يشهد ملف الأزمة اليمنية تطوّرات سياسية وميدانية متسارعة تحمل إشارات لمخرج وشيك من الحرب تواتر ذكرها في الخطاب السياسي للأطراف المعنية بالأزمة دون تفصيل في طبيعة ذلك المخرج وطريقة الوصول إليه.
ونقلت وكالة رويترز، الأربعاء، عن مصدرين دبلوماسيين القول إنّ محادثات قد تبدأ بحلول الخريف القادم بشأن توسيع نطاق هدنة سارية تم التوصل إليها قبل نحو ثمانية أشهر برعاية الأمم المتحدة في مدينة الحديدة لتصبح وقفا عاما لإطلاق النار.
وأضاف المصدران أن هذا قد يمهد السبيل لإجراء مفاوضات بشأن إطار سياسي لإنهاء الحرب بين الحوثيين المدعومين من قبل إيران والقوات اليمنية التي يدعمها التحالف العربي بقيادة السعودية.
كذلك قال مصدر في المنطقة مطلع على التطورات اليمنية إنّ ثمة زخما حقيقيا لوقف الأعمال العسكرية بحلول ديسمبر القادم رغم أن “مليون شيء قد يفشل”.
وأبدى المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في وقت سابق تفاؤله بإمكانية إنهاء الحرب في اليمن قريبا بفعل إصرار فرقاء الصراع على إيجاد حلّ سياسي وقناعتهم باستحالة الحلّ العسكري.
وعلى الأرض تدعم بعض التحركات العسكرية فرضية قرب نهاية الحرب حيث تمّ، الأربعاء، الكشف عن انسحاب جزئي للقوات السودانية المشاركة ضمن التحالف العربي من بعض مناطق تمركزها غربي اليمن.
وقال المتحدث باسم القوات المشتركة في جبهة الساحل الغربي العقيد وضاح الدبيش، لوكالة لأناضول، إن القوات السودانية المشاركة في جبهة الساحل الغربي، انسحبت من ثلاث مناطق كانت تتواجد فيها.
وأوضح أن قوات تابعة للجيش اليمني حلّت محل القوات السودانية المنسحبة في إطار عملية إعادة تموضع القوات المشتركة في الساحل الغربي والمكونة من أكثر من 11 لواء عسكريا.
وجاء انسحاب القوات السودانية إثر إعلان دولة الإمارات الشريكة الرئيسية للسعودية في التحالف العربي باليمن عن تنفيذ عملية إعادة نشر لقوّاتها اعتبر غريفيث أنّها يمكن أن تشكّل “قوة دفع باتجاه السلام”، مؤكّدا أن تأثير عملية إعادة الانتشار الإماراتية “قد يكون ذا أهمية استراتيجية كبيرة”.
وكانت الإمارات قد أعلنت على لسان أحد مسؤوليها في معرض شرحه لدوافع عملية إعادة الانتشار عن “الانتقال من استراتيجية القوة العسكرية أولا إلى استراتيجية السلام أولا”.
كذلك كتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في مقال له بصحيفة واشنطن بوست الأميركية إنّه يتوجب على المتمردين الحوثيين أن ينظروا إلى خطوة إعادة نشر القوات الإماراتية على أنّها “إجراء لبناء الثقة من أجل خلق زخم جديد لإنهاء الصراع”، مضيفا في مقاله “لم يكن هناك نصر سهل ولن يكون هناك سلام سهل”، ومؤكّدا “الوقت الآن هو لمضاعفة التركيز على العملية السياسية”.
ويضع المبعوث الأممي مارتن غريفيث ضمن أسباب تفاؤله بسلام وشيك في اليمن، توسّع رقعة التوافق الدبلوماسي الإقليمي والدولي على الحلّ السياسي في اليمن.
وتقول مصادر يمنية إنّ غريفيث نجح خلال آخر جولة قام بها في إطار جهود السلام التي يقودها بإقناع روسيا بالانخراط أكثر في عملية البحث عن حلول، وذلك بعد أن ظلّت موسكو طوال السنوات الأربع الأخيرة حذرة في تعاطيها مع الملف اليمني محاولة التزام الحياد حفاظا على مصالحها مع مختلف الدول ذات الصّلة بالملف.
وكان غريفيث قد زار موسكو الشهر الجاري ضمن الجولة التي قادته أيضا إلى كلّ من الرياض وأبوظبي ومسقط وصنعاء، قبل عرضه أمام مجلس الأمن في نيويورك لإفادته بشأن الأوضاع اليمنية.
واستقبلت موسكو، الأربعاء، وفدا من جماعة الحوثي الذي أجرى مباحثات حول مستجدات الأزمة اليمنية، مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف.
وبحسب وكالة “سبأ” التابعة للجماعة فقد استقبل بوغدانوف رئيس الوفد الحوثي المفاوض محمد عبدالسلام والوفد المرافق له. و”جرت خلال اللقاء مناقشة المسار السياسي واتفاق السويد والخطوات التي تم تنفيذها والتقدم فيها”.
وحسب ذات المصدر تطرق اللقاء إلى “أهمية الدور الروسي على المستوى الإقليمي، وانعكاسه على الوضع اليمني في تهدئة التصعيد ومنع المزيد من التوتر، لكون اليمن يمثل النقطة الأساسية نحو التهدئة الإقليمية”.
وفي ديسمبر الماضي توصلت الحكومة اليمنية والحوثيون إثر مشاورات بالعاصمة السويدية ستوكهولم إلى اتفاق يتعلق بحل الوضع في محافظة الحديدة الساحلية إضافة إلى تبادل الأسرى والمعتقلين لدى الجانبين. غير أنّ تطبيق الاتفاق واجه منذ ذلك الحين عراقيل بسبب تباين تفسيرات طرفيه لعدد من بنوده.
ويقول غريفيث إنّ اتفاق السويد أساسي في جهود السلام التي يقودها، وإنّه يطمح من خلال إرساء سلام جزئي في الحديدة إلى إطلاق عملية سلام أشمل في البلد.