات يثبتون أن قرارهم سلوكهم إيجابي مهما زادت المحن. كما عبّر الحدابي عن سعادته بانتقال المجتمع اليمني من الانعزال إلى المشاركة، ومن السلبية إلى الإيجابية، ودعا إلى مزيد من التعاون والتلاحم في ميادين الخير.
د. سلوى الغشم، عضو اللجنة الاشرافية للمبادرة، أشارت إلى الدور الإيجابي للجالية اليمنية واتحاد الطلبة منذ قدومها لماليزيا في العام ٢٠٠٥، وكيف أثرى هذا الدور الثقافات والسلوكيات المختلفة في الجامعات والمجتمع الماليزي. وشعوراً بالوفاء والعطاء والتعاون نحو المجتمع الماليزي، تأتي هذه المبادرة الرمزية لدعم الأسر الماليزية المتضررة. داعيةً الاستمرار في مثل هذه المبادرات الإيجابية وتشجيعها ودعمها.
عضو اللجنة الاشرافية البروفسور رشيد المقطري، مستشار رئيس جامعة لنكولن ونائب عميد كلية الطب، أبدى سعادته الكاملة بالمبادرة اليمنية التي تأتي كرد جميل ورمزي للشعوب التي وقفت مع اليمنيين وقت الشدّة وفتحت بلدانها لهم وكانت نعم العون والسند، مثل المجتمع الماليزي والمصري. ونوه المقطري أن المبادرة تؤكد على أن اليمني سحاب خير أينما حلّت أمطرت، وأكّد على التجاوب الإيجابي للأكاديميين اليمنيين في ماليزيا مع المبادرة بدافع إظهار الوجه المشرق لليمنيين وأن اليمنيين عند الشدائد يبادلون الوفاء والعطاء حسب إمكانياتهم.
عضوة اللجنة الاشرافية للمبادرة د. فاطمة قحطان، شكرت الحاضرين على تواجدهم وتفاعلهم، ونوّهت أنه لا غرابة على المجتمعات اليمنية مثل هذه المبادرات عبر التأريخ. كما أكّدت د. فاطمة على الدور المهم لقيادات الجالية اليمنية ونخبها في بلورة مثل هذا التوجه الإيجابي وتعزيزه وتطويره وصولاً مستوى المشاركة والمسئولية البناءة. وأشارت إلى أن المبادرة ليس فقط مساهمة رمزية لدعم الشعب الماليزي في محنه، وإنما تعبيراً عن قدرة الشخصية اليمنية على استعادة ذاتها واطلاق ممكناتها في ظروف الحرب القائمة. كما دعت د. فاطمة أبناء المجتمع اليمني إلى تغيير بعض القناعات المتعلقة بكون اليمني يعيش اليوم شتاتاً يُبقيه في دائرة العزلة ومشاعر الحزن إلى اعتبارها فرصة تعلم وبناء تجربة جديدة ستنعكس إيجاباً على مستقبل اليمن.
المستشار الأسبق في الملحقية الثقافية بماليزيا وعضو اللجنة الإشراقية أ. إقبال العلس، أكّد في كلمته أن هذه المبادرة تأتي في سياق السبق الأول للمجتمع اليمني الذي بادر إلى الانخراط مبكراً في المجتمع الماليزي ولم يتقوقع حول نفسه بدليل الانتشار الواسع للإسلام في ماليزيا وجنوب شرق آسيا. وفي موجة الهجرة الثانية لليمنيين - كما سماها العلس - والتي كانت في ظروف طبيعية بحثاً عن العلم والمعرفة، حيث بعثت الجمهورية اليمنية عدداً كبيراً من أبنائها لطلب العلم في الجامعات الماليزية، والذين أصبح العشرات منهم اليوم أكاديميون ومعلمون فيها، كما تتزين العديد من لوحات الشرف بأسمائهم. وتمنى المستشار العلس للمبادرة النجاح والتوفيق، والتميز في تنفيذها على أرض الواقع.
كما ألقى الشاعر والإعلامي أ. ماجد السامعي قصيدتين شعريتين لخصت أحدهما حكاية اليمني الذي قدِم قديماً إلى “ملقى” (ملاكا)، والتي نالت استحسان الحاضرين. هذا وقد كان ميسّر الفعالية محمد عرفات العماري. وفي ختام الفعالية، قدمت اللجنة الإشرافية تقريراً ملخصاً للمبادرة وما تم تنفيذه حتى اللحظة.
وتستهدف المبادرة ٩٠٢ أسرة ماليزية، ٣١٩١ مستهدف، ٣٨ مركز اغاثي في ولاية بهانج، عبر تقديم مواد إغاثية للمتضررين، وتنظيف بيوتهم، وبث روح التراحم والتضامن معهم. الجدير بالذكر أن الفيضانات في ماليزيا تعتبر من الكواري الطبيعية المنتظمة التي تحدث كل عام خاصة خلال موسم الرياح الموسمية، ويعتبر الساحل الشرقي لشبه جزيرة ماليزيا هو الأكثر عرضة للفيضانات، حيث تم مؤخراً إجلاء القرووين الماليزيين بينما سبح اخرين في المياه العميقة وارتفع عدد الذي أجبروا على مغادرة منازلهم أكثر من ٢٨٠٠٠ شخص ووفاة أربعة أشخاص على الأقل.
مبادرة “كالجسد الواحد - Ibarat Satu Jasad” هي مبادرة يمنية برعاية السفارة اليمنية بكوالالمبور، وتنفيذ مؤسسة إنسان للإغاثة والتنمية، وبمشاركة كل من الجالية اليمنية بماليزيا، اتحاد الطلبة اليمنيين بماليزيا، اتحاد اللاجئين اليمنيين بماليزيا، مؤسسة التواصل التنموية. الدعوة عامة لكل أبناء اليمن في ماليزيا من أجل المساهمة في دعم الفعالية من خلال بوابة التبرع الإلكتروني لمؤسسة إنسان التنموية، عبر الرابط التالي:
https://www.insanrelief.org/relief-project-disaster/