مهمة مارتن غريفيث تصل إلى محطتها الأخيرة في اليمن
راي اليمن - صحف

 أكدت مصادر سياسية لـ”العرب” وصول دور المبعوث الإممي إلى اليمن مارتن غريفيث إلى نهايته في ظل إصرار الحكومة الشرعية على عدم التعامل معه واعتباره وسيطا أمميا غير محايد.

ووفقا للمصادر لم تفلح الرسالة التي بعثها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في طمأنة الشرعية بالرغم من الوعود التي جاءت في طيات الرسالة التي تضمنت تلميحات لتغيير في نهج المبعوث الأممي الذي أثارت زياراته المتتالية لصنعاء ولقاءاته بزعيم الجماعة الحوثية ومواقفه الملتبسة إزاء اتفاقات السويد، غضب الحكومة اليمنية التي اتهمته بالانحياز للحوثيين والسعي لتجزئة اتفاق ستوكهولم وخلق مرجعيات جديدة للحل السياسي في اليمن والزج بأطراف أخرى في دائرة الصراع اليمني المحتدم.

وكشفت مصادر دبلوماسية لـ”العرب” عن حديث خافت يتردد في أروقة الأمم المتحدة حول البديل المحتمل لغريفيث، ويتصدر اسم المبعوث السابق إلى ليبيا الألماني مارتن كوبلر قائمة المرشحين لهذا المنصب.

واعتبر مراقبون سياسيون أن انتقال الخلاف حول قضايا أساسية وجوهرية في الملف اليمني وتفاصيل تنفيذ اتفاقات السويد إلى الخلاف حول طبيعة عمل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن انعكاس حاد لتعقيدات الملف اليمني وفشل الأمم المتحدة في إحداث أي اختراق سياسي في مسار الحرب وإخفاقها في دفع الأطراف اليمنية نحو مائدة الحوار وإيجاد قواسم مشتركة لتسوية سياسية تجمع عليها تلك الأطراف.

ورجحت مصادر سياسية يمنية لـ”العرب” أن تتمسك الحكومة اليمنية بموقفها المتشدد تجاه المبعوث الأممي مارتن غريفيث وأن تطالب بتعيين مبعوث جديد سيكون الرابع في قائمة المبعوثين الدوليين لليمن منذ العام 2012.

وبدأت الأمم المتحدة دورها في اليمن عبر المبعوث الأسبق جمال بنعمر الذي أشرف على العملية الانتقالية التي تلت تنحي الرئيس الراحل علي عبدالله صالح عن السلطة في اليمن، وصولا إلى عقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل في العام 2013، غير أن جهوده انهارت فجأة بعد الانقلاب الحوثي في سبتمبر 2014. واُتهم بنعمر بشرعنة الانقلاب من خلال دوره في إخراج ما سمي باتفاق السلم والشراكة عشية الانقلاب الحوثي، وهو الاتفاق الذي وقع في منزل الرئيس هادي في صنعاء في الوقت الذي كانت الميليشيات الحوثية تسقط فيه مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء.

وعلى ذات المنحى خاض المبعوث إسماعيل ولد الشيخ أحمد مهمته في اليمن التي وصلت إلى نهاية المطاف بعد فشل مشاورات الكويت التي استمرت قرابة مئة يوم وانهارت بعد رفض الحوثيين التوقيع على بنود مسودة اتفاق حول ترتيبات مرحلة انتقالية جديدة في اليمن، واضطرت الأمم المتحدة إلى إنهاء مهمة ولد الشيخ بعد أن تحول إلى جزء من المشكلة في اليمن نتيجة رفض الحوثيين استقباله أو التعامل معه، وهو ذات المشهد الذي يتكرر اليوم من خلال رفض الحكومة اليمنية التعاطي مع المبعوث مارتن غريفيث.

واعتبر مراقبون أن فشل المبعوث الأممي إلى اليمن في تنفيذ اتفاق السويد بعد أكثر من خمسة أشهر على توقيعه واللجوء إلى عقد اتفاقات ثنائية مع الحوثيين للقيام بانسحاب أحادي من موانئ الحديدة وصفته الحكومة الشرعية بالمسرحية، بمثابة محاولات الساعات الأخيرة من قبل غريفيث لإحراز انتصار وهمي، ما ساهم في تعقيد الأزمة.

ويقلل مراقبون سياسيون من فرص نجاح الجهود الأممية في التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن في ظل التعقيدات المحلية والإقليمية والدولية التي تحيط بتفاصيل الملف، بالنظر إلى طبيعة الحرب اليمنية التي تتشابك خلفياتها ما بين السياسي والجهوي والمذهبي، فضلا عن الارتباطات الإقليمية والدولية والتعقيدات الجيوسياسية لهذه الحرب.

وعزز تصاعد الهجمات الحوثية على السعودية في الآونة الأخيرة من مؤشرات البعد الإقليمي في الصراع اليمني، حيث استهدف الحوثيون مصالح حيوية في السعودية من بينها محطات ضخ النفط جنوب الرياض، في رسالة ذات طابع إيراني، تؤكد أن القرار الحوثي ليس في صنعاء ولا صعدة، بل في طهران وقم.

ويرى العديد من المراقبين أن فرص عقد تسوية سياسية في اليمن في منأى عن الصراع الدولي الذي يلوح مع إيران باتت شبه مستحيلة، وهو الأمر الذي ألقى بظلاله إلى حد كبير على مواقف الدول الكبرى في الرباعية الدولية وخصوصا الولايات المتحدة التي باتت تتعاطى مع الملف اليمني كجزء من الصراع مع النظام الإيراني.

وتترافق مؤشرات انهيار المسار السياسي في اليمن مع تطورات تؤكد قرب استئناف المواجهات العسكرية وخصوصا في الحديدة واحتمال اتساع دائرة الصراع الذي يتوقع مراقبون أن يتحول إلى حرب شاملة في حال اندلعت مواجهات عسكرية مع إيران التي تراهن إلى حد كبير على دور أذرعها العسكرية خصوصا في اليمن ولبنان والعراق في خوض حرب استنزاف بالوكالة.

ويشير الخبراء إلى أن معركة الحديدة بمثابة حجر الزاوية في أي صراع مفتوح وشامل مع الميليشيات الحوثية وهي المعركة التي ستلقي بظلالها على مسار الحرب في اليمن في حال تم حسمها نظرا لأهمية الحديدة الاستراتيجية اقتصاديا وعسكريا، وقدرتها على تغيير مسار الحرب.

متعلقات