يعود ملف التواجد العسكري الإماراتي في اليمن ضمن التحالف السعودي الإماراتي، إلى الواجهة من جديد، بعد المعلومات عن بدء انسحاب مجموعة من القوات السودانية من الساحل الغربي لليمن وتسليم مواقعها لقوات يمنية. فكيف تتوزع خارطة انتشار هذه القوات في اليمن، وما هي الأدوار التي قامت بها خلال أربع سنوات ونصف من الحرب؟
بداية المشاركة
في مارس/آذار من العام 2015، أعلن وزير الدفاع السوداني المكلف وقتها، الفريق أول ركن مصطفى عثمان عبيد، عن مشاركة الجيش السوداني في "تحالف الحزم" في اليمن من منطلق "المسؤولية الإسلامية لحماية أرض الحرمين الشريفين والدين والعقيدة". ومنذ ذلك الوقت ظلت القوات السودانية المكوّنة من الأركان البرية والبحرية والجوية، تقاتل في صفوف التحالف بقيادة السعودية في اليمن، حتى بلغ عددها 30 ألف جندي طبقاً لتصريحات صحافية سابقة لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
أولى الفرق العسكرية التي أرسلتها الخرطوم للمشاركة في "عاصفة الحزم" عام 2015، حملت اسم "لواء الحزم"، وتشكّلت من جنود وضابط صف وضابط من الجيش السوداني من دون مشاركة من قوات الدعم السريع. وبحسب مصدر أمني سوداني رفيع تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن الفرقة الأولى من الجيش السوداني أُرسلت إلى الحد الجنوبي السعودي مع اليمن وبقيت لمدة عام، ثم أعيدت في 2016، وجرى استبدالها بفرقة أخرى مكثت لمدة عام. وقال المصدر إن القوات السودانية في اليمن ترسل لواء أو فرقة سنوياً إلى الحدود الجنوبية مع اليمن، مع إرجاع أي فرقة بقيت هناك لأكثر من عام، موضحاً أنه "توجد حالياً في الحدود الجنوبية السعودية مع اليمن الفرقة الخامسة، ويتم الترتيب لإرسال الفرقة السادسة التي يجري إعدادها حالياً في منطقة مروي شمال السودان من أجل وضعها في الحد الجنوبي السعودي".
ويقوم الجيش السوداني في اليمن بمهام متعددة بخلاف مهمته الأساسية، وهي المهمة القتالية، إذ يتولى تأمين المقار الحكومية الرسمية. وقال مصدر عسكري لـ"العربي الجديد" موجود في الحدود الجنوبية السعودية مع اليمن، إن لواء أو فرقة من الجيش السوداني تتواجد داخل اليمن وتتكوّن من أربعة آلاف جندي يقودها ضابط برتبة لواء، تقوم بتأمين المقار الحكومية مثل قاعدة العند، وكذلك تتواجد في القصور الرئاسية والمناطق الحساسة، كما أن هناك ضباطاً مهندسين يعملون في الساحل الغربي لمنطقة الحديدة.
أما بالنسبة لقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، فلديها مشاركة منفصلة في حرب اليمن، وبعيداً عن قيادة الجيش السوداني. وبحسب المصدر العسكري الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن هذه القوات تعمل بطريقة مختلفة عن الجيش، إذ يقوم الأخير باستبدال قواته كل عام، بينما تقوم قوات الدعم السريع باستبدال جنودها كل ثلاثة إلى ستة أشهر، وهي تنتشر داخل اليمن وتقاتل تحت إمرة قيادتها المباشرة والقيادة الإماراتية في الوقت نفسه.
ما وراء الانسحاب؟
أما عن انسحاب الجيش السوداني من اليمن، فقال مصدر من القوات السودانية في اليمن لـ"العربي الجديد" إن القوات التي انسحبت تتكوّن من عناصر "الدعم السريع"، وكانت ضمن قوة مشتركة مع القوات الإماراتية، مضيفاً أن "قوات الدعم السريع انسحبت بأوامر من الجيش الإماراتي من بعض المناطق ولكنه ليس انسحاباً نهائياً".
لكن الخبير العسكري السوداني، الفريق أمن حنفي عبد الله، قال إن القوات الإماراتية لم تنسحب وكذلك الجيش السوداني، موضحاً أن تواجد القوات السودانية في اليمن ليس مرتبطاً بانسحاب أبوظبي أو بقائها بل بقرار من المجلس العسكري الانتقالي حالياً، ولاحقاً سيكون بيد مجلسي السيادة والوزراء. وأضاف عبد الله في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه لا يتوقع انسحاب الجيش السوداني من اليمن وفقاً لتوجيهات السعودية أو الإمارات، بل سينسحب بقرار من القيادة السودانية.
من جهته، قال الخبير العسكري السوداني اللواء يونس محمود، إن الجيش السوداني والدعم السريع مستمرون في حرب اليمن ولن ينسحبوا من منتصف المعركة. وأضاف لـ"العربي الجديد": "حتى الآن لم يُهزم الحوثيون ولم يكسب التحالف المعركة، وبالتالي لا مبرر لانسحاب الجيش أو الدعم السريع من اليمن". ولفت إلى أن "القوات الإماراتية انسحبت لأنها خرقت المتفق عليه وقامت بالسيطرة على الجزر والموانئ، وهذا جلب عليها غضب المجتمع الدولي، لذلك قامت بانسحاب جزئي وإعادة تموضع لقواتها، أما القوات السودانية فلن تنسحب إلا بقرار من قيادتها".
الوجود العسكري السوداني في اليمن، كان قد قوبل بانتقادات داخلية، حتى أن نواباً شنّوا في أوقات سابقة هجوماً على الحكومة السودانية وطالبوا بسحب الجيش والدعم السريع من اليمن. إلا أن الرئيس المخلوع عمر البشير لم يأبه بتلك الأصوات وقرر إبقاء الجيش في اليمن. وكان من أبرز تلك الأصوات القيادي في حركة "الإصلاح الآن" حسن رزق، الذي ما زال متمسكاً بموقفه، وقال لـ"العربي الجديد" إن انسحاب الجيش والدعم السريع من اليمن بات أمراً ملحّاً لا سيما بعد انسحاب القوات الإماراتية. وأضاف: "إذا لم يكن الانسحاب كلياً يجب أن يتم سحب قواتنا من مناطق القتال إلى تأمين المرافق الحكومية"، متابعاً "إذا أرادت السعودية بناء علاقات إيجابية مع السودان، عليها ألا تشترط مشاركتنا في حرب اليمن، وهي تقيم علاقات مع دول لم تشارك في هذه الحرب مثل مصر".