قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن الحوثيين استفادوا من انقلاب موازين الصراع الحالية في اليمن لصالحهم ليؤسسوا دولة موازية بدعم من إيران.
وأضافت الصحيفة: بينما تدور شائعات عن وقف وشيك لإطلاق النار بين السعودية والحوثيين، يتم تسليط الضوء لأغراض دعائية على العمليات العسكرية الكبرى التي تعود إلى شهر أغسطس/آب ، والإعلان الأحادي الجانب عن إطلاق سراح السجناء. في وقت يضاعف الحوثيون جهودهم منذ نهاية شهر سبتمبر/أيلول لقلب موازين الصراع لصالحهم".
ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر، أطلق الحوثيون سراح حوالي 290 سجينا بموجب اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة لإلغاء التصعيد العسكري في البلاد.
وتابعت الصحيفة الفرنسية: يأتي هذا النشاط -بعد أن وجدت الجماعة المدعومة من إيران وكانت مهمشة في المعادلة الإقليمية- في قلب القضايا العالمية في 14 أيلول/ سبتمبر إثر الضربة التي استهدفت مواقع النفط السعودية.
وبعد خمس سنوات من مهاجمة الحوثيين للعاصمة اليمنية صنعاء، التي نتج عنها قيادة السعودية للعملية العسكرية في أوائل سنة 2015، تذهب الحرب نحو منعطف جديد. فالضربة التي تسببت في تعطل أسواق النفط، والتي اعترف بها الحوثيون، ستودي بالمنطقة إلى حافة هاوية، في الوقت الذي تعد فيه إيران وخصومها في خضم المواجهة بشأن القضية النووية.
ارتياح الحوثيين
وتابعت الصحيفة: تعد الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون موطن غالبية السكان في اليمن. بعد مرور حوالي خمس سنوات على وصولهم إلى صنعاء، قاوم الحوثيون هجمات التحالف بقيادة الرياض، ونددوا بانتظام بمقتل المدنيين وتدمير البنية التحتية، وعززوا أيضا سيطرتهم.
وأشارت إلى أن المعارك وإطالة أمدها، ساعدت في تعزيز اقتصاد الحرب والتهريب الذي من شأنه أن يعزّز مكانة قادة الحوثيين ويجعل السكان أكثر اعتمادا على سلطة الجماعة. كما تسببت حالة الصراع في تخلي الشعب عن مطالبه في مسائل الحكم. في هذا السياق، تمكن الحوثيون من التغلغل في المؤسسات القائمة أو إنشاء مؤسساتهم الخاصة، متمسكين بسلطة الأمر الواقع.
وقالت الصحيفة الفرنسية: في نفس الوقت لم تتوقف إيران عن توسيع نفوذها. وفي الواقع، إن تسليم أسلحة جديدة مثل الطائرات دون طيار أو الصواريخ الذي يسمح للحوثيين بتهديد الرياض القوية بأقل التكاليف، يسير جنبا إلى جنب مع الاستيراد التدريجي لأيديولوجيا الجمهورية الإيرانية إلى صفوف الحوثيين الذي ولد في قلب الإسلام الزيدي في شمال اليمن، لكنه بعيد كل البعد، في الأصل، عن الشيعة الإيرانية.
التحالف المنقسم وتفكك الدولة
لم يكن تطوير الأسلحة التي تحصل عليها الرياض بتكلفة كبيرة من مؤيديها الغربيين كافيا لهزيمة الحوثيين، ولم تؤد التفجيرات إلى تحقيق أي نصر كبير في شمال البلاد. وفي الجنوب، تشتّتت الجبهة المناهضة للحوثيين. ومن جهتها، لا تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة، الدولة الأخرى التي لها ثقل كبير في التحالف، أهداف الرياض الاستراتيجية في البلاد.
وتابعت ليموند: إثر إنشاء شبكة من النفوذ على امتداد ساحل اليمن، شاركت الإمارات في الانسحاب العسكري في إطار دعمها لحلفاء محليين لا يكترثون لوحدة البلاد. وفي شهر أغسطس/آب الماضي، فرض الانفصاليون المنظمون في الجنوب والذين وقع تزويدهم بالسلاح من قبل أبو ظبي، سيطرتهم على الميناء الجنوبي في عدن من أجل إحياء ذكرى استقلال جنوب اليمن من سنة 1962 إلى 1990، وخوض مواجهات عنيفة مع القوات التابعة للحكومة الرسمية التي تتلقى بدورها الدعم من طرف السعودية.
وقالت الصحيفة إن التطورات الواقعة رسمياً تحت سيطرة القوات الحكومية والتحالف أدت إلى مجموعة من الانقسامات، الناتجة عن فقدان هيبة الحكومة الشرعية وضعف تأييد المجتمع الدولي لشرعيتها.
بالإضافة إلى المواجهة بين الحوثيين وخصومهم والانقسامات الداخلية التي يشهدها التحالف، تستمر الصراعات المحلية في الاحتدام. ففي محافظة حضرموت الغنية بالموارد الطبيعية والمهمشة منذ فترة طويلة، تعتزم القوى المحلية اتباع المسار الخاص بها.
في شرق اليمن ينتهي الصراع إلى توتر أوسع بيت السعودية التي تستثمر عسكريا في المنطقة وسلطنة عمان التي تخرج عن حيادها تدريجيا، ما ينذر باندلاع مواجهات مستقبلية في هذه المنطقة المعزولة.
تعزيزات في صفوف المتطرفين
في ظل مشهد التقسيم، تأخذ الجماعات المتطرفة في الازدهار. وفي يونيو/ حزيران الماضي، شن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هجومًا مضادًا، علما بأنها المنظمة التي ارتكبت الهجوم على شارلي إبدو في سنة 2015. ويبدو أن الصراع بين القوات الموالية للحكومة والمدعومة من المملكة العربية السعودية والانفصاليين الجنوبيين المدعومين من الإمارات العربية المتحدة، قد خول للجهاديين السيطرة على بعض المناطق الجنوبية وتعزيز نفوذهم على حساب المناطق التي تم استعادتها من قبل تنظيم الدولة.
المصدر الرئيس