تعز ..مناطقية الثورة والمعضلة
2020/12/01
الساعة 08:47 م
br />
لأنهم لم يكونوا ثواراً معناً ومبنى، إخلاصاً ووفاء، مظهراً وجوهراً، تعثرت خطى ثورة 26 سبتمبر وأصاب طريقها التصدع والجروف الغائرة. سألتُ ذات يوم في حضرة الدكتور محمد مطهر، رحمه الله، النيابي محمد الفسيل الذي قال عنه الدكتور عبدالرحمن البيضاني أن دوره في الثورة كان مجرد مذيع! سألته لماذا اتخذ الامام أحمد مدينة تعز عاصمة لدولته؟ قال بعد أن فرك فكيه العارية من السِن "لأنهم رعية!". راعتني تلك الإجابة الصادرة ممن يُفترض أنه ثوري مدرك لمعضلات اليمن التي قامت بسببها الثورة.
بعد أن أفقت من صدمة الإجابة وهو يحكي القصص الفنتازيه حول ثوريته، وقلت له: لا وانت الصادق! لأن تعز كانت الخير كله والزرع كله والفواكه فيها أنواعها والحبوب أصنافها تملأ المدافن والغلال، ولأنها كما أفاد اللواء علي عبدالله السلال في أحد مقابلاته أنه عندما سُئِلَ الامام أحمد عن سر اتخاذه تعز عاصمة لدولته بخلاف المعهود، قال هنا رأس الأفعى بمعنى أن الخطر القادم على الإمامة مصدرة تعز كان الامام احمد منذ ولايته أميراً على تعز حتى أصبح إماماً، يرقب الحركة الثورية ونشاط أبناء تعز من رجال أعمال وعمال ومثقفين وكتاب يرتادها اليمنيون من كل اتجاه ويتوقع انفجارها الثوري في أي لحظة دون سابق إنذار.
عندما انقلب عبدالله الوزير على حكم ابيه بعد مقتله عام 1948م لم يُستَنفر معه أحد من تعز بعد أن حاول استنفارهم، اتجه إلى حجة عن طريق الحديدة حيث مخزونهم البشري المكدس على أسس مذهبية وجهوية ومن هناك جيّش القبائل ووزع العطايا واباح لهم شرعاً وفقاً لمذهبه الارهابي نهب كل ما يمكن نهبه من أهل صنعاء فيداً وغنيمة محارب، بالرغم أنه لم يك لسكان صنعاء يد في المكيدة ضد ابيه حد قوله والانقلاب. نهبوا كل شيء، وحتى أبواب المنازل لم تسلم من سطو جيشه القبلي الأعمى ونهبها.
سقط المذيع الفسيل في إجابته، حيث كان واهماً وأمثاله طوابير من الراكبين على موجة الثورة. انقلبوا عليها وعلى رموزها واعتبروا العصبية القبيلة والجهوية وريثاً شرعياً لحكم الإمامة ويا ليتهم حكموا وأقاموا دولة وحققوا أهدافها وتطلعات المواطن. دمروا الوطن واضاعوا ماضيه وحاضره، ولم يكونوا سوى الجهل والعمى بنسخته الجمهورية!
كل السهام موجهة إلى مدينة الثورات، تعز، والتي لا ذنب لها سوى ثوريتها الدائمة ضد الكهنوت بكل أشكاله وانحيازها إلى صف الثورة الجمهورية. وكما صودر حق اليمنيين من الأنصار في الخلافة بعد موت الرسول في سقيفة بني ساعده، بعد أن انتصب الإسلام ووقفت دولته على سيوفهم ودماءهم، صودر حق أصحاب تعز ومدن كثيرة في الحكم تحديداً بعد خروج السلال وانفجار أحداث أغسطس اللعينة، على اعتبار أنهم رعية حد توصيف الفسيل وهذا ما ارادوا تطبيقه على كل المناطق الجنوبية بعد الوحدة الأمر الذي أثَّر على بنيان الوحدة وهز أركانها وأخرج الناس من بيوتهم رافضين.
الذي أكد عدم صحة عبارة الفسيل هو ما قاله الدكتور محمد عبدالملك المتوكل قبيل سقوط العاصمة صنعاء بيد الانقلاب القبلي الحوثي على الثورة والجمهورية، قال لهم ناصحاً ومدركاً ان الناس لم يعودوا رعية كما اعتقدتم ولازلتم، وان الحركات التحررية الدائمة مصدرها هناك حيث كان يقعد الامام أحمد على فواهة البركان! صدق الرجل الصخرة التي وقفت ضد مشروع الامامة الأولى كانت أيقونة الزخم الثوري تعز! وكانوا مع اختلافنا معه كحاكم أي الامام أحمد ذو بصيرة ثاقبة لولا السلالية والعنصرية التي استشرت في خلاياهم كالسرطان الخبيث، والتي لم يك أخبث منها سوى العصبية القبلية الجهوية والمناطقية التي أعاقت قيام الدولة ومهدت لظهور راس أفعى الإمامة من جديد.
أما الجائحة الأخيرة التي أصابت تعز الثورة والجمهورية هي جائحة علي صالح الحزبية التي عمم من خلالها على كل قواعد مؤتمره، أن اعملوا مع العصابات الحوثية كحوثيين، بعد خسارته وتسليمه للسلطة، كهدف تكتيكي منه للانتقام من خصومة واستعادة حكمه. ذلك لأن تعز وأهلها لم يمارسوا المذهبية ولم يعرفوا التشيع ولم يؤمنوا يوماً بالسلالية وبمبدأ الحق الإلهي في الحكم بل حاربوه بكل الطرق بما فيه الدعم المادي وحمل السلاح من قبل قيام ثورة 26 من سبتمبر وحملوا على عواتقهم البندقية الوطنية وبذلوها دماً وأرواحاً ومال حتى اللحظة.
غير أن الرياح هبت على عكس أماني صالح فكان أول ضحايا ذلك التعميم لأنه كان وحلفاؤه مدركين لنوايا بعضهم وكليهما كان مصوب بندقيته صوب رأس الأخر ينتظر انفجار الصاعق حتى انفجرت بينهم على النحو الذي رآه الجميع وانتهى صالح غير مأسوف عليه.
الإشكالية المستعصية أن النَفَس المناطقي الجهوي ومبدأ الإقصاء لا يزال قائما في كل اليمن حتى في أوساط الأحزاب السياسية والمكونات الاجتماعية وكثير من المثقفين، ولا زالت سحبه تمطر سواداً حتى اللحظة.
حتى في زمن المعركة المصيرية الأخيرة التي مفادها إما نكون أو لا نكون، ولازالت تحفر في عقول حتى الهاربين والعائشين بلا هوية سياسية واضحة ومبدأ وطني خالٍ من رواسب ومخلفات أنظمة الحكم التعيس.
إنها مرحلة العُسر وآلام المخاض، إذا لم يخرج اليمنيون منها بالدروس الكافية لتجاوز الماضي والوقوف على مشارف مستقبلٍ جديد يؤسس لنظام جمهوري فيدرالي تعددي يقوم على مبادئ العدل والمساواة والثورة والجمهورية، مالم فالمراحل لا زالت طوال كما قال الشاعر مخاطباً القافلة كمعادل موضوعي للشعب اليمني، "وعاد وجه الليل عابس".
بعد أن أفقت من صدمة الإجابة وهو يحكي القصص الفنتازيه حول ثوريته، وقلت له: لا وانت الصادق! لأن تعز كانت الخير كله والزرع كله والفواكه فيها أنواعها والحبوب أصنافها تملأ المدافن والغلال، ولأنها كما أفاد اللواء علي عبدالله السلال في أحد مقابلاته أنه عندما سُئِلَ الامام أحمد عن سر اتخاذه تعز عاصمة لدولته بخلاف المعهود، قال هنا رأس الأفعى بمعنى أن الخطر القادم على الإمامة مصدرة تعز كان الامام احمد منذ ولايته أميراً على تعز حتى أصبح إماماً، يرقب الحركة الثورية ونشاط أبناء تعز من رجال أعمال وعمال ومثقفين وكتاب يرتادها اليمنيون من كل اتجاه ويتوقع انفجارها الثوري في أي لحظة دون سابق إنذار.
عندما انقلب عبدالله الوزير على حكم ابيه بعد مقتله عام 1948م لم يُستَنفر معه أحد من تعز بعد أن حاول استنفارهم، اتجه إلى حجة عن طريق الحديدة حيث مخزونهم البشري المكدس على أسس مذهبية وجهوية ومن هناك جيّش القبائل ووزع العطايا واباح لهم شرعاً وفقاً لمذهبه الارهابي نهب كل ما يمكن نهبه من أهل صنعاء فيداً وغنيمة محارب، بالرغم أنه لم يك لسكان صنعاء يد في المكيدة ضد ابيه حد قوله والانقلاب. نهبوا كل شيء، وحتى أبواب المنازل لم تسلم من سطو جيشه القبلي الأعمى ونهبها.
سقط المذيع الفسيل في إجابته، حيث كان واهماً وأمثاله طوابير من الراكبين على موجة الثورة. انقلبوا عليها وعلى رموزها واعتبروا العصبية القبيلة والجهوية وريثاً شرعياً لحكم الإمامة ويا ليتهم حكموا وأقاموا دولة وحققوا أهدافها وتطلعات المواطن. دمروا الوطن واضاعوا ماضيه وحاضره، ولم يكونوا سوى الجهل والعمى بنسخته الجمهورية!
كل السهام موجهة إلى مدينة الثورات، تعز، والتي لا ذنب لها سوى ثوريتها الدائمة ضد الكهنوت بكل أشكاله وانحيازها إلى صف الثورة الجمهورية. وكما صودر حق اليمنيين من الأنصار في الخلافة بعد موت الرسول في سقيفة بني ساعده، بعد أن انتصب الإسلام ووقفت دولته على سيوفهم ودماءهم، صودر حق أصحاب تعز ومدن كثيرة في الحكم تحديداً بعد خروج السلال وانفجار أحداث أغسطس اللعينة، على اعتبار أنهم رعية حد توصيف الفسيل وهذا ما ارادوا تطبيقه على كل المناطق الجنوبية بعد الوحدة الأمر الذي أثَّر على بنيان الوحدة وهز أركانها وأخرج الناس من بيوتهم رافضين.
الذي أكد عدم صحة عبارة الفسيل هو ما قاله الدكتور محمد عبدالملك المتوكل قبيل سقوط العاصمة صنعاء بيد الانقلاب القبلي الحوثي على الثورة والجمهورية، قال لهم ناصحاً ومدركاً ان الناس لم يعودوا رعية كما اعتقدتم ولازلتم، وان الحركات التحررية الدائمة مصدرها هناك حيث كان يقعد الامام أحمد على فواهة البركان! صدق الرجل الصخرة التي وقفت ضد مشروع الامامة الأولى كانت أيقونة الزخم الثوري تعز! وكانوا مع اختلافنا معه كحاكم أي الامام أحمد ذو بصيرة ثاقبة لولا السلالية والعنصرية التي استشرت في خلاياهم كالسرطان الخبيث، والتي لم يك أخبث منها سوى العصبية القبلية الجهوية والمناطقية التي أعاقت قيام الدولة ومهدت لظهور راس أفعى الإمامة من جديد.
أما الجائحة الأخيرة التي أصابت تعز الثورة والجمهورية هي جائحة علي صالح الحزبية التي عمم من خلالها على كل قواعد مؤتمره، أن اعملوا مع العصابات الحوثية كحوثيين، بعد خسارته وتسليمه للسلطة، كهدف تكتيكي منه للانتقام من خصومة واستعادة حكمه. ذلك لأن تعز وأهلها لم يمارسوا المذهبية ولم يعرفوا التشيع ولم يؤمنوا يوماً بالسلالية وبمبدأ الحق الإلهي في الحكم بل حاربوه بكل الطرق بما فيه الدعم المادي وحمل السلاح من قبل قيام ثورة 26 من سبتمبر وحملوا على عواتقهم البندقية الوطنية وبذلوها دماً وأرواحاً ومال حتى اللحظة.
غير أن الرياح هبت على عكس أماني صالح فكان أول ضحايا ذلك التعميم لأنه كان وحلفاؤه مدركين لنوايا بعضهم وكليهما كان مصوب بندقيته صوب رأس الأخر ينتظر انفجار الصاعق حتى انفجرت بينهم على النحو الذي رآه الجميع وانتهى صالح غير مأسوف عليه.
الإشكالية المستعصية أن النَفَس المناطقي الجهوي ومبدأ الإقصاء لا يزال قائما في كل اليمن حتى في أوساط الأحزاب السياسية والمكونات الاجتماعية وكثير من المثقفين، ولا زالت سحبه تمطر سواداً حتى اللحظة.
حتى في زمن المعركة المصيرية الأخيرة التي مفادها إما نكون أو لا نكون، ولازالت تحفر في عقول حتى الهاربين والعائشين بلا هوية سياسية واضحة ومبدأ وطني خالٍ من رواسب ومخلفات أنظمة الحكم التعيس.
إنها مرحلة العُسر وآلام المخاض، إذا لم يخرج اليمنيون منها بالدروس الكافية لتجاوز الماضي والوقوف على مشارف مستقبلٍ جديد يؤسس لنظام جمهوري فيدرالي تعددي يقوم على مبادئ العدل والمساواة والثورة والجمهورية، مالم فالمراحل لا زالت طوال كما قال الشاعر مخاطباً القافلة كمعادل موضوعي للشعب اليمني، "وعاد وجه الليل عابس".
إضافة تعليق