القـصـة الكاملة لاختطاف القاضي عبده الزبيدي في صنعاء وسجنه وتعذيبه
رأي اليمن ـ عدن الغد

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن مجموعة الحوثيين المسلحة في اليمن قامت بالعديد من عمليات الخطف واحتجاز الرهائن كما ارتكبت العديد من الانتهاكات الخطيرة بحق الأشخاص في عهدتها، وقد وصف محتجزون سابقون قيام عناصر حوثية بضربهم بقضبان حديدية وخشبية وبالبنادق.. لقد وثّقت المنظمة الدولية 16 حالة أحتجز فيها الحوثيون أشخاصاً بطريقة غير قانونية منذ 2014م، عندما أحتل الحوثيون العاصمة صنعاء ، ضربهم المسؤولون الحوثيون بقضبان حديد وخشب وبالبنادق، وقالوا إن الحراس جلدوا المساجين وكبّلوهم بالجدران وضربوهم بالخيزران على أقدامهم كما هددوا باغتصابهم أو اغتصاب أفراد من أُسرهم، وأعتبر العديد منهم أن تعليقهم على الجدران وأيديهم مكبّلة خلف ظهورهم كان من أكثر تقنيات التعذيب إيلاما في العديد من الحالات، كان المسؤولون الحوثيون يعذبونهم لانتزاع المعلومات أو الاعترافات ، وقد جرى تعذيب واحتجاز رهائن على يد الحوثيين في أوائل عام 2016م ، وكان من ضمنهم القاضي عبده الزبيدي في صنعاء .

 

    بدايات احتجاز القاضي عبده الزبيدي:

 

 

     في أوائل 2016م ، حاصر رجال ملثمون ويرتدون ملابس مدنية القاضي في المحكمة العسكرية عبده الزبيدي، وهو في أواخر الخمسينات من عمره ، عند مغادرته مكتبه مع ابنه (17 عاما) الذي جاء ليقلّه بسيارته، أخذ الرجال هاتف الزبيدي ووضعوه وابنه في سيارة، قاد أحد الرجال سيارة القاضي، وقال الزبيدي:"رأيت السيارة تعبر الحواجز الإسمنتية لجهاز الأمن السياسي"..

   فصل الرجال الزبيدي عن ابنه، قال له أحد الحراس لاحقا إن ابنه (خرج) أعتقد الزبيدي أنهم أفرجوا عنه، لكنه علم لاحقاً أن مسؤولي الأمن السياسي إحتجزوه وعذّبوه  !!. .أمر المحققون الزبيدي بالاعتراف بأنه قائد المقاومة ضد الحوثيين في صنعاء وأنه يخطط لانقلاب، فرفض، وقال إنه كان معصوب العينين ومكبّل اليدين، وإنهم سحلوه على الدرج ووضعوه في غرفة صغيرة ومظلمة، وقال له أحد الحراس إنه يستطيع أن يذهب إلى الحمام مرة واحدة في اليوم وأعطاه قنينة فارغة لاستعمالها في هذه الأثناء.. قال القاضي الزبيدي : "كنت مصدوماً ، فأنا قاضٍ ... أنا أنفذ القانون ... وأرسل المذنبين إلى السجن..هذا ليس حتى سجناً ، إنه قبر.

  وتم إستجواب الزبيدي مجدداً في اليوم الثاني .. قال للمحققين إن ليس لديه ما يعترف به وإن لم يصدقوه يمكنهم التأكد من هاتفه وممتلكاته: ، وأضاف : أعتقد أن جوابي لم يعجبهم ، كنت مكبلاً .. جلدوني بسلك سميك على قدميّ ويديّ وظهري.. رموني أرضاً ثم رموني على طاولة ثم جاؤوا بوسادة صلبة ووضعوها بين يدي حيث الأصفاد وبدأوا بسحبها، ثم ضربوني بسلك على أصابعي.. جلدوني نحو 50 مرة حتى لم أعد أحس بيديّ، لا أزال أعاني من ذلك حتى اليوم، كل هذا.. كان يمكن تحمّله، ولكن بعد ذلك خلعوا الأصفاد وأعادوا تكبيل يديّ خلف ظهري، وعلّقوا الأصفاد على إحدى النوافذ على ما أعتقد – مكان عالٍ – وصاروا يشدّون يديّ المكبلتين من الخلف بعيدا عن ظهري وإلى الأعلى .. كان هذا أسوأ ما عشته في حياتي ..

 

 اعتقد الزبيدي بأنّ يديه وذراعيه وكتفيه ستُقطع ، فقال لهم إنه مستعد لكتابة والتوقيع على ما يريدون، وأضاف لم يدم الأمر إلّا بضع دقائق "لكنها كانت أصعب دقائق حياتي"، فبدأ بتأليف القصص كيف يعمل مع الرئيس اليمني وكبار المسؤولين أنه كان يقول للتحالف بقيادة السعودية الداعم للحكومة أين يضرب، : "عندما علقوني، أحسست بأنني أموت فقلت لهم ما أرادوا"، حققوا معه على مدى أسبوع لكنهم لم يعذبوه بعد ذلك ..

 

   في وقت من الأوقات ، أعطاهم الزبيدي اسم شخص كان قد قرأ عنه وكان يعتقد أنه موجود في السعودية، بعد 10 أيام، اقتاد الحراس الزبيدي إلى غرفة التحقيق وكان هذا الرجل حاضراً معصوب العينين، أمر الحراس الزبيدي بالتكلم عن دور الرجل في الجهود المعادية للحوثيين، عندما رفض هددوه بالقتل، وبعد بضعة أيام أنكر الزبيدي"اعترافاته" مجدداً، علقوه على نافذة حديدية لبضع ساعات ويديه مكبلتان أمامه.. قال إن هذه الوضعية كانت أقل إيلاما بقليل ..

 

      إفراج ولا إفراج ثم إفراج

 

    بعد بضعة أسابيع، أمرت المحكمة الجزائية المتخصصة بإطلاق سراح الزبيدي لعدم وجود دليل ضده.. لكن مسؤولي المخابرات أبقوا عليه محتجزاً، وبعد أسبوع تقريباً أخذوه إلى النيابة العامة وعرضوا فيديو يظهر فيه وهو يعترف، فقال إن هذا الاعتراف كانت نتيجة التعذيب، أمرت المحكمة مجددا بالإفراج عنه، ورفض مسؤولو المخابرات مجددا.

 

   في يونيو2017م، أُخرج الزبيدي من زنزانته للقاء اللواء عبد القادر الشامي، الذي كان في حينها وكيل جهاز الأمن السياسي وأصبح اليوم رئيس الجهاز، وكان أقارب الزبيدي قد قطعوا الطرقات احتجاجاً على احتجازه ومنعوا شاحنات تجارية من الذهاب إلى صنعاء، أرادهم المسؤولون أن يتوقفوا، بعد أيام قليلة، أوصى المدعي العام مجدداً بالإفراج عن الزبيدي وصادق أحد القضاة على الأمر، أُفرج عن الزبيدي "بعد 450 يوماً من الاحتجاز، قال : ذهبت إلى المنزل تناولت الطعام ثم فررت من المدينة مباشرة"...

 

    هذا هو جزء من تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش" الدولية الصادر في تاريخ 25 سبتمبر 2018م حول تعرض محتجزين للخطف والتعذيب في اليمن تحت عنوان (اليمن: الحوثيون يحتجزون رهائن)

 

    من هو القاضي عبده عبدالله الزبيدي؟

 

ـ  القاضي عبده عبدالله حسن محمد الزبيدي من مواليد 1962م إب السبره زبيد، ثم أنتقل والده إلى منطقة زبيد الضالع للاستقرار فيها في عام 1970م حيث نشأ وترعرع فيها، ومن ثم التحق للدراسة في مدرسة النجمة الحمراء بحوطة لحج وأكمل دراسته فيها الابتدائية والثانوية.

 

-  في العام 1982م ألتحق في الكلية العسكرية بعدن الدفعة 11وتخرج في العام 1984م برتبة ملازم ثاني تخصص مدفعية، وتم توزيعه على اللواء 25 ميكا خرز حتى العام 1987م، ثم ألتحق بالدفعة 11 كلية الحقوق جامعة عدن وتخرج في العام 1992م بدرجة جيد، ثم التحق في الدائرة القانونية بوزارة الدفاع وعين مديرا لإدارة التوثيق بالدائرة القانونية في أواخر 1992م، وظل حتى حرب 1994م الظالمة على الجنوب حيث نزل إلى عدن وضم إلى القضاء العسكري .

 

ـ بعد الحرب عاد مضطراً للعمل إلى صنعاء وتم دمجه في القضاء العسكري في بداية 1995م وظل يعمل فيها حتى تم تعيينه عضو نيابة عسكرية في 23 يوليو1997م ومن ثم تعيينه وكيل نيابة عسكرية بقرار جمهوري جماعي لوكلاء النيابات العسكرية وقضاة للمحاكم العسكرية.

 

-  مارس عمله في النيابة العسكرية لمدة عام حتى 1998م ثم تم ندبه للعمل وكيل نيابة قعطبة في محافظة الضالع ثم وكيلا لنيابة قعطبة ودمت ثم وكيلا لنيابة الشعيب حتى العام 2011م ثم أعيد للعمل في القضاء العسكري في نيابة المنطقة العسكرية الوسطى في صنعاء ، وظل يعمل فيها حتى عام 2004م، ثم نقل للعمل كوكيل لنيابة المنطقة العسكرية الشمالية الغربية في صنعاء حتى تم اختطافه في 27 مارس من العام 2016م من قبل الحوثيين.

 

     بدايات التعسف

 

     يقول القاضي عبده عبدالله الزبيدي أنه بينما كان يمارس عمله القضائي في مقر قيادة المنطقة العسكرية الشمالية الغربية ( المنطقة السادسة) في شارع الرباط المتفرع من هائل في يوم الأحد الموافق 27 مارس 2016م وفي تمام الساعة الحادية عشر قبل صلاة الظهر ، وبعد خروجه من مقر عمله كان إبنه علي عبده الزبيدي البالغ من العمر 17عاما في السيارة نوع البرادو المصروفة له من النيابة العامة في إنتظاره ، فوجئ بمجموعة من المسلحين الملثمين يوجهون سلاحهم نوع كلاشنكوف نحوه يقولوا له الأفندم زكريا الشامي يريدك وهو شخصية معروفة في صنعاء حيث يشغل رئيس هيئة الأركان العامة والمعين من قبل الحوثة في صنعاء، وبعدها شاهدت سيارتين مدرعة خلف سيارته حيث قاموا مباشرة بأخذ هواتفهم من ولده وسحب مسدسه الشخصي نوع ميكاروف، وكذلك نزع مفتاح سيارته الذي قام بسواقتها أحد المسلحين ، وبعد ذلك تم اقتياده في سيارة بينما ابنه في سيارة أخرى مع المسلحين، وقبل تحرك السيارة قام أحدهم بربط عينيه برباط أسود بينما قام الآخر بتقييد أيديه بكلبشة، وتم عزله نهائياً عن ابنه إلى حوش مبنى الأمن السياسي في حدة ، ومن ثم أنزلوه إلى بدروم أرضي حيث تم نزع الرباط عن عينيه وفتح الكلبشات من يديه وإدخاله زنزانة مساحتها متر ونصف في مترين مظلمة ومحكمة الاغلاق بابها حديد لاتهوية لها، لا تعرف في تلك اللحظات الوقت ليلاً أو صباحاً ولها باب حديدي يغلق من الخارج له اثنين مغالق وتوجد في وسطه فتحه صغيره مغلقة من الخارج تفتح أثناء وجبة الطعام، وعند إدخاله الزنزانة رمى عليه السجان وهو من مليشيات الحوثة قارورة مياه نوع شملان فاضية للتبول فيها حيث أبلغه بأنه مسموح له مرة واحدة فقط للذهاب إلى الحمام خلال 24 ساعة فقط !!.. وعند حلول المساء جاء إليه السجان وقام برباط عينيه وكلبشة أيديه، وذهب به إلى غرفة مجاورة بداخل البدروم الأرضي تحت مبنى الأمن السياسي في حدة حيث أجلسوه على كرسي وبدأ المحققون استجوابه وكان عددهم أربعة محققين، عرف ذلك من اختلاف أصواتهم إليه، فسألهم عن سبب خطفه والمجيء به إلى هذا المكان، رد عليه أحدهم بأنه مراقب منذ بداية العدوان السعودي والتحالف العربي عليهم حيث طلبوا منه الاعتراف بتهمة التواصل مع الشرعية ودول التحالف مع دول العدوان وذلك بتزويدهم بمعلومات استخباراتية عنهم، وإنه قائد لمقاومة صنعاء حسب قولهم ، فأجاب عليهم بالنفي والإدعاء عليه باطل وليس صحيحا ، وكما سألهم عن ابنه ردوا عليه بأنهم أفرجوا عليه، وبعد ذلك قاموا باستخدام عدة طرق للتعذيب له، يقول القاضي بأنهم قاموا بتحويل يديه إلى الخلف وكلبشوه بسلسلة حديدية ، كما قاموا بسحبه من رجليه وباعدوا بينهما بشدة حيث شعر بألم شديد لم تقو بعدها رجلاه على حمل جسده ، وكذلك قيامهم بشد يديه حتى إنه شعر بأنها قد انفصلت عن جسده ، وبعدها قاموا بشد يديه بسلسلة حديدية وسحبوه إلى الأعلى حتى شعر بهلاكه وطلب منهم بعد استخدام عدة أساليب للتعذيب التوقف عن ذلك لأنه سيعترف فأرخوا السلسلة الحديدية عنه، فعاد للإنكار مرة أخرى فقاموا بعد ذلك بتعذيبه مرة أخرى بضربه خمسين ضربة بكيبل كهربائي على جسده حتى أغمي عليه وبعدها تم رشه بمياه باردة حتى استفاق وبعد خمس ساعات من التعذيب المتواصل طلبوا منه بأن يبصم على أوراق دون قراءتها، بعد أن تم رفع الرباط عن عينه وأمسكوا إبهامه وبصّموه بالقوة على مجموعة من الأوراق ، وأستمر بعدها التحقيق على هذا المنوال لمدة شهر ، وبعد ذلك طلبوا منه شفرة خزانته الحديدية أي أرقامها السرية التي نهبوها بعد خطفه ونقلها إلى مبنى الأمن السياسي، حيث قاموا باقتحام منزله وانتهكوا حرمة منزله الكائن في حي مذبح في مديرية معين بصنعاء ، وروعوا أسرته من نساء وأطفال وعبثوا بمحتوياته واستولوا على وثائق خاصة به وبعمله ومصادرة مقتنياته من الأسلحة والذخائر وهي بندقيتين آلي عطفة وألف طلقة رصاص وهي جعبتين وعشرة مخازن كانت للمرافقين أولاده وأربعة قيود كلبشات جديدة مسجلة عهده عليه من مصلحة السجون وسلاحه الشخصي مسدس نوع ميكاروف روسي وخط ناري 16طلقة رصاص وأثنين مخازن تابع للمسدس، وأثناء اختطافه تم نهب ساعة نوع رادو وكالة بقيمة ألف دولار أمريكي واثنين تلفونات سامسونج جالكسي نوت 3 خاصة به وابنه وسيارته البرادو الحكومي المسلمة عهدة إليه، وملفات شخصية وقضائية لم تعاد إليه بعد الإفراج عنه حتى الآن ..

 

 

 

   تفاصيل ما بعد الاختطاف

 

 ـ  بعد شهر من الاختطاف والسجن في زنزانة انفرادية تحت الأرض في بدروم مبنى الأمن السياسي في صنعاء ، تم إحالة القاضي الزبيدي إلى النيابة الجزائية المتخصصة برئاسة القاضي خالد الماوري في تاريخ 2 مايو 2015م وذلك بحضور نائب رئيس نادي قضاة اليمن القاضي جمال الفهيدي الذي تفاجأ بتواجده بعد إزالة الرباط من عينيه وفتح الكلبشات من يديه، حيث سأله كيف عرف بأنه مختطف والذي رد عليه بأن ابنه جلال أبلغه بواقعة الخطف وأن نادي القضاة قد أجتمع وأصدر بيان إدانة لعملية اختطافه، بعدها بدأ التحقيق معه من قبل رئيس النيابة الجزائية المتخصصة القاضي خالد الماوري، وسأله هل يبدأ معه التحقيق أو يوكل معه محامي لحضور جلسة التحقيق وفقا للقانون فطلب منه التأجيل حتى يحضر المحامي محمد عبدالرقيب السقاف الذي وافق على حضور جلسة التحقيق في اليوم الثاني، وطلب منه رفع الظلم عنه بنقله من زنزانة الأمن السياسي المظلمة إلى السجن المركزي ولكن للأسف القاضي خالد الماوري يرفض قبول طلبه.

 

ـ في تاريخ 3 مايو 2015م أُحضر القاضي الزبيدي لجلسة التحقيق مرة أخرى أمام رئيس النيابة الجزائية خالد الماوري والعضو المحقق راجح زايد بحضور محاميه الأستاذ محمد عبد الرقيب السقاف والمحامي إبراهيم الحاشدي والمحامي وضاح الفقيه وحضور القاضي جمال الفهيدي نائب رئيس قضاة اليمن وآخرين ، وقد بدأ التحقيق معه بسرد التهمة له وهي تشكيل مجاميع مسلحة تحت مسمى المقاومة الوطنية الشمالية في صنعاء لإعانة العدوان السعودي وحلفائه في عدوانهم على اليمن، وقد أنكر القاضي عبده الزبيدي الاتهام وإن ماجاء من اعترافات له في محاضر الأمن السياسي لا أساس لها من الصحة فهي تمت تحت التعذيب والإخفاء القسري والخطف له من قبل جهاز الأمن السياسي، وطلب إحالته للطببب الشرعي للكشف عليه والتأكد من صحة أقواله وعرض عليهم آثار التعذيب في جميع أنحاء جسمه، حيث حررت النيابة مذكرة لعرضه على الطبيب الشرعي وموافاتها بتقرير مفصل، لكن شعبة الطب الشرعي ردت على رئيس النيابة الجزائية بعدم السماح لها من قبل الأمن السياسي بالكشف عنه، وكما تقدم القاضي عبده الزبيدي بطلب للنيابة بعمل محضر بالكشف الظاهري عن الإصابات وآثار التعذيب في جسمه في سجن الأمن السياسي وقد تم قبول طلبه بحيث تم الكشف الظاهري بالمعاينة من قبل النيابة وثبت بذلك بالمحضر، وكما تقدم بطلب نقله من زنزانة السجن الأمن السياسي حيث وافقت هذه المرة النيابة بنقله إلى السجن المركزي لكن إدارة الأمن السياسي رفضت تنفيذ أمر النيابة العامة، ووعده بعد ذلك القاضي خالد الماوري بمتابعة نقله لكن لم يف بوعده، وظل محبوساً تحت الأرض في زنزانة الأمن السياسي المظلمة خمسة أشهر لايعلم وقت النهار من الليل، لامجيب لأنينه واستغاثاته حيث منع الزيارة عنه والتواصل مع العالم الخارجي.

 

ـ وفي شهر سبتمبر 2016م تم اقتياده أمام رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء القاضي عبده راجح وكان معصوب العينين برباط أسود ويديه مكلبشة بالحديد كأحد المجرمين الخطرين حيث خجل رئيس النيابة القاضي خالد الماوري من المنظر المخالف للقانون وصاح في الحراسة بنزع رباط العينين وفتح الكلبشات أمام المحكمة وكان ذلك بحضور محاميه الأستاذ محمد عبدالرقيب السقاف، بعدها تم قراءة اتهام النيابة برقم 72 لعام 2016م ج ج نيابة استئناف الجزائية المتخصصة والمقيدة برقم 52 لعام 2016م ج ج لدى الجزائية المتخصصة ضده وضد متهم آخر يدعى عبدالمجيد عبدالحميد محمد علوس من صنعاء وهو عقيد في القوات المسلحة بتهمة تشكيل مجاميع مسلحة تحت مسمى المقاومة الوطنية الشمالية في صنعاء لإعانة العدوان السعودي وحلفائه في عدوانهم على اليمن، وقد أنكر القاضي الزبيدي التهمة الموجهة إليه كونها كيدية لا أساس لها من الصحة، وشرح للمحكمة حول تعرضه للتعذيب المبرح من قبل الأمن السياسي .. وقد تقدم محاميه وممثل قضاة اليمن القاضي سليمان الصلوي بطلب تبرئته لعدم وجود الجريمة والإفراج عنه ، ولكن المحكمة لم توافق على طلبهم حيث عقدت المحكمة عدة جلسات حتى يناير 2017م وقت حجز القضية للحكم في تاريخ 12مارس2017م، وفي الموعد

 

   الخروج إلى الحرية

 

   في تاريخ 24 يونيو 2017م تم خروج القاضي عبده الزبيدي إلى الحرية من سجن الأمن السياسي، بعد تدخل شخصيات اجتماعية وعسكرية من الضالع وخاصة من قبل الشيخ غالب مطلق الجحافي المعين وزيرا للأشغال والإنشاءات في صنعاء من قبل الحوثيين وقيام مظاهرات وقطع للطرقات في الضالع تضامناً معه، حيث جرت مفاوضات مع الحوثة للإفراج عنه بواسطة ممثلهم وكيل جهاز الأمن السياسي عبدالقادر الشامي مقابل الإفراج عن أسرى حوثيين لدى المقاومة الجنوبية في الضالع لم يعرف تفاصيلها، سوى أبلاغه من قبل الشامي بوجود قرار بالإفراج عنه بالعفو العام الذي أصدره المجلس السياسي للحوثيين برقم 15لسنة 2016م وطلب منه كتابة تعهد بعدم تكرار ماحصل منه، لكن القاضي عبده الزبيدي رفض كتابة التعهد كونه إقرار بالفعل، وقال له لم يحصل منه ذلك، ولكن بعد جدل أتفق على كتابة تعهد بعدم العمل في المستقبل بالتعاون مع الشرعية والتحالف العربي.. وإذا ثبت عليه بالدليل القاطع يتحمل المسؤولية الجنائية على ذلك، وكان ذلك مخرجاً له للخروج من زنزانة الأمن السياسي .. وبعد ضغط وتدخل من الشخصيات الاجتماعية والعسكرية من الضالع تم الإفراج عنه في أواخر شهرمضان 1438م هـ في تاريخ 24 يونيو 2017م ، وفي ثاني أيام عيد الفطر غادر العاصمة صنعاء قبل صدور الحكم عليه من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة إلى مدينة الضالع ..

 

     بعد الإفراج

 

    بعد الإفراج عن القاضي عبده الزبيدي بموجب قرار العفو، وجه وكيل الأمن السياسي في صنعاء عبدالقادر الشامي مذكرتين لرئيس النيابة الجزائية المتخصصة القاضي خالد الماوري، ورئيس المحكمة الجزائية المتخصصة القاضي عبده راجح، وقد عقدت جلسة النطق بالحكم بدون حضور القاضي عبده الزبيدي المتهم الأول، حيث قررت المحكمة في جلستها المنعقدة بتاريج 10يوليو2017م إنهاء إجراءات الدعوى الجزائية ضده لانتهائها بالعفو العام، ومعاقبة المتهم الثاني عبدالمجيد عبدالحميد محمد علوس بالإعدام تعزيرا بتهمتي التخابر مع دولة أجنبية وإعانة العدوان .

 

   أسباب خطف القاضي الزبيدي:

 

   يقول القاضي عبده الزبيدي إن أسباب اختطافه وإخفائه وتعذيبه كونه لم ينفذ طلبات مشرف الحوثيين على القضاء العسكري ويدعى حسين الخطيب الذي طلب منه الإفراج عن المحكوم عليهما علي الفقيه ونجيب الحداد بالقصاص من جميع درجات المحاكم والمصادق عليه من رئيس الجمهوريه لقتلهما ولد العميد صادق سرحان وابن كريمته، وكذلك بسبب تدخل مشرف الحوثة المذكور بعمل القضاء العسكري ومحاولة فرض آرائه بالقوة، وطلب منه الإفراج عن متهمين مضبوطين ببيع مخدرات من محافظة صعدة ، وقد رفض القاضي عبده الزبيدي الذي كان يعمل كقائم بأعمال رئيس النيابة العسكرية الشمالية الغربية ( كوكيل لنيابة المنطقة العسكرية الشمالية الغربية في صنعاء) كل تلك الإملاءات والأوامر إلصادرة من مشرف الحوثيين، منها أيضاً فتح ملفات لضباط سابقين يقيمون خارج الوطن، في وقائع رآها القاضي الزبيدي أنها لا تشكل جريمة، مما سبب لهم المتاعب معهم، وعندما تيقن الحوثيون من عدم رضوخه لمطالبهم الخارجة عن القانون، قاموا بخطفه وإخفائه قسرياً وتعذيبه وتوجيه له تهم كيدية كاذبة تمثلت بقيامه بتـشكيل المقاومة الوطنية الشمالية والـتـعـاون مـع العدوان السـعودي على اليمن تصل عقوبتهما إلى الإعدام ..

 

      الوصول إلى عدن

 

   بعد وصول القاضي عبده الزبيدي مدينة الضالع وهي محل سكن عائلته ووالده، مكث فيها يسترد أنفاسه وبعد أسبوعين من وصوله عرض نفسه على أخصائي في مستشفى النصر العام وهو مستشفى حكومي وحصل على تقرير طبي في تاريخ 10يوليو 2017م يبين حالته الصحية والتي تضمن معاناته بوجود آلام في الصدر والعمود الفقري والقصبة الهوائية والمسالك البولية وآلام في العين اليسرى والأذن اليسرى وإنه بحاجة إلى العلاج المستمر وينصح بتسفيره للعلاج في الخارج لعدم توفر الإمكانيات اللازمة في اليمن، ونظراً لظروفه المادية وتدهور حالته الصحية حيث قرر القاضي الزبيدي الرحال في أواخر يوليو 2017م إلى مكتب النائب العام في العاصمة المؤقتة عدن بعد شهرين من خروجه السجن حيث هنأه النائب العام الدكتور علي الأعوش على خروجه من السجن، وقال له: الحمدلله على السلامة، وعرض عليه التقرير الطبي وشرح له حالته الصحية وبين له آثار التعذيب وخاصة في العمود الفقري حيث وجه له بصرف مساعدة مادية قدرها مئتا ألف ريال يمني مصاريف سفر وإقامة في عدن، وبعد أسبوع صرف له مساعدة علاجية مبلغ ثمانمائة ألف ريال قام بتحويلها لعملة الدولار 2000 دولار لغرض السفر للعلاج في الخارج ، كما إلتقى فضيلة القاضي حمود عبدالحميد الهتار رئيس المحكمة العليا الذي أكد له بأنه والنائب العام كانوا يتابعون قضيته في صنعاء ومهتمون بها عندما كانوا في الرياض وصرف مساعدة مادية قدرها 480 ألف ريال يمني قيمة تذاكر سفر له ولمرافقه إلى القاهرة في جمهورية مصر العربية للعلاج الذي وصلها في تاريخ 26 أكتوبر 2017م حيث عرض نفسه للفحوصات الطبية الكاملة الذي كلفته 1000دولار بعد ظهور نتائج الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي والتحاليل تبين ظهور انزلاق غضروفي في العمود الفقري (الفقرتان 3 ، 4) تتطلب إجراء عملية جراحية مستعجلة حيث قد يتعرض للشلل عند تأخر إجرائها ..

 

  في جمهورية مصر العربية تعرض القاضي عبده الزبيدي لنكسة نفسية كونه لايمتلك المال لإجراء العملية، بحيث كانت تكاليف إقامته من سكن ومصاريف معيشة قد كلفت 500 دولار أمريكي فلم يتبق من مبلغ المساعدة المادية سوى 500 دولار، وقد تواصل برئيسة نادي القضاة الجنوبي القاضية صباح علواني حيث سعت بعمل وجهد تشكر عليه بتواصلها مع رئيس مجلس القضاء الأعلى الدكتور علي ناصر سالم حيث وجه بصرف له مساعدة مادية قدرها  1000دولار والنائب العام وجه له بصرف مبلغ 1000دولار أرسلت إليه إلى القاهرة لكن المبلغ المرسل لم يف بقيمة العملية التي كانت قيمتها تزيد على 5000 دولار، فاستدان باقي المبلغ وهو 4000 دولار من بعض أصدقائه وأقربائه المغتربين في دول الخليج العربي والذي لازال ديناً عليه لم يستطع رده لهم وتم إجراء العملية في أحد مستشفيات القاهرة، كما طلب منه إجراء عملية ثانية في العمود الفقري حيث يعاني صعوبة في القيام والجلوس لكنه لم يجد أحد لمساعدته مرة أخرى وعاد إلى أرض الوطن خائباً عاجزاً عن الحركة بشكل طبيعي في منزله في مدينة الضالع، وقد زاد آلام العمود الفقري عليه وما زال إلى الآن منتظراً الفرج من الله في مساعدته قبل أن تستفحل حالته الصحية وتؤدي إلى العجز الكامل إذا لم يقم بإجراء عملية أخرى في العمود الفقري .

 

     تـقـرير نـادي قـضـاة الـيـمـن :

   لعب نادي القضاة اليمني دوراً كبيراً في الكشف عن حالة الإخفاء القسري والتعذيب والعديد من الانتهاكات التي تعرض لها فضيلة القاضي عبده عبدالله حسن الزبيدي وذلك من خلال حضوره جلسات التحقيق أو المحاكمة وقد أطلق عليه [ القاضي المعذب ] في تقرير حقوقي نشره بتاريخ 9 أكتوبر 2018 م يرصد فيه ما تعرض له خلال (455) يوما وحتى صدور الحكم للفترة من 26 مارس 2016م إلى يوليو2017م، ويتحدث التقرير عن خلفية الاعتقال في اللحظات الأولى لتلقي البلاغ من قبل النادي بإن القاضي عبده الزبيدي قبض عليه كونه متورط في قضايا مع العدوان، وأنه متواصل مع رئيس النيابة السابق عبدالله الحاضري القابع في تركيا وثمة اتهام بأنه متورط بالتواصل المباشر مع العسيري ومحمد بن سلمان من يقوما بقيادة التحالف العربي.

 

    لقد أشار تقرير نادي قضاة اليمن بالتفصيل ماطال القاضي عبده الزبيدي من انتهاكات في مرحلة جمع الاستدلال، كما أشار التقرير الذي سيتم نشره كاملاً في الكتاب الذي سيتم إعداده من قبلنا عنه مستقبلاً بالقول حينما وصل القاضي المعذب إلى النيابة كان يستبشر خيراً يذكر بالزمالة ومبادئ القانون كان متفائل جداً بأن القانون حليفه ينتظر إطلاق سراحه لليقين بوجوب ذلك قانوناً وحينما رفعت جلسة التحقيق دون أن يغلق محضر التحقيق كنا نأخذ بيده أن القانون سوف يسود لا قلق أنت في النيابة العامة لم نعلم باستمرار الحجز وذهب في قبضة السجان في غياهب الضيم يبحث عن حقه بالحياة ما لبث لتفرج عنه المحكمة بالضمان ثم لم ير النور ذلك القرار!!.. وتكرر الأمر في الجلسات المحاكمة كان يتساءل فيأت الرد أنت مفرج ، وهو في وضع لاإنساني حرج جداً وهكذا باتت القناعة تتعزز أن لاسيادة للقانون حتى في الأجهزة الضامنة له.

 

  ولقد حدد القاضي عبده الزبيدي موقفه حيال ذلك في ليلة الإفراج عنه (لقاء الحرية) وهو يغادر قفص التعذيب عزز من فكرة قياس مدى فعالية ضمانات المحاكمة العدالة في الواقع، وهو يقول : (لا أفكر في الانتقام من أحد، ولقد وقفت كثيراً مع نفسي باحثاً عن أفعالي طوال فترة عملي القضائي لعل ذنب تسبب فيما أنا فيه، ولم أجد خطيئة قامت على باعث ضيق كما هو ظاهر لي، والمهم اليوم حال القضاء الذي نشدناه طويلاً إن لم نعش في ظلاله، أن لاتموت جهود الشباب في سبيل كينونته).

 

 القاضي الزبيدي في الصحافة الامريكية:

 

    نشرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية تنشر تقريرا لمدير مكتبها في القاهرة سودارسان راغافان وترجمه الموقع بوست عن ممارسات الحوثيين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم وتحديداً العاصمة صنعاء ، يكشف التقرير العديد من أساليب الانتهاكات التي تمارسها جماعة الحوثي، بما في ذلك التعذيب والاحتجاز والإخفاء القسري على نطاق واسع، وينقل شهادات لضحايا أعتقلهم الحوثيون، وقد نقلت الصحيفة شهادات لضحايا قابلتهم داخل اليمن.

 

وقال عبده عبدالله الزبيدي ، وهو قاضٍ سابق اتُهم بالعمل مع التحالف، إن مسلحين من الحوثيين ذهبوا إلى منزله وهددوا زوجته وأطفاله، وبعد سجنه يذكر أن الحراس *كانوا أحيانا يعصبون عينيه ويقيدونه ثم يضعون مسدساً على رأسه ويقولون له: "يمكننا أن نقتلك الآن"..

 

   ويقول الزبيدي صاحب الـ 56 عاماً ، الذي أمضى أكثر من عام في زنزانة قبل إطلاق سراحه في تبادل للأسرى للصحيفة:"أستخدموا العديد من الطرق لتخويفنا، مما جعلني أعتقد أنهم يستطيعون قتل عائلتي أو حتى قتلهم أمامي"!!.. وقال إن ظهره لايزال في حالة سيئة بسبب شهور من الصدمات الكهربائية والضرب ..

 

   ماذا يريد القاضي عبده الزبيدي من قيادة السلطة القضائية؟

 

 

   يقول القاضي عبده الزبيدي إن ماتعرض له من انتهاكات جسيمة تتطلب من قيادة السلطة القضائية ممثلة بمجلس القضاء الأعلى بشكل عام والنائب العام بشكل خاص الوقوف معه ومساعدته وذلك من خلال رد اعتباره لما لحقه من ضرر كتعويض جبر الضرر، والذي يتمثل بتعويضه مادياً ومعنوياً وصحياً ونفسياً، ذلك التعويض العادل لما لحق به من إيذاء جسدي ونفسي ومعنوي ومادي، حيث نهب منزله، وصودرت مقتنيات من منزله في صنعاء، ولم تعاد إليه تقدر بملايين الريالات المبينة تفصيلاً في حواره، واستكمال علاجه في مصر كون لديه عودة وخاصة بأنه لازال يعاني من آلام العمودي الفقري ( الفقرتان 3 و 4) التي تعيقه من الحركة بشكل طبيعي وتتطلب إجراء عملية أخرى قبل أن تستفحل حالته الصحية وتؤدي إلى العجز الكامل (الشلل)، وكذلك يطلب ترتيب وضعه الوظيفي المناسب وفقاً لدرجته كتعويض جبر الضرر له، نتمنى من قيادة السلطة القضائية الاستجابة لها.

 

   كما يوجه الشكر والتقدير للمنظمات الحقوقية اليمنية والدولية التي تضامنت معه ولكل من تضامن معه في وسائل التواصل الاجتماعي، كما يشكر الشيخ غالب مطلق الجحاف لموقفه المشرف لمتابعته وتنسيقه حتى نجح في إخراجه من سجن الأمن السياسي في صنعاء ، والشكر أيضاً للقاضي جمال الفهيدي والقاضي سليمان الصلوي من نادي قضاة اليمن على وقفتهم الشجاعة معه أثناء التحقيق لدى الأمن السياسي وجلسات المحاكمة في صنعاء ، ثم تكريمه بدرع النادي بتاريخ 9 أكتوبر 2018م وإصدارهم كتاب يتضمن سلسلة الانتهاكات التي تعرض لها، وكذلك يشكر رئيسة نادي القضاة الجنوبي القاضية صباح علواني وموقف النادي الصادر في ديسمبر 2016م الذي أعتبر القاضي عبده عبدالله الزبيدي أسيراً، وأوصى المقاومة الجنوبية بأخذ ذلك بعين الاعتبار عند أول عملية تبادل أسرى قادمة، وهذا ما تحقق فعلاً بالإفراج عنه قبل أن تحكم المحكمة الجزائية المتخصصة بإعدامه في تهمة كيدية كاذبة..

متعلقات