يعتبر جسر مذبح في الجهة الغربية بالعاصمة صنعاء، أحد أبرز الشواهد على توقف مشروعات التنمية في اليمن منذ بدء الحرب التي تسبب بها انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة عام 2014.
وقد تحول الجسر من مشروع تنموي ضمن خطة الجسور والأنفاق الرامية للتخفيف من الاختناقات المرورية وكانت أحد أهم المشاكل التي برز على إثرها أصوات تنادي بنقل العاصمة إلى محافظة يمنية أخرى، إلى كابوس.
بدأ الترويج للعمل فيه عامي 2006_2007 ضمن 4 جسور أخرى للتخفيف من الاختناقات المرورية، ومطلع العام 2014، تم الشروع بحفر نفق تحته بطول يبلغ 600 متر، وعرضه 16 مترا، وتكلفة تصل الى مليار ومائتين ألف ريال، وفترة تنفيذه 9 أشهر حسب الاتفاق، وتمويل حكومي.
كابوس
يقول رمزي أحمد خالد لـ"بلقيس " كنا ننظر إلى جسر مذبح الذي بدأ الترويج له منذ العام 2006 وتم الإنتهاء منه عام 2009 كمنجز عملاق، ومطلع عام 2014 تفاجئنا باستحداث حفريات نفق تحته وكان العمل يسير بشكل متسارع، وبعد سقوط صنعاء بيد مليشيا الحوثي بأشهر توقف العمل وأصبح منغص بعد أن كان منجز تنموي.
أما عبدالباري مدهش فيقف على الأضرار التي تسبب بها حفر النفق ومن ثم توقف العمل نهائياً منذ حوالي 4 سنوات، ويقول مدهش لـ "بلقيس" كان على جانب الجسر توجد عشرات المحلات التجارية يعيش من عوائدها عشرات هذا إذا لم يكن مئات الأسر، ناهيك على الإيجارات واستيعاب أيادي عاملة وتشكيل المكان حلقة وصل بين مناطق عدة.
وبغضب حاد يضيف كان عمي تاجر لمحصول "الثومة" في ذات المكان ويعمل لديه 8 عمال تزوجوا وفتحوا بيوت من العمل مع عمي الذي كان يعيل 3 أسر ولا يرد محتاج وحالياً مديون بأكثر من 15 مليون ريال إيجارات فقد ظل يراوده الأمل أن مشروع النفق سينتهي سريعا ويتحمل الإيجارات ومع طول المدة وعجزه عن سدادها رفع مالك المحلات عليه دعوى قضائية.
وهذا حال كثير ممن كانوا يمارسون أنشطة تجارية على جانب الجسر حد تأكيد مدهش.
أضرار ومخاطر
ولم يقف الضرر عند توقف وخسار التجارة بل تعداه إلى كابوس أخر وهو الأخطر.
في حديث لموقع "بلقيس " ذكر أحد المهندسين - طلب التحفظ عن اسمه - بأنه بسبب حفريات النفق المستحدث تحت هذا الجسر، وتوقف العمل لإكمال النفق منذ حوالي 4 سنوات، بدأ الضرر يصيب قواعد ورافعات الجسر أكثر بفعل تدفق مياه الأمطار وعبور مقطورات نقل البضائع والمشتقات النفطية وغيرها محملة بعشرات الأطنان من فوق الجسر وبشكل أكبر نتيجة اغلاق الممرات الجانبية للجسر بدواعي حفر نفق.
وأضاف كان استحداث النفق خطأ كبير يقلص العمر الافتراضي للجسر، ثم زاد الطين بلة توقف إتمامه، مما قد يؤدي إلى سقوط الجسر.
وختم حديثه بالقول إلى ما قبل سقوط العاصمة صنعاء بيد الحوثيين كانت توجد نهضة في مشاريع التنمية وإن كان يشوبها عيوب ومشاكل فنية وهندسية كثيرة إلا أن الجميع كان يلمسها، وكنتيجة للتدمير الممنهج للعاصمة من قبل الحوثيين تحولت مشاريع التنمية إلى كوابيس.
قواعد تغمرها السيول
وبنبرة حادة تسأل المهندس هاشم المحيا، ألم يفكر أحد بالنظر إلى عمق الحفريات حول الجسر والتي تتسع أكثر فأكثر جراء تدفق مياه الأمطار؟
ويشير المحيا في تصريح لـ "بلقيس" إلى أن قواعد رافعات الجسر باتت مكشوفة والأرض التي تقوم عليها مهما كانت صلبة تتعرض للنحت والتفتت بسبب تجمع مياه السيول والأمطار لأوقات طويلة.
ويضيف: قاعدة رافعة جسر مكشوفة لا يحفظ توازنها شيء وتغمرها من كل الاتجاهات مياه سيول ويمر من فوقها ضغط يومي قد يصل إلى مليون طن في أقل تقدير، ما الذي نتوقعه في هكذا حالة، ويجيب ما نتوقعه هو خطر ينمو أكثر فأكثر، وسقوط مؤكد للجسر إذا لم يتم تدارك الأمر سريعاً.
مهندس أخر طلب التحفظ على اسمه، أكد لـ "بلقيس" بأنه قرر قبل شهرين العبور من فوق الجسر سيراً على الأقدام، ولاحظ وجود مسافات تتراوح بين"2_4"سم تفصل بين بعض الخرسانات السطحية وخرسانات آخرى ارتفعت عن المقابلة لها ايضا حدوث مسافات فراغ بين خرسانات الجوانب.
وختم تصريحه بالقول: جسر مذبح مهدد بالسقوط، فمن يسمع ويدرك خطورة سقوطه.